المنتدى القـــانوني للمحـــامي عصــــام البــــاهلي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المنتدى القـــانوني للمحـــامي عصــــام البــــاهلي

منتدى قانونية يقدم خدمات شاملة في مجالات المحاماة والاستشارات القانونية ( العـــدالة ) رسالتنا و( الحق ) غايتنا وايمانا منا بان المحاماة رسالة سامية نقدم هذا الموقع المتخصص للقانونيين


    بحث حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 307
    تاريخ التسجيل : 18/05/2010

    بحث حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية Empty بحث حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية

    مُساهمة من طرف Admin 12.07.18 8:49


    بحث هام وكامل حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية(1)


    المبحث الأول: الآثار المادية و أصنافها و العوامل المؤثرة فيها
    المبحث الثاني: الأدلة المادية و علاقتها بالآثار المادية.

    المطلب الأول :
    أ تعريف الآثار المادية لغة و اصطلاحا و أصنافها.
    ب ـ تعريف مسرح الجريمة .

    1- تعريف الأثر المادي :

    لغة : يطلق الأثر على بقية الشيء ، وجمعه أثار ، وأثور ويقال خرجت في أثره أي بعده ، والأثر ما بقي من رسم الشيء ، وأثر في الشيء ترك فيه أثرا ، ويقال على أثر أي في الحال ما كان مقابل العين كالقول ” يطلب أثرا بعد عين ” و هو مثل يضرب لمن ترك شيئا يراه ثم تبع أثره بعد فوات عينه.

    اصطلاحا: يمكن تعريف الأثر المادي بأنه عبارة عن علامة ظاهرة أو غير ظاهرة بمسرح الجريمة أو عالقة بالمتهم أو المجني عليه ، تساعد على كشف الحقيقة من حيث إثبات وقوع الجريمة وتحديد مرتكبيها وظروف ارتكابها ، على هذا الأساس قد تتخلف الآثار المادية من الجاني كالبصاق أو المني والعرق والبصمة والشعر و الدم والرائحة ، أو من الآلة التي يستخدمها في ارتكاب الجريمة كآثار الأسلحة النارية والسكين والعصا وغيرها من الآلات المستخدمة في الجريمة ، أو من ملابسه كقطعة من الملابس التي يرتديها مزقت أثناء ارتكابه الواقعة أو زر قطع وسقط في مسرح الجريمة ، وكما يترك الجاني آثار بمسرح الجريمة يأخذ منه آثارا مثل الأشياء التي تعلق به أثناء ارتكابه الجريمة (1) .

    إذا الأثر المادي هو كل ما يعثر عليه المحقق في مسرح الجريمة وما يتصل به من أماكن أو في جسم المجني عليه أو ملابسه أو يحملها الجاني نتيجة احتكاكه وتلامسه مع المجني عليه و ذلك بالعثور عليه بإحدى الحواس أو باستعمال الأجهزة العلمية والتحاليل الكيميائية .

    ومهما بلغت درجة ذكاء المجرم ودرايته بالعلوم الحديثة ومحاولته عدم ترك آثار بمسرح الجريمة تدل على شخصيته ، إلا أنه يترك سهوا أو يتخلف عنه أثر يمكن أن لا يرى بالعين المجردة وذلك طبقا لنظرية “إدموند لوكارد” ?? كل مجرم يترك في غالب الأحيان دون علمه في مكان ارتكاب جريمته آثارا ويأخذ على شخصه أو ثيابه أو أدواته آثارا أخرى) ، بمعنى أن كل إحتكاك يترك أثرا سواء في الجسم الذي أحدث الاحتكاك أو الآخر الذي وقع عليه الاحتكاك ، غالبا ما يكون الأثر هو انتقال مادة من كل من الجسمين إلى الأخر ويتوقف ذلك على عدة عوامل أهمها الحالة التي عليها الجسمان من صلابة أو ليونة أو غازية أو سائلة وكيفية تلامسهما ، وهذا ما يحدث بالضبط في حوادث السيارات حينما

    تحتك سيارة بأخرى فإن جزءا ولو صغيرا من الطلاء أو المعدن لكلتا السيارتين ينتقل إلى الأخرى وبالتالي ترتبط السيارتين أحداهما بالأخرى في الحادث إذا ما حاول أحد السائقين إنكار دوره في الحادث .

    وقد يحاول المشتبه فيه غسل ملابسه الملوثة بالدماء أو ارتداء قفاز في يديه حتى لا يترك بصماته أو دفن جثة القتيل في مكان لا يعرفه أحد ، إلا أنه رغم ذلك يترك آثار بمسرح الجريمة أو تعلق به آثار بجسمه أو لباسه أو أدواته التي أرتكب بها الجريمة تدل على ارتكابه للجريمة وذلك طبعا حسب قدرة المحقق أو تقني مسـرح الجريمة وخبرتـه في استخدام الآلات والوسائل الحديثة التي تمكنه من الكشف على الأثر المادي الذي تركه الجاني بمسرح الجريمة ورفعه وتحريزه وإرساله إلى المخبر .

    2- تصنيف الآثار المادية :
    هناك عدة تصنيفات للآثار المادية ، إلا أنه ليس لعملية التصنيف أية قيمة من الناحية العملية بل هي مسألة تنظيمية فقط وهي تصنف كما يلي:

    أ- حسب حجمها: فهناك الآثار المادية التي يكون حجمها كبير والتي تلفت نظر الجاني إليها وعادة يحاول إخفائها كالمسدس أو الآلات بمختلف أنواعها، آثار مادية صغيرة الحجم وهي التي تسقط من المتهم أو تعلق من مسرح الجريمة ولا تثير انتباهه كالألياف والتربة .
    ب- حسب مصدرها وطبيعتها: منها آثار حيوية مصدرها جسم الإنسان كالدم ، إفرازات جسم الإنسان ، الرائحة أو آثار ذات مصادر أخرى (غير بيولوجية) كالملابس الأدوات المستخدمة في الجريمة ، الزجاج ، التربة .

    ج- حسب مكوناتها: قد تكون صلبة كالسلاح ، أو سائلة مثل البنزين أو الدم أو غازية كالغاز الطبيعي ، أو رائحة .
    د- حسب ظهورها: فهناك الآثار المادية الظاهرة التي يمكن إدراكها بالعين المجردة كالزجاج ، المقذوفات وهناك الآثار المادية الخفية التي لا تدرك بالعين المجردة والتي يتطلب كشفها الاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة لكشفها كالبصمات غير الظاهرة أو آثار الدم المغسول .

    ب ـ تعريف مسرح الجريمة : هو المكان الذي انتهت فيه أدوار النشاط الإجرامي ويبدأ منه نشاط المحقق الجنائي وأعوانه بقصد البحث عن الجاني من واقع الآثار التي خلفها في مسرح الجريمة والتي تعد بمثابة الشاهد الصامت ، الذي إذا أحسن المحقق الجنائي استنطاقه حصل على معلومات مؤكدة لا يخونها التعبير ولا تؤثر فيها المؤثرات الاجتماعية وتصنف بالثبات والدوام .

    يعرف مسرح الجريمة أيضا بأنه المكان الذي تنبثق منه كافة الأدلة ويعطي ضابط الشرطة شرارة البدء في البحث عن الجاني ويكشف النقاب عن الأدلة المؤيدة للاتهام ، ويصلح لإعادة بناء الجريمة ، ويقال بأن مسرح الجريمة ، المكان أو مجموعة الأماكن التي تشهد مراحل تنفيذ الجريمة واحتوى على الآثار المتخلفة عن ارتكابها (2) .

    المطلب الثاني : العوامل المؤثرة على الآثار المادية.

    يتعرض الأثر المادي أحيانا إلى تأثيرات وتغييرات يصعب معها الربط بين الأثر ومصدره ، وتؤدي في بعض الأحيان إلى إزالته نهائيا ، ومن هذه العوامل ما يلي :

    1- الجاني : وهو الشخص الذي يرتكب الجريمة والذي يسعى بكل الطرق لإخفاء الآثار
    التي تدل على أنه هو الفاعل .

    2-المجني عليه أو أهله : يمكن للمجني عليه أو أهله أن يساهموا بغير قصد في تغيير
    مسرح الجريمة وذلك في التأثير على الآثار الموجودة به كأن ينظفوا الأرضية التي تحتوي على بقع الدم أو تنظيف الزجاج المحطم أو إزالة المخلفات التي تركها الجاني .

    3-التدخل الخارجي : هو تدخل أشخاص غير مختصين في مسرح الجريمة لرفع الأثر

    المادي بصورة غير صحيحة مما يؤدي إلى تلفه.

    (2) د – معجب مهدي الحويقل: دور الأثر المادي في الإثبات الجنائي – أكادمية نايف العربية للعلوم الأمنية 1999 ص 15

    4- الجمهور: قد يندفع إلى مكان الحادث لمشاهدته ، فيؤدي ذلك إلى إتلاف الآثار المادية
    لمسرح الجريمة .

    5-تقديم الإسعافات للضحية : عند تقديم الإسعافات من طرف الأطباء أو الممرضين يمكن
    أن يؤِدي ذلك إلى تعرض الآثار للتلف أو الضياع .

    6-العوامل الطبيعية : تحدث بعض الجرائم في العراء وفي الأماكن المكشوفة مما
    يؤدي إلى تعرض الآثار للتلف أو الضيـاع نتيجة تعرضها للأمطار أو الريـاح أو الرطوبة .

    7- العناصر المكونة للجريمة : كالحريق الذي يؤدي إلى إتلاف الآثار .

    المطلب الثالث : أهمية الآثار المادية في التحقيقات الجنائية.

    يمكن حصر أهمية الآثار المادية في ما يلي :

    – تساعد على تحديد شخصية صاحب الآثار ، بطريقة مباشرة كبطاقة الهوية أو رسالة أو
    أشياء تحمل اسم صاحبـها أو بطريقـة غير مباشرة كآثار الأقدام أو البصمات أو الشعر أو الدم ، بعد ذلك مضاهاتها أو مقارنتها بمثيلاتها للمشتبه فيهم.
    – تسمح بالتصنيف الصحيح للجريمة : مخالفة ،جنحة أو جناية .
    – تحديد دور كل عنصر في الجريمة .
    – تساهم في تأييد أو نفي أقوال الشهود ، المجني عليه أو المشتبه فيه .
    – الآثار هي الأدلة التي تقام ضد المشتبه فيه وتثبت ارتكابه الجريمة أو تبرئته .
    -تكشف بعض الآثار عن عادات تاركها أو صفاته ، فأعقاب السجائر تشير إلى عادة
    التدخين وآثار العنف تدل على شراسة الطباع ، وقد تكشف آثار الأقدام عن عيوب أو عاهات خلقية لتاركها .
    – تساهم الآثار في جلاء الغموض المحيط ببعض النقاط في المراحل الأولى للتحقيق والتي تظهر أهميتها في ما بعد .
    -تسمح بتضييق دائرة البحث لفحص الآثار المتروكة والتي يمكن تحديد نوعها وشكل الأدوات التي استخدمت في إحداثها .
    -تكشف بعض الآثار عن الطريق الذي سلكه المشتبه فيه في حضوره لمسرح الجريمة وفي انصرافه منه بعد ارتكابه الفعل الإجرامي أو الوصول إلى المكان الذي يختبئ فيه أو أخفى فيه الأشياء المسروقة .
    – تسهيل الربط بين الجرائم الصادرة من شخص واحد نتيجة لأسلوبه الإجرامي واستخدامه لنفس الآلات والأدوات في ارتكاب جرائم أخرى.

    -تساعد المحقق على تحديد المشتبه فيه ومن الممكن الإشارة إلى نوع عمله .
    -تقوي الآثار الأدلة القائمة أمام المحقق وإمداده بأدلة جديدة ناتجة عن فحص الآثار
    كإثبات أن الطلقة التي أصابت المجني عليه انطلقت من المسدس المضبوط عند المشتبه فيه .

    هل يمكن للمجرم تفادي ترك الآثار المادية ؟ نجيب بما يلي :

    مهما بلغت درجة ذكاء المجرم في الحرص لعدم ترك ما يدل على شخصيته أو احتياله وإخفاء أي أثر قد ينتج عنه أو عن جريمته ، كغسل ملابسه الملوثة بالدماء أو ارتداء قفاز في يديه حتى لا يترك بصماته ، أو دفن جثة القتيل في مكان لا يعرفه أحد ، إلا أنه يترك سهوا ما يدل على شخصيته ، أو يتخلف عنه أثر ضئيل الحجم لا يرى بالعين المجردة ، وهذا بسبب حالته العصبية المتوترة ، خاصة في لحظات ارتكاب الجريمة ، التي تؤدي به إلى القيام بالعديد من الحركات ذات طابع تشنجي في الغالب مما يؤدي الى وقوعه في أخطاء محددة ، تؤدي إلى تخلف الآثار ، بالإضافة إلى استعمال الوسائل العلمية الحديثة الجد متطورة والتي لها قدرة جد عالية في كشف الآثار مهما كانت خفية أو ضئيلة .

    المبحث الثاني: الأدلة المادية و علاقتها بالآثار المادية.

    المطلب الأول : تعريف الدليل لغة و إصطلااحا.

    تعريف الدليل :

    لغة : ما يستدل به ، ويقال فلان أدل فلان ، والدليل المرشد والجمع أدلة ودلالات .

    اصطلاحا : الدليل هو كل ما يلزم من العلم به علم شيء آخر وهو كل ما يمكن التوصل به إلى معرفة الحقيقة . ويقال عن الدليل بأنه الوسيلة التي يستعين بها القاضي للحصول على الحقيقة التي ينشدها (3) .

    الأدلة الجنائية : إن الأدلة الجنائية هي عبارة عن الوقائع المادية والمعنوية التي يتم معرفتها أو اكتشافها والتي تؤدي إلى كشف الجريمة و إجلاء الغموض الذي يكتنفها والتوصل إلى الحقيقة الكاملة .

    المطلب الثاني : تصنيف الأدلة المادية و الفرق بين الدليل و القرينة.

    (3) د – معجب مهدي الحويقل – مرجع سابق ص 86

    1- تصنيف الأدلة الجنائية :
    تصنف الأدلة الجنائية إلى أربعة أصناف هي:
    أ‌- من حيث نوعية الدليل :

    أدلة مادية : وهي عبارة عن الأثر المادي الذي يعثر عليه بمسرح الجريمة والذي تم إجراء الاختبارات أو التحاليل أو المضاهاة عليه ويثبت إيجاد صلة بينه وبين المتهم سواء سلبا أو إيجابا .

    أدلة معنوية : وهي عبارة عن الأقوال مثل الشهادة أو الاعتراف حيث لم تعد سيد الأدلة كما في السابق بسبب تعرضها للعوامل النفسية وإمكانية التغيير .

    ب‌- من حيث صلة الدليل بالجريمة :

    أدلة مباشرة : هي الأدلة التي تنصب على الجريمة مباشرة وتؤدي إلى اليقين في مضمونها كالاعتراف أو البصمة.

    أدلة غير مباشرة : وهي كل ما استنتج من وجود واقعة ليس هي المراد إثباتها، ومن تلك الأدلة المتحصل عليها بالوسائل العلمية حيث تزيد في درجة الاتهام ولكن من الممكن إثبات عكس ذلك كرؤية شخص يخرج من عند شخص آخر في ساعة متأخرة من الليل ،حيث يقتل هذا الأخير فهذا يزيد من الاقتناع أن الأول هو من ارتكب الفعل خاصة مع وجود أدلة ، غير أنه يمكن لهذا الشخص أن يثبت أنه فارق المتوفى وهو على قيد الحياة .

    ج- من حيث الإثبات والنفي :

    أدلة إثبات : وهي الأدلة التي وجودها يثبت التهمة على المتهم مثل وجود المسروقات بحوزته .

    أدلة نفي : هي الأدلة التي وجودها ينفي التهمة عن الشخص كإثبات المشكوك فيه سفره وقت ارتكاب الجريمة .

    د – من حيث وجود النص الشرعي :
    أدلة قانونية : التي يوجد عليها نص من المشرع كالاعتراف .
    أدلة إقناعية : وهي الأدلة التي تقنع القاضي بارتكاب المتهم للجريمة كوجود بصمة المتهم في مكان الحادث ومعظم الأدلة المادية هي أدلة إقناعية .

    2- تعريف الدليل المادي : هو الحالة القانونية التي تنشأ عن ضبط الأثر المادي ومضاهاته وإيجاد صلة بينه وبين المتهم باقتراف الجريمة ، وهذه الصلة قد تكون إيجابية فتثبت الواقعة أو سلبية عندما تنفي علاقة المتهم بالجريمة (4) .

    إذا كل أثر يتركه المشتبه فيه أو يأخذه من مسرح الجريمة أو الضحية ويدل على وقوع الجريمة، بعد فحصه ونسبته إليه هو ما يطلق عليه بالدليل المادي .

    كما يمكن تعريف الدليل المادي بأنه هو عبارة عن الأثر المادي الذي يعثر عليه بمسرح الجريمة والذي تم إجراء جميع الاختبارات أو المضاهاة أو المقارنة الفنية عليه واكتسب العلامات والمميزات الدقيقة التي تجعل منه دليلا يعتمد عليه في البراءة أو الإدانة .
    فمثلا البصمة قبل الفحص تعتبر أثرا ماديا عند العثور عليها بمسرح الجريمة ولكن بعد الفحص والمضاهـاة تدل سلبا أو إيجابا على ملامسـة المشتبه فيه لجسم أو أداة أو شيء معين .

    3 – الدليل والقرينة :

    للتفرقة بين الدليل والقرينة لا بد أن نعرف القرينة .

    لغــة : القرينة جمعها قرائن ، ويقال قرن الشيء بالشيء وصل به ، واقترن الشيء
    بغيره أي صاحبه والقرين الصاحب ، وتقارن الشيئان تلازما وقد ورد هذا المعنى في القرآن الكريم في قوله تعالى ” َوَمنْ َيكُنْ الشَيْطَانُ لَهُ قَِرينًا فَسَاءَ قَِرينًا ” سورة النساء الآية 38 ، وقوله عز وجـل ” َوقَالَ قَِرينُهُ هَذَا مَا لَدَيَ عَتِيد” سورة ق الآية 23 .

    شرعا: عرفها الجرجاني بأنها ” أمر يشير إلى المطلوب ” ، وقيل عن القرينة بأنها كل
    “أمارة تقارن شيئا خفيا فتدل عليه ” . ومن القرائن ظهور علامات الثراء على المتهم بالسرقة أو الاختلاس .

    قانونا: القرينة تعرف بأنها استنتاج الواقعة المطلوب إثباتها من واقعة أخرى قام عليها
    دليل بإثبات ، ويقال عن القرائن بوجه عام في الاصطلاح القانوني : استنباط مجهول من معلوم .

    نحن هنا بصدد الدليل المستمد من الأثر المادي ، فإن كانت النتيجة بعد فحص الأثر يقينية فمعنى ذلك الحصول على الدليل ، أما إذا كانت النتيجة أقل قيمة لا يعتمد عليها في الإدانة لأسباب شرعية ، أو مطاعن قانونية قيل عنها قرينة ، أي أن الدليل لا يحتاج إلى أدلة أخرى أما القرينة فتحتاج إلى المساندة بقرائن أو أدلة تؤكدها سواء في حالة الإدانة أو في نفي
    التهمة ، خاصة إذا كانت ضعيفة كما ورد في تقسيـم القرائن لدى فقهاء الشريعة
    الإسلامية ( قرائن قوية وضعيفة ) (5) .

    المطلب الثالث : الفرق بين الأثر المادي و الدليل المادي.

    إن الدول الأنجلوسكسونية والولايات المتحدة الأمريكية لا يفرقون بين الأثر المادي والدليل المادي ، حيث اعتادوا على إطلاق لفظ الدليل المادي والأثر المادي عل ما يعثر عليه بمسرح الجريمة أو على الأشخاص المشكوك فيهم من مواد أو آثار تفيد في كشف الحقيقة وتحديد الجناة .

    غير أن أغلبية الدول يفرقون بين الأثر المادي والدليل المادي ، حيث أن الأثر المادي هو كل ما يتركه الجاني في مسرح الجريمة أو في الأماكـن المحيطة أو المجـاورة أو المتصلة بها أو ما يأخذه منه ، أو كل ما يوجد على جسم الضحية أو المتهم أو بأي جسم له علاقة بالحادث يمكن الاستدلال منها على حقيقة الجريمة وكيفية وقوعها والوصول لمعرفة مرتكبيها .

    أما الدليل المادي فهو الحالة القانونية التي تنشأ عن ضبط الأثر المادي ومضاهاته أو تحليله وإيجاد صلة بينه وبين المشكوك فيه باقتراف الجريمة سواء سلبا أو إيجابا ، فالأول يدل على أطراف الواقعة وعلاقتهم بمسرح الجريمة ، فكما يدل على وجود المشتبه فيه بمسرح الجريمة يدل كذلك على وجود الضحية وكل من ترك أثرا بمسرح الجريمة شارك فيها أو لم يشارك ، أما الثاني فهو ما يتركـه المشتبـه فيه أو يأخذه من مسرح الجريمـة أو الضحية ويدل على وقوع الجريمة .

    (5 ) د – معجب مهدي الحويقل – مرجع سابق – ص 78 وما يليها

    فمثلا آثار استعمال الجاني لآلة بمسرح الجريمة أو على جسم الضحية يعتبر أثرا ماديا ، وبعد فحص هذا الأثر ومقارنته بأثر الآلة المشتبه في استعمالها ووجود تشابه بين الاثنين فإن ذلك يعتبر دليلا ماديا على أن هذه الآلة هي صاحبة الأثر .

    لهذا فإن الدليل المادي مرتبط بماديات ونوع الجريمة ونسبتها إلى مرتكبها ، أما الأثر المادي فهو أشمل وأعم ، فكما يستنتج منه إيجاد علاقة بين المشتبه فيه والجريمة يوجد أيضا العلاقة بين الضحية والجريمة .

    (1) – د. عبد الفتاح مراد – التحقيق الفني الجنائي – الإسكندرية – مصر – ص 70 .

    41) – د. عبد الفتاح مراد – مرجع سابق – ص 73.

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 307
    تاريخ التسجيل : 18/05/2010

    بحث حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية Empty رد: بحث حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية

    مُساهمة من طرف Admin 12.07.18 8:49



    بحث هام وكامل حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية(2)


    مدخـل :
    مع تقدم العلوم وتطورها خطى التحقيق الجنائي خطوات كبيرة لمواجهة استخدام المجرمين للوسائل العلمية والتكنولوجية الحديثة في اقتراف جرائمهم ، مما فرض على الأجهزة الأمنية استخدام الأسلوب العلمي والتقنيات الحديثة وأجهزتهما لكشف ومكافحة الجريمة ومرتكبيها ، حتى وصلت هذه العلوم والوسائل التقنية إلى نتائج كبيرة وبدقة عالية في كشف الجريمة ومرتكبيها .

    تطور أسلوب مقاومة الجريمة مع التطور العلمي والتكنولوجي واستفاد من العلوم التطبيقية ، حيث استخدم علم البصمات في تحقيق الشخصية ، علم التصوير في تسجيل صور المجرمين ومسارح الجريمة ، الطب في مجال التشريح وتحديد مدة وأسباب الوفاة علم البيولوجيا في التعرف على فصائل الدم ، الحمض النووي والبقع المختلفة ، علم الطبيعة والكيمياء في تحليل المواد للتعرف على حالات التسمم وفي تحاليل المخدرات ومعرفة تكوين المادة ، علم القذائف في تحديد سلاح الرمي ، اختبار الوثائق لكشف التزوير …الخ .

    المبحث الأول : العلوم الشرعية.

    المطلب الأول : البصمات و أهميتها في التحقيق الجنائي .

    عرف الإنسان البصمات منذ عصور ما قبل التاريخ ، فقد وجدت على نقوش في الصخور في أماكن متفرقة من العالم ، منها تلك التي وجدت في النقوش التي تظهر على الأواني الخزفية و الفخارية التي تركها البابليون والأشوريون والمصريون القدامى والصينيون واليابانيون وعل صخور جزيرة كافرينيس Caverinis على الشاطئ الشمالي لفرنسا. (1)

    ولعل أكبر دليل على استخدام بصمات الأصابع في التاريخ القديم تلك الوثيقة الموجودة في المتحف البريطاني والتي أصدرها أحد الضباط في الجيش البابلي بمناسبة صدور أمر إليه من رئيسه لإلقاء القبض على أحد الأشخاص ومصادرة أمواله وأخذ بصمات أصابعه ، إستنتج البعض من ذلك أن البابليين كانوا يحمون أنفسهم من التزوير في الإيصالات والعقود الهامة بواسطة وضع بصمة الإصبع على الآجر الذي كانوا يكتبون عليه الصكوك . (2)

    وفي تاريخ الصينيين القدامى ، نجد أنهم عرفوا استعمال بصمات الأصابع في علاقاتهم ، حيث أنه في عام 650 م إشترط القانون على الزوج الذي يطلق زوجته أن يحرر وثيقة مكتوبة بخط يده تتضمن سبعة أسباب تبرر الطلاق ، كما نص القانون نفسه أنه في حالة عدم معرفة الزوج القراءة و الكتابة أن يوقع على وثيقة الطلاق ببصمات أصابعه

    وثبت أيضا أن الصينيين إستخدموا بصمات الأصابع في القرن 13 م في الإجراءات الجنائية ولكن لا يعلم ما إذا كان استخدامهم لها مطابقا للطرق الحديث .
    لقد توصل العلم إلى سر البصمة في القرن التاسع عشر وثبت أن البصمة تتكون من خطوط بارزة في بشرة الجلد تجاورها منخفضات وتعلو الخطوط البارزة فتحات المسام العرقية، تتمادى هذه الخطوط وتتلوى وتتفرع عنها فروع لتأخذ في النهاية وفي كل شخص شكلا مميزا وقد ثبت أنه لا يمكن للبصمة أن تتطابق وتتماثل في شخصين في العالم حتى في التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة .

    يتم تكوين البصمة في الجنين في الشهر الرابع وتظل ثابتة ومميزة له طوال حياته و يمكن أن تتقارب بصمتان في الشكل تقريبا ولكنهما لا تتطابقان ، لذلك فإن بصمات الأصابع وراحة اليدين والقدمين تعتبر من أهم طرق تحقيق الشخصية وتعد دليلا قاطعا ومميزا لشخصية الإنسان معمولا به في كل بلاد العالم .

    خصائص البصمة : تتميز البصمة بالخصائص الثلاثة التالية:
    – ثبات شكل الخطوط الحلمية منذ إكتمال نموها حتى نهاية العمر حيث أنها آخر أجزاء الجسم في التحلل بعد الوفاة ، كما أن الجروح والتشوهات والحروق بالبشرة الخارجية لا تؤثر على الخطوط الحلمية ، أما إذا وصلت الجروح إلى الطبقات الداخلية للجلد فإن ذلك يؤثر على الطبقة المتجددة وتظهر آثار الإلتحام بالجلد مما يجعلها علامة مميزة لذلك الأصبع .

    -عدم تأثر البصمات بعامل الوراثة حتى في حالة التوأمين الذين ينتميان إلى بويضة واحدة .

    إن نظرية الإحتمالات تؤكد إستبعاد تطابق بصمتين لشخصين ، حيث يشترط في الجزائر مثلا توفر 14 علامة مميزة في كل إصبع ، فعندئذ يكون إحتمال تطابق بصمتين هو 1/(10)14 وهو احتمال يتجاوز عدد سكان الكرة الأرضية .

    التقنيات المستعملة في كشف البصمة
    توجد تقنيات عدة لكشف البصمات تتمثل في :
    1 ـ الإظهار باليود : يتم تبخير اليود للكشـف على البصمـات سواء داخل السيـارة أو المكان المغلق أو بوضع الأشياء التي يحتمل وجود بها بصمات داخل أجهزة خاصة مع ملاحظة أنه كقاعدة عامة نجد أن عملية الإظهار غالبا لا تتم في مسرح الجريمة إذ أن المعدات المستخدمة كبيرة الحجم .

    2 ـ الإظهار بالمساحيق: يتم نشر طبقة رقيقة من المساحيـق بواسطة فرشـاة ناعمة أو مغناطيسية على البصمة حيث تصبح مرئية تماما ومن أهم المساحيق:مسحوق الألمنيوم مسحوق الزنك والزئبق ، مركب الرصاص الأبيض ، حيث أن إختيار مسحوق الإظهار يتوقف على لون السطح الذي تكون عليه البصمات .

    3ـ الإظهار بالطرق الكيميائية : يمكن إظهار البصمات الخفية التي تتخلف من الأصابع المبللة بالعرق إذا أمكن إظهار الأحماض الأمينية بواسطة محلول ( الهادرين ) وقد أثبتت

    التجربة أمكانية إظهار بصمات عمرها ثلاثين سنة باستعمال ( الهادرين ) ولكن بشرط أن تكون الورقة قد تم حفظها في مكان جاف من وقت إيداعها حتى وقت إظهارها .

    4- الإظهار بالأشعة فوق البنفسجية : يمكن إظهار البصمات بواسطة تعريض الأسطح المحتمل وجود البصمات بها إلى حزمة من الأشعة فوق البنفسجية بواسطة مصابيح خاصة بذلك حيث تظهر البصمة عندئذ وتصويرها .

    بصمة الرائحة أو البصمة الكيماوية :

    من أحدث الدراسات العلمية في مجال الآثار المادية هو التعرف على الآثار عن طريق رائحتها ، فمن المعروف أن حاستي السمع والبصر تلعبان دورا هاما في نقل المعلومات والملاحظات إلى الآخرين ، كما ينبئ الشيء عن وجوده عن طريق الرائحة .

    بينما تنتقل الأصوات إلينا في شكل إشارات تتلقاها الأذن ، فإن الرائحة تنتقل في صورة أبخرة عن طريق حاسة الشم ولا يكفي أن يحمل الهواء منها قدرا ضئيلا لكي نحس وجودها و نتبين طبيعتها ، فهذه الأبخرة لا تتلاشى بسرعة بل تبقى لساعات أو أيام ، لذلك فهي تظل تنبئ عن الأشياء أو الأشخاص التي تنبعث منها فترة من الوقت .

    يمكن التعرف على الرائحة عن طريق أجهزة كشف الرائحة ، كما توصلت الدراسات على التأكيد أن الروائح تتعدد تبعا لتعدد المواد ولا تتشابه الرائحة المنبعثة من مادتين مختلفتين ، لذلك يمكن عن طريق جهاز قياس بصمات الرائحة معرفة نسبة الرائحة إلى صاحبها ، لقد طبقت هذه النظرية بنجاح في التعرف على آثار المتفجرات والمخدرات وكذلك في التمييز بين رائحة شخص معين وشخص آخر أو التمييز بين الإنسـان والحيوان أو التمييز بين أنواع النباتات ، قد توصل أصحاب هذه الدراسات إلى نتائج مماثلة للنتائج التي أدت إليها دراسة بصمات الأصابع ، لقد أثبتت نظرية الرائحة حجيتها عندما أستعملت حاسة الشم لدى الكلاب في شم الأثر المادي الذي يتركه الجاني في مكان الحادث ، ثم تتبع رائحته وبالتالي تتعرف على صاحبه .

    وقد اتجه بعض العلماء إلى فحص روائح الناس وذلك بوضع الرجل أو المرأة في أنبوب من الزجاج طوله متران وقطره 70 سم ، ثم إدخال بالأنبوب تيار نقي من الهواء ثم جمع هذا الهواء عند الخروج وتحليله تحليلا دقيقا وتصبح نتيجة التحليل أشبه بـ”بصمة” ذلك الرجل أو المرأة تدل عليه أو عليها ، حيث أمكن الكشف على نحو 24 مادة كيماوية في الهواء المجموع .

    أما هدف العلماء من ذلك فيعود إلى ربط هذه ” البصمة ” الكيماوية بالرجال والنساء من المجرمين ، فهي تكشف عما قد يكشف عنه الكلاب عن المجرمين .

    المطلب الثاني : علم القذائف ( البالستيك ) BALISTIQUE

    كل سلاح يترك إمضاءه على الطلقات التي يرميها ، حيث يترك آثار على المقذوفات والأظرف ومن أجل معرفة هذه الظاهرة يجب دراسة عن قرب مبدأ عمل الأسلحة والذخائر .

    الطلقة تتكون من 04 عناصر : المقذوف ، الظرف ، البارود ، الكبسولة التي تشمل المتفجر الأولي ، عند الرمي إبرة السلاح تضرب الكبسولة مما يؤدي إلى اشتعال المتفجرات السريعة الموجودة بالكبسولة ، التي تشعل بدورها البارود الموجود بالطلقة ، هذا الأخير يؤدي إلى تولد ضغط كبير يقذف بالمقذوف خارج ماسورة السلاح ، وتعطي الماسورات الحلزونية للمقذوف حركة دورانية ، حيث تترك الحلزونات والمجاري آثار على المقذوف .

    في الأسلحة النصف الآلية الظرف يقذف من السلاح بعد الرمي وتدخل طلقة جديدة إلى بيت النار ، القذف يتم عند رجوع الزلاقة إلى الخلف ، في هذا الوقت الظرف يكون ممسوك بواسطة النازع مستندا إلى مغلاق السلاح فيضرب اللافظ الذي يقوم بقذفه خارج السلاح ، كما يمكن للظرف حمل آثار يكون مصدرها مخزن السلاح .

    إذن الآثار الرئيسية التي يمكن أن توجد على الظرف هي : بصمة الإبرة ، آثار المغلاق ، النازع ، اللافظ .

    1- خصائص الآثار :
    الآثار يمكن تصنيفها إلى صنفين : خصائص الصنف وخصائص فردية ، بحيث أن الأولى متماثلة بالنسبة لنوع أو عدة أنواع للأسلحة وهي غير مهمة كثيرا لتعريف سلاح معين ولكن يمكنها أن تعطي معلومات على السلاح المبحوث عنه ، الخصائص الفردية تسمح جيدا بتعريف السلاح لأنها وحيـدة وخاصـة بكل سلاح ، فمن أجل تأكيد أن مقذوف أو ظرف قد تم رميه من سلاح معين ، فيجب أن تكون خصائص الصنف والخصائص الفردية للمقذوفين أو الظرفين متماثلة .

    خصائص الصنف لماسورات عدة أسلحة كانت محل قياسات وتحفظ ببنك المعطيات ، حيث أن مكتب التحقيقات الفدرالي “FBI ” يملك مثل هذا البنك ويغذى بمعطيات حالية و يحتوي حاليا على خصائص القسم لـ 10.000 سلاح ، إذا ما تم إسترجاع مقذوف أثناء تبادل الرمي يتم مقارنة هذه الخصائص بتلك الموجودة ببنك المعطيات ، مما يسمح بالحصول على فكرة حقيقية على السلاح المستعمل .(1)

    2- الرمايات المرجعية :

    يتم تنفيذ رمايات مرجعية بالأسلحة من أجل تبيان ما إذا كانت قد أستعملت في إطلاق مقذوفات أو أظرف مشكوك فيها وجدت بمسرح الجريمة ، الأظرف الناتجة عن هذه الرمايات تسترجع من الأسلحة التكرارية أو النصف آلية التي تقذف أوتوماتيكيا الظرف بالقرب من الرامي .

    في بعض الأحيان المقذوفات المسترجعة يتغير شكلها ، مما يصعب تحليلها وتصبح مجالات الخطأ أكبر وبعض المعطيات في بعض الأحيان تكون خاطئة ، كما أنه يعترض التقنيين مشكل الأظرف المستعملة والمعاد ملأها لإستعمالها أو التي أدخلت في بيت النار ثم إخراجها وإدخالها مرة أخرى لرميها ، ففي هذه الحالة الأظرف تحتفظ بخصائص الرمي الأول .

    3- خصائص بقايا البارود أثناء الرمي :

    أثناء رمي الذخيرة بالسلاح الناري تترك آثار والتي تسمى ” بقايا الرميRésidus de tir ” عند فحصها يمكن أن تساعد على إيضاح و تنوير القضايا الإجرامية كالإنتحار والقتل ، عند الرمي الغازات التي تحتوي على البقايا الصلبة للكبسولة والبارود تبرد عند خروجها من الماسورة و تتكثف مكونة جزيئات ، بالإضافة إلى بقايا البارود المحروق جزئيا والبقايا المنزوعة من المقذوف تكون أغلبية ما يتم تسميته بـ ” بقايا الرمي ” .

    أثناء الرمي تلتصق بقايا البارود عند خروجها من السلاح بأيدي الرامي أو على ملابسه ، عند استعمال سلاح كتفي يمكن لهذه البقايا أن تتوضع على وجه الرامي، كما يمكنها أن تتوضع على ملابس أو جسم الشخص الذي تم الرمي عليه أو على الأشياء الواقعة بمحيط قريب من الرمي .

    4- طرق تحليل بقايا الرمي :

    تقسم طرق التحليل إلى مجموعتين ، فهناك الطرق الكيميائية الأساسية التي تسمح بتحديد التكوين الأساسي الكمي والنوعي لبقايا الرمي ، من جهة أخرى طرق التحليل بالميكروسكوب الإلكتروني التي تسمح بتصنيف هذه البقايا طبقا لمورفولوجيتها وتحليل نوعي لجزيئات هذه البقايا ، البحث عن بقايا البارود على أيدي الرامي المفترض يتم بواسطة فهرس الرفع يسمى ” Kit GSR ” ، هذا الفهرس مكون من 05 أنابيب ( دعامة من الألمنيوم مغطاة بطبقة ذاتية الالتصاق ) ، يتم التصاق البقايا عند وضع يد المشكوك فيه على الطبقة الذاتية الالتصاق ، بحيث يتم رفع باطن اليد والجهة الخارجية كل على حدا ، يتم الحصول على 04 عينات مرفوعة ، الخامسة يتم رفعها من أي جهة بالجسم إذا كانت الظروف تفرض ذلك .

    الخلاصة النهائية تعتمد على أساس عدد وتصنيف الجزيئات المكتشفة على العينات وتصنف على سلم احتمالات تسمح بتقدير العلاقة مع لمس السلاح الناري .

    5- تحديد مسافة الرمي :

    تحديد مسافة الرمي تتم بواسطة مقارنة بقايا رمي ناتجة عن رمايات مرجعية تطبق على مسافات معروفة مع إنتشار بقايا الرمي الدالة ، هذه الرمايات تنفذ بواسطة نفس الأسلحة المستعملة ضد الضحية أو على الأقل بسلاح من نفس الصنع ومن نفس النوع ، نفس الشيء بالنسبة للذخيرة تكون من نفس النوع ونفس تاريخ الصنع ، يتم تنفيذ هذه الرمايات في بادئ الأمر على قماش من القطن الأبيض لتحديد مجال لمسافة الرمي وأخيرا يتم الرمي على قماش من نفس النوع للهدف أو على الأقل من نفس اللون وتكوينه مشابه له .
    تحديد مسافة الرمي تتم بعد تطبيق التحاليل التي تعتمد على المقارنة المرئية لتوزيع مكونات الرمي مع رمايات المرجع .

    المطلب الثالث : فحص الوثائق و أهميته في التحقيق الجنائي.

    أثناء المعاملات بين أفراد المجتمع يتم إستعمال الوثائق ، حيث يتم قبول هذه الوثائق بدون مراقبتها في الحين ، رغم القيمة التي تمثلها ، مما يسهل تزويرها أو تقليدها وبالمقابل تحديدها وإكتشافها يطرح مشاكل معقدة ناتجة عن طبيعة المواد المستعملة ( الورق ، الحبر) وكذلك إلى الطرق المستعملة في التزوير .

    يكون التزويـر على الوثاـئق المكتوبـة بخط اليد أو بالآلة الراقنة أو المطبوعة أو المصورة ، كما يمكن أن يكون على الأوراق ذات القيمة كالأوراق المالية ، الصكوك البنكية أو الوثائق الإدارية ويمكن أن يكون التزوير كامل أو جزئي .

    1- التزوير في الكتابات اليدوية :التزوير في الوثائق المكتوبة باليد يتم بالحذف أو الزيادة ويتم ذلك بوسائل ميكانيكية أو كيميائية ( محو ، حك ، غسل ) .

    المحو أو الحك يتلف حالة مساحة الورق ويعكس اتجاه الألياف المكونة له وتنقص من سمكه ، عند فحص الوثيقة بالأشعة المنعكسة يظهر الإختلاف في اللمعان في المنطقة التي تعرضت للمحو أو الحك مقارنة ببقية الورقة ، إختلاف السمك على الورق يظهر عند تعريض الورقة للأشعة النافذة ، حيث يظهر إختلاف في شفافية الورقة .

    يتم التزوير بالغسـل بإستعمـال الكاشـف من نوع “مصحح” والتي تكون معدنية أو عضوية والتي تغير الورقة في المنطقة التي أستعملت فيها ، عند تعريضها للأشعة فوق البنفسجية يظهر اختلاف في التألق أو البريق ” fluorescence ” .

    التزويـر بالزيـادة أو الإضافـة أو التحويـل يتم الكشف عنه بالوسائل البصرية أو الكيميائية ، حيث أن الحبر المستعمل يكون غالبا يختلف عن حبر النص الأصلي وبإستعمال الأشعة فوق البنفسجية أو تحت الحمراء يظهر إختلاف في التألق أو البريق كذلك إختلاف في ألوانها ، كما يتم في بعض الأحيان إستعمال محاليل خاصة تسمح بتذويب الحبر المضاف بدون المساس بالحبر الأصلي .

    2- التزوير في الوثائق المكتوبة بالآلة الراقنة :
    كل آلة راقنة لها خصائص عامة وخصائص فردية خاصة ، الخصائص العامة تتعلق برسم وكتابة الحروف ، الأرقام ، الرموز(تناظر الحروف ، انفتاح الأرقام ، ميل الرموز أو عمودية ) ، وآلية الرقن أي الخطوة بين الحرف والآخر والخطوة بين السطور هذه الخصائص تسمح بتحديد إحتمالي لنوع الآلة الراقنة المستعملة ، أما الخصائص الفردية تتعلق بعيوب الحروف وعيوب الرقن . (1)

    عند تزوير وثيقة مكتوبة بالآلة الراقنة بحذف بعض الكلمـات أو الحـروف (محو أو حك) يتم الكشف عن التزوير بنفس الطرق المستعملة في الكتابة اليدوية ، غير أنه هناك صعوبة في كشف التزوير بالإضافة أو الزيادة ، نادرا ما يتم الإضافة بآلة راقنة مختلفة وفي هذه الحالة كشف التزوير سهل بسبب إختلاف الخصائص العامة والفردية .

    في غالب الأحيان نفس الآلة تستعمل للإضافة أو الزيادة وفي هذه الحالة يتم التركيز على عيوب التراصف الأفقية أو العمودية الموجودة بين النص الأصلي والمشكوك في إضافته .
    كما يمكن تحديد فترة كتابة نص إذا كان هناك أرشيف لنفس الآلة لتواريخ معروفة حيث يمكن من تتبع تطور عيوب الآلة مع مرور الزمن وتدقيق إذا كان النص بتاريخ مسبق عن التاريخ الحقيقي إذا كانت هذه العيوب لا توجد أثناء تلك الفترة.

    3- تزوير الأوراق النقدية :
    تزوير الأوراق النقدية يتم بطرق صناعية معقدة تحتوي عموما على 3 مراحل :
    – إنجاز أفلام فوتوغرافية .
    – إنجاز أفلام طباعة .
    – طباعة الأوراق .
    كما يتم استعمال طريقة أخرى متمثلة في إستخدام أجهزة الإعلام الآلي والطابعات الحديثة غير أنه يتم الكشف عن الأوراق النقدية المزورة بإستخدام الأشعة فوق البنفسجية حيث تظهر عيوب في نوع الورق المستخدم الذي تختلف مكوناته عن تلك الخاصة بالأوراق الحقيقية أوعدم وجود العلامة المائية “Filigrane ” ، إختلاف في الخيط الذهبي أو الفضي ، إختلاف في الألوان .

    المطلب الرابع : فحص المركبات.

    مثلما يترك الشخص آثارا في الأماكن التي إقترف بها الجريمة ، فإن المركبة المستعملة هي أيضا مهمة في البحث عن الآثار عليها أو التي تتركها بمسرح الجريمة .

    1- آثار العجلات : تشمل آثار العجلات طبعات عجلاتها على الأرض ، فأثر العجلة يحدد نوع المركبة إذا كانت دراجة عادية أو نارية أو سيارة وعما إذا كانت محملة أو فارغة نتيجة الضغط الحاصل من عجلات المركبة على الأرض .

    والمركبة التي تسير في خط مستقيم لا تترك إلا طبعة العجلة الخلفية ولملاحظة طبعة العجلة الأمامية لا بد البحث عن المكان الذي دارت فيه المركبة دورة حادة أو عكست اتجاهها وتبدو آثار العجلات على أرض لينة (رمل ، ثلج ) وتكون هذه الآثار ثلاثية الأبعاد وفي حالات خاصة يمكن أن تظهر على سطوح ملساء مثل البلاط والإسمنت في المستودعات ، عند مرور المركبة على بقعة زيت ، دهن أو دم ، من خلال فحص ورفع آثر العجلات يمكن معرفة نوع ونموذج العجلات التي زودت بها المركبة وفي كثير من الأحيان نوع المركبة .

    2- كشف علامات الطبع : كل سيارة تحمل أرقام تسلسلية أو أرقام تسجيل سواء للمحـرك أو الهيكل وتكون هذه الأرقام مطبوعة على منطقة معينة من المعدن من طرف الصانع، ففي سرقات السيارات يحاول اللصوص تخريب و تغيير تلك الأرقام لغرض إخفاء مصدر المركبات ، يتم كشف الأرقام الحقيقية للمركبات باستعمال الطرق الكيميائية أو بواسطة أجهزة خاصة .

    المبحث الثاني : العلوم البيولوجية وطرق الاستعانة بها في التحقيقات الجنائية.

    المطلب الأول : الحمض الريبي النووي (DNA).
    الحمض النووي هو الحمض الرايبوزي للأكسجين النووي أو Acide Deoxyribonucleique وقد سمي بالحمض النووي لتواجده في نوايا الخلايا لجميع الكائنات الحية مثل البكتريا والفطريات والنباتات والحيوانات والإنسان ، ماعدا خلايا الدم الحمراء للإنسان حيث ليست لها نواة ويوجد داخل نواة الخلية في صورة كروموزومات مشكلا وحدة البناء الأساسية لها .
    وفي الإنسان تتكون نواة الخلية من 23 زوج من الكروموزومات منها 22 زوج متماثلة في كل من الذكر والأنثى والزوج 23 يختلف في الذكر عن الأنثى، حيث يسمى بالكروموزومات الجنسية، ويرمز لهم في الذكر بالحروف XY وفي الأنثى بالحروفXX. (1)
    كل كروموزوم يتكون من شريط طويل من الحمض النووي ملتفة حول نفسها على هيئة سلالم حلزونية ، وتوجد على هذا الشريط أجزاء تحمل الصفات الوراثية تسمى الجينات وجزء آخر لا يحوي صفات وراثية أي غير فعال ، وهذه الجينات هي التي تورث فصائل الدم ، لون البشرة ، لون الشعر والعينين ، البصمة وغيرها .
    قد أكتشفت البصمة الوراثية سنة 1984 من طرف الدكتور أليك جيفريز عالم الوراثة بجامعة ” ليستر” بلندن وسجل براءة إكتشافه سنة 1985 وأطلق عليها إسم البصمة الوراثية للإنسان .

    1- مميزات بصمة الحمض النووي :
    – إمكانية استخـراج البصمـة من أي مخلفات بشرية سائلة مثل الدم ، اللعاب ، المني أو أنسجة مثل الجلد ، العظام أو الشعر .
    – الحمض النووي يقاوم عوامل التحليل والتعفن لفترات طويلة تصل إلى عدة شهور وثبت إمكانية تطبيقه حتى أربع سنوات من تاريخ وقوع الأثر في بعض الحالات .
    – تظهر بصمة الحمض النووي على هيئة خطوط عريضة يسهل قراءتها وتخزينها في أجهزة الكمبيوتر لحين طلبها للمقارنة .
    – أصبح معترفا بالبصمة الوراثية كدليل إثبات أو نفي في أغلب المحاكم بأوروبا وأمريكا .

    2- أهمية البصمة الوراثية :
    أستخدمت البصمة الوراثية في البداية في مجال الطب كدراسة الأمراض الوراثية وزرع الأنسجة وسرعان ما تم إستخدامها في الطب الشرعي والبحث الجنائي ، حيث تم التعرف على الجثث المشوهة و تتبع الأطفال المفقودين وأخرجت المحاكم البريطانية ملفات الجرائم المقيدة ضد مجهول وفتحت التحقيقات فيها من جديد وبرأت مئات الأشخاص وأدانت آخرين .
    تستخدم البصمة الوراثية في إثبات أو نفي البنوة أو الأبوة ، حيث تعتبر كقرينة إثبات أو نفي بنسبة 100 % على عكس فصائل الدم والطرق الأخرى ، كما تستخدم في إثبات درجة القرابة في الأسرة في حالة إدعاء القرابة بغرض الإرث بعد وفاة شخص معين التعرف على المجرمين في جرائم القتل والإغتصاب وغيرها بتحليل الآثار المادية على جسم وملابس كل من الجاني والمجني عليه .

    ومن أشهر الجرائم التي إرتبط اسمها بالبصمة الوراثية قضية ” د.سام شبرد ” الذي أدين بقتل زوجته ضربا حتى الموت في عام 1955 أمام محكمة أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية ، حيث قضى 10 سنوات في السجن ، ثم أعيدت محاكمته سنة 1965 وحصل على براءته التي لم يقتنع بها الكثيرون ، حتى سنة 1993 حينما طلب الابن الوحيد لـ” سام شبرد ” فتح القضية من جديد وتطبيق إختبار البصمة الوراثية .

    أمرت المحكمة في مارس 1998 بأخذ عينة من جثة شبرد وأثبتت العلوم الشرعية أن الدماء التي وجدت على سرير المجني عليها ليست دماء “سام شبرد ” بل دماء صديق العائلة وأدانته البصمة الوراثية ، حيث أسدل الستار على واحدة من أطول محاكمات التاريخ في جانفي 2000 (1).

    المطلب الثاني : تحليل و معالجة بقع الدم .
    آثار الدماء التي تتخلف عن الجريمة لها أهمية كبيرة في مجال البحث الجنائي خاصة أنه يتخلف عن حوادث التعدي والعنف والاغتصاب والقتل وتبدو هذه الأهمية في أنها تشير إلى مكان إرتكاب الجريمة وخط سير المصاب وكيفية وقوع الجريمة .
    يجري البحث عن البقع الدموية في مسرح الجريمة سواء على ملابس وجسم الضحية أو على الأرضية ، الحيطان ، الأبواب ، النوافذ ، الآلات المستخدمة في الإعتداء كالسكين أو العصي أو الحجارة أو على ملابس وجسم المشتبه فيه خصوصا اليدين والأظافر ويجب تحري الدقة في البحث عن آثاره وتحديد وصفه وشكله وحجمه وتصويره قبل رفعه ونقله إلى المخبر .

    1- أسلوب التعرف على بقع الدم :
    يمكن التعرف على البقع إن كانت من الدم أو غيره عن طريق الفحص الميكروسكوبي والكيميائي والتصوير الطيفي ، بشرط أن تكون كمية الدم المعثور عليه كافية كما يمكن معرفة ما إذا كان الدم لإنسان أو حيوان وذلك باستعمال طريقة الترسيب ، فقد يفسر المشتبه فيه ما بملابسه من بقع دموية على قوله بأنها ناتجة عن ذبح حيوان أو طير
    حيث عند تحليل دم الحيوان بإضافة مواد كيميائية معينة مع إستعمال طريقة الترسيب يتحول إلى مادة بيضاء عكس دم الإنسان .

    كما يمكن التعرف على العمر الزمني للبقع الدموية وذلك بالإعتماد على مدى التغيير الذي طرأ على المادة التي تلون الدم ، فإذا كان الهيموقلوبين قد تحول إلى هيماتين فلا يمكن أن تكون بقعة الدم حديثة ، يتوقف هذا التغيير على عدة عوامل منها طبيعة المادة التي سقطت عليها البقعة وقوة لون الضوء الذي تعرضت له ودرجة الرطوبة ، يتم إجراء إختبارات كيميائيا وبالتحليل الطيفـي بمقارنة دم على نفس المـادة التي وقعت عليها البقعة أو مادة مماثلة لها وفي ظروف مماثلة أيضا ، حيث تؤدي أحيانا إلى التعرف على عمر بقعة الدم بشيء من الدقة .(1)

    2- تحديد الشخصية بواسطة الدم :
    لا يمكن الجزم بأن بقعة الدم هي لشخص معين إلا أنه يمكن التأكيد بأن بقعة الدم ليست له إذا إختلفت فصيلة دمه عن فصيلة البقعة الدموية المعثور عليها بمسرح الجريمة فتحديد فصيـلة الدم مثلا في قضـايا الأبوة يساعد على استبعاد الأبوة بالنسبة لطفل معين أو إحتمال الأبوة بالنسبة له حسب قواعد علم الوراثة .
    في حالة العثور على بقعة دم بمسرح الجريمة يمكن نفي نسبة البقعة الدموية لشخص مشكوك فيه إذا أكدت التحاليل أن فصيلة دمه تختلف عن فصيلة البقعة المعثور عليها بمسرح الجريمة ، غير أنه يمكن نسبتها إليه على سبيل الإحتمال إذا تطابقت فصيلتا الدم ، أي أن بحث فصائل الدم يمكن أن توصل إلى نتائج سلبية قاطعة أو إيجابية محتملة .

    المطلب الثالث : إفرازات جسم الإنسان

    قد تتخلف بعض إفرازات جسم الإنسان في مكان الجريمة أو على الضحية مثل قضايا السرقة بالقوة أو هتك العرض والإغتصاب ومن بين هذه الإفرازات : السائل المنوي اللعاب ، العرق ، البول ، الإفرازات المهبلية و الخلايا المهبلية .

    1- السائل المنوي :
    أساس فحص السائل المنوي هو وجود الخلايا الحية فيه ، لذلك يجب عدم التعرض بالإحتكاك أو الكشط لهذه البقع لأن ذلك يقتل الخلايا المنوية ،حيث تتميز بقع السائل المنوي باللون المتيبس عل القماش الأبيض المائل إلى الرمادي ، أفضل طريقة لرفع البقع المنوية على سطح صلب هي قطع الجسم الذي عليه أو إذابة البقعة بالقليسرين أو بالماء المقطر ثم سحبها على ورقة ترشيح .

    وفي قضايا هتك العرض والإغتصاب يتم البحث عن هذه البقع في الملابس الداخلية خاصة ، كما يتم فحص المجني عليها من طرف طبيب بفحص المهبل وشعر العانة والفخذين والبطن وغيرها من أجزاء الجسم التي يمكن أن تتعرض للتلوث ، بالإضافة إلى أخذ عينة من البول ، حيث يمكن الكشف عن وجود المني في البول حتى بعد 18 ساعة من الإتصال وحتى بعد موت المجني عليها بوقت طويل يتم أخذ عينة من إفرازاتها المهبلية .

    2- البــول :
    تحديد ما إذا كان البول يخص إنسانا أو حيوانا أمر بالغ الدقة ، وإن وجد في بعض الحالات بشرط أن تكون كميته كافية للتحليل ، حيث يمكن تحديد ما إذا كانت البقعة تحوي إفرازا بوليا ، كذلك يمكن تحديد مدى التركيز الكحولي في عينة من البول . (1)

    3- العــرق :
    أثبتت التجربة أن عند فحص العرق الموجود بمناديل اليد وربطة العنق وغطاء الرأس والثياب التي تترك في مكان الجريمة يمكن تعقب المجرم .
    ثبت علميا أن مجموعة البكتيريا التي تعيش على جلد الإنسان تختلف من شخص إلى آخر من حيث درجة الحساسية للمضادات الحيوية وكذلك سلوكها اتجاه التحاليل الكيميائية فقد أثبت الفحص لآثار العرق العلاقة بين المتهم وآثار العرق الموجودة على بعض المضبوطات في مسرح الجريمة مثل أغطية الرأس أو الملابس الداخلية . (2)

    4- اللعـــاب :
    يمكن التعرف على اللعاب سواء إذا كان على شكل بقع جافة أو سائلة بإستعمال الطرق الميكروسكوبية أو الكيميائية ، حيث يمكن تحديد فصيلة الدم التي يمكن أن تؤدي إلى

    الكشف أو التعرف عن المجرم ، كما يمكن الكشف عن وجود كحول لشخص معين بإستخدام عينة من اللعاب ، كما يمكن الكشف عن تعاطي المخدرات وخاصة الأشخاص المدمنين على الكوكايين .
    5- الإفرازات المهبلية و الخلايا المهبلية :
    الإفرازات المهبلية والمخاط لها أهمية في تحديد فصيلة الدم ويمكن التعرف على هذه الإفرازات بواسطة التحليل الميكروسكوبي والكيميائي .

    المطلب الرابع : الشعر.
    الشعر من الآثار المهمة التي تتخلف عن حوادث العنف ، الاحتكاك ، الجرائم الجنسية وذلك بسبب تعلقه أو سقوطه وسهولة إنتزاعه ، حيث يوجد الأثر على المجني عليه مصدره الجاني أو العكس ، ففي الجرائم الجنسية كثيرا ما يعلق شعر العانة الخاص بأحد الطرفين بشعر العانة الخـاص بالطـرف الآخر ، فقد ينتزع الشعـر من مجرم في صراع أو يلتصق به من المجني عليه أثناء إرتكاب الجريمة أو يلتصق بالمجني عليه في جريمة عنف أو قد يتساقط من الجاني دون أن ينتبه لذلك .

    ويمكن عن طريق الفحص الميكروسكوبي التأكيد إذا كانت المـادة هي شعر فعلي أو مجرد شيء شبيه به ، حيث أن الشعر الآدمي يتكون من 03 طبقات أما الألياف والشعر الإصطناعي فليس له نفس التركيب .

    كما يمكن معرفة إذا كان الشعر يخص رجل أو إمرأة وذلك بتحديد جزء الجسم الذي سقط منه ودراسة مقطع الشعر وثخانته وشكله ونوعه ، كما وجد أن شعر الأنثى يحتوي على كمية من الكبريت تعادل 03 مرات ما يحتويه شعر الرجل وكذلك بفحص الكروموزونات الجنسية الموجودة في خلايا الشعر .

    يمكن تشخيص بعض حالات التسمم بالسموم المعدنية ، حيث ثبت أن الشعر من بين الأنسجة التي تتركز فيها هذه السموم ، كما أنه يقاوم تأثير العوامل الجوية والتعفن والتحلل بعد الوفاة ، لذلك يمكن الإستفادة من الشعر للكشف عن هده السموم بعد الوفاة بفترة طويلة .

    يستخدم الشعر للكشف عن المخدرات وخاصة الكوكايين في حالات الإدمان ، حيث تبين أن نتائج التحاليل على الشعر تشير إلى إدمان الكوكايين وذلك لأن إفراز الكوكايين من الشعر يحتاج إلى وقت زمني بعد تعاطيه .

    عند فحص الشعر وجذوره يمكن معرفة حصول العنف والمقاومة ، فقاعدة الشعر تظهر عند الفحص الميكروسكوبي كاملة ومنتظمة ، أما في حالة حدوث عنف أو مقاومة أثناء نزع الشعر فيشاهد غلافها متمزق ، مما يدل على نزعها من موضعها بالقوة ، أما إذا سقطت بدون قوة أو أثناء مشطها فتظهر أنها ضامرة بدون غلاف .

    المبحث الثالث : التحليل الفيزيوكمياوية و الإشارة.

    المطلب الأول : الإعلام الآلي و ألإلكترونيك.
    لقد دخل الكمبيوتر الحياة البشرية وأصبح جزءا لا يتجزأ منها ، حيث تزايد وجوده وعدده في السنوات الأخيرة ، وأصبح الاستغناء عنه أمرا مستحيلا ، إلا أن له عيوب ومحاسن ، حيث يمكن إختراقه وتخريب المعطيات الموجودة به أو تبديلها .

    ورغم أن الكمبيوتر يعتبر من الوسائل الهامة في مكافحة الجريمة وله فائدة كبيرة في عمليات التعريف والمقارنة والمضاهاة وإكتشاف الجرائم ، إلا أنه لسوء الحظ أصبح الكمبيوتر هو الآخر من ضحايا النشاط الإجرامي أو ما يعرف بجرائم الكمبيوتر.

    لقد رافق الانتشار السريع لأجهزة الكمبيوتر نشاط كبير في الجرائم المتعلقة به حيث أن مرتكبي هذه الجرائم أغلبهم من المثقفين كمهندسي الإلكترونيك ومبرمجي الأجهزة ومشغلي الأجهزة والأشخاص المسؤولين عن حفظ وترتيب الأقراص التي تحتوي على المعلومات والبرامج .

    يقوم بعض المجرمون بالدخول إلى شبكات المؤسسات أو الخدمات العامة وتخريبها أو إتلافها ، كما يقوم بعض الجناة بإعطاء أوامر للكمبيوتر الخاص بالبنوك لإجراء تحويلات مالية فورا بين الحسابات في المؤسسات المالية ، كما يتم التقليد في البرامج والتطبيقات مما يسبب خسـائر للمؤسسـة الصانعة ، أو تزوير البطاقـات الإلكترونـية الخاصة بالبنـوك أو المؤسسات التجارية المختلفة أو بطاقات التقاط القنوات الفضائية .

    تتلخص مهام أفراد العاملين في مخابر الشرطة العلمية في:

    – حماية البرامج من التقليد ، الدخول بدون حق ،السلب ، التخريب.
    – مراقبة البطاقات الإلكترونية .
    – التقليد في الإعلام الآلي و الهواتف الخلوية
    كما أنها تتوفر على وسائل وأجهزة تسمح لها باكتشاف التقليد والتزوير ويمكن بواسطة برامج جاهزة الكشف على كل محتويات القرص الصلب لجهاز الكمبيوتر وكل الملفات التي تم إلغائها منذ أول تاريخ لإستعمال الجهاز وبالتالي الكشف عن أي دليل يسهم في إدانة المشكوك فيه .

    المطلب الثاني : الصوت

    تذهب بعض النظريات في علم الصوتيات إلى القول أن للصوت البشري بصمات تميز كل إنسان عن الآخرين تمام كما هو الأمر بالنسبة لبصمات الأصابع ويحاول مستخدمو أجهزة الكمبيوتر من علماء الصوتيات إستخدام هذه الأجهزة لإجراء تحاليل دقيقة على الصوت البشري للخروج بالسمات التي تميز صوت إنسان معين على بقية الأصوات .
    هناك سمات عضوية وأخرى مكتسبة للصوت يمكن إستخدامها في محاولة التمييز بين بصمة صوتية وأخرى ، يعنى بالسمات العضوية تلك الناتجة عن الصفات التشريحية لمجرى الصوت لدى إنسان معين ، أي طول هذا المجرى وحجم الرئتين والحنجرة وطول الأوتار الصوتية وسماكتها وسعة المناخير …الخ .

    أما الصفات المكتسبة فهي الناشئة عن العادات الكلامية الفردية المتعلمة والواقع أن سمات الصـوت الناتجـة عن العوامـل العضويـة تعتبر أكثر ثباتا وأقل إخضاعا للتعديل أو السيطرة من قبل صاحبها من السمات المكتسبة ، لهذا فهي أكثر إستخداما في محاولات التمييز بين بصمات الصوت .
    لقد شهد مطلع عقد الستينات اهتماما متزايدا بدراسة بصمات الصوت ؛ حيث نشرت مقالتان للأمريكي كيرستا ” Kersta ” في مجلة متخصصة في علم الصوتيات ، قدم من خلالهما نتائج تجربتين للتعرف على بصمات الصوت عن طريق التحليل الآلي بإستخدام المخطط المرئي ( Spectrographe ) ، وأكد أن الأساليب المستخدمة في دراسة بصمة الصوت قد تطورت إلى درجة يمكن معها اعتماد نتائجها كأدلة جنائية للكشف عن الجريمة في حالة توفر المادة الصوتية .

    لقد توالت الدراسات التي دفعت نتائجها دوائر الشرطة إلى تبنيها في عدد من الولايات المتحدة الأمريكية ( وصل عددها 23 ولاية سنة 1983 ) ومن ثم الاعتماد على بصمة الصوت كدليل إجرامي .

    1- الطرق المستخدمة في دراسة الصوت :
    هناك 03 طرق مستخدمة في دراسات بصمة الصوت هي :
    – الطريقة السمعية : وتتلخص في قيام أشخاص مختصين بالإستماع إلى تسجيلات صوتية بغية الربط بين صوت معين وفرد معين أو أصوات وأصحابها بعد الاستماع إليهم .

    – الطريقة الآلية : تتضمن إستخدام وسائل آلية غالبا ما تعمل على الكمبيوتر للربط بين الصوت وصاحبه ، حيث يتم تزويد أجهزة الكمبيوتر ببرامج من شأنها تحليل الصوت البشري ومطابقته مع أصوات أخرى يتم إدخالها عند الحاجة .

    – الطريقة المرئية : تقوم على صور ورسوم ينتجها المخطط المرئي للصوت البشري حيث تقدم هذه الصور والرسوم تحليلا لكل صوت في الكلمة، تظهر من خلالها عناصر فيزيائية للصوت كمقدار الذبذبة وحدة الصوت …الخ ، ثم يقوم مختصون في علم الصوتيات الآلي بدراسة هذه الرسوم وتحليلها .

    2- أنواع التطبيقات لبصمة الصوت :
    هناك مجالان لتطبيق دراسات البصمات الصوتية هما : مجال التحقق من بصمة الصوت ومجال التعرف عليها ، يشمل المجال الأول التحقق من هوية شخص ما عن طريقة مقارنة عينة من صوته مع عينة أخرى مخزنة تسمى العينة المرجعية ، يكون الشخص الذي تقع عليه عملية المقارنة في الغالب متعاون مع جهات التحقيق وهي غالبا ما تسهم في الوقاية من الجريمة .
    ومثال هذه التحقيقات ما يعرف بالتحقيق الأمني الذي يجعل الدخول إلى مكان مقتصرا على شخص بعينه ، تطابق بصمة صوته ببصمة مماثلة مخزنة ، منها تطبيقات الأعمال البنكية ، حيث تقتصر سحب العملة من خزائنها على أشخاص محددين لهم عينات

    صوتية مخزنة ، إلى جانب إقفال تلك الخزائن فلا تفتح الخزائن إلا بعد مطابقة بصمة صوت الشخص مع البصمات المخزنة فيها ، وأظهرت الدراسة أن دقة عمل الأجهزة عالية جدا ، إذ تصل أحيانا إلى نسبة 99,99 % (1).

    أما المجال الثاني في دراسات البصمات الصوتية هو التعرف على
    البصمة ويتضمن محاولة تحديد صاحب بصمة صوتية ألتقطت أثناء القيام بجريمة ما ، حيث تجري مقارنة البصمة الملتقطة مع بصمات مرجعية عديدة مخزنة أصلا لدى دوائر التحقيق الجنائي لأشخاص مشبوهين

    ويلاحظ أن هذا المجال التطبيقي يواجه صعوبتين :

    الأولى
    تتعلق بإعداد البصمات المشبوهة المخزنة ، الثانية بعمليات التنكر المقصود من جانب المجرمين ، فكلما زاد عدد البصمات المشبوهة المخزنة التي يجب أن تتم عليها المقارنة ، إزدادت عملية التعرف تعقيدا .

    من أمثلة ذلك ما قام به ” ألفرد ستيرويتش ” الخبير في جهاز الاستخبارات العسكرية الأمريكية من تحليل للحديث الذي أدلت به أميرة ويلز الراحلة ( الليدي ديانا) للبرنامج التلفزيوني الشهير بانوراما والذي تم بعده الطلاق بين الأميرة وولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز ، حيث كشف كذب الأميرة ديانا ، و حسب ستيرويتش فإن المساحات السوداء في الرسم البياني توضح التأكيد أو الضغط على شيء معين وهو ما يقترح وجود خداع معين في الحديث وكلما كان التأكيد كبيرا كلما زاد احتمال الكذب ، قد أظهرت خطوط الجهاز العديد من المساحات السوداء في حديث الأميرة مع مقدم البرنامج .

    كما يمكن تسجيل المكالمات الهاتفية وتقديم ذلك كأدلة إثبات إذا كانت القوانين تسمح بذلك .

    المطلب الثالث : الطيف الحراري و تطبيقاته في التحقيق الجنائي.

    المطلب الرابع : الحرائق
    تعتبر جرائم الحريق العمدي من أخطر الجرائم وأشدها ضررا ويرجع السبب في ذلك إلى عدم إمكانية التحكم في نتائجها و لقضائها على الأرواح والممتلكات التي ليس لأصحابها أي علاقة بموضوع الحريق ، كما ترجع خطورتها إلى سهولة ارتكابها وصعوبة تتبع الآثار التي يتركها الجناة في محل الحادث ، فالنار تأتي على الدليل المادي الذي يتخلف عنهم ، فتدمره أو تتلفه ، فضلا عن تدخل عوامل أخرى تساعد على إزالة الأثر (2) .
    عند الانتقال إلى المكان الذي حدث فيه الحريق يجب فحصه وتحديد طبيعة تكوينه المواد المصنوع منها ، المواد التي احترقت فيه وبقاياه ، معرفة ما إذا كان بالمكان مواد

    قابلة للإشتعال الذاتي وحالتها ومكان وجودها ، دراسة مصادر الحرارة التي يمكن أن تشعل النار في المكان المحترق أو تسبب إشتعالـها كالكهرباء ومواقد الغاز والخشب أو البنزين .
    تحديد المكان الذي بدأ منه إشتعال النار ، فإذا كانت المادة التي أستخدمت في الحريق سائلة كالمازوت أو الكحول سكبت على أرضية المكان ، فإن جزءا منها يتشربه الخشب أو يتسرب بين فتحات البلاط ، حيث يحترق السطح بسبب تعرضه للهواء ، وتبقى الأجزاء التي تشربت المادة السائلة أو تسربت إليها على حالتها الأصلية.

    أما إذا كانت المادة المستعملة أحماضا أو مواد كيميائية ، فيظهر أثر تفاعلها على المكان الذي وضعت فيه ، فأثر الحمض هو تآكل أرضية المكان ، حيث يتم أخذ عينة منه وفحصه بواسطة التحليل الطيفي لمعرفة مكوناته .
    إن رائحة ولون الدخان غالبا ما يساعدان على تحديد نوع المادة التي أستخدمت في إحداث الحريق ، فيمكن تمييز رائحة إحتراق المواد الكيميائية عن إحتراق الأخشاب والأقمشة ، كما أن لون لهب المواد الكيميائية أبيض ساطع والمواد الخشبية لها لون أحمر مصحوب بدخان .
    كما أن معرفة حالة الجو والرطوبة وسرعة وإتجاه الريح يفيد في تحديد ما إذا كان الحريق عمدي أو عرضي وإشتعال النار في أكثر من مكان في وقت واحد دليل على أن الحريق عمدي (1) .
    إن المكان الذي بدأ منه الحريق تميزه علامات خاصة لا توجد في بقية الأماكن الأخرى التي إشتعلت فيها النار ، لذلك يتم أخذ عينات من بقايا الحريق في المكان الذي بدأ منه لفحصها بواسطة التحليل الكيميائي والطيفي ، بالإضافة إلى دراسة مداخل ومخارج المبنى المحترق ومعرفة ما إذا كانت مغلقة من الداخل أو الخارج ، حالة الأقفال والمفاتيح وحالة الزجاج وتأثير النار عليه .
    يتم أخذ عينات من مكان الحريق ويمكن أن تكون رماد المواد ( خشب زجاج بلاستيك ….إلخ) أو أشياء مصدرها المشكوك فيهم ( لباس ، دلاء ….إلخ) تكون في حالة جيدة ، يتم وضعها على حدى في أكياس بلاستيكية ، في المخبر يتم تحليل العينات من أجل إستخراج المواد المتبخرة المستعملة في الحريق ، عن طريق التحليل الكروماتوغرافي في المرحلة الغازية وكذلك التحليل الطيفي بالكتلة ، بعد الحصول على الجزيئات يتم مقارنتها مع مواد مرجعية مخزنة بالكمبيوتر .

    المبحث الرابع : علوم مختلفة و أهميتها في التحقيق الجنائي.
    المطلب الأول : الطب الشرعي.

    الطب الشرعي هو تطبيق المعارف الطبية لأغراض قضائية ودور الطب الشرعي هو توضيح نقطتين أساسيتين : وقت الوفاة و سبب الوفاة .
    وعليه أن يقدم وجهة نظر طبية حول المسألة المطروحة من الناحية الفنية بكل نزاهة وأمانة علمية ، إن تعفن أو تلف الجسم بعد الموت لا يتوقف فقط على العوامل الخارجية مثل الحرارة ، الوسط الذي تتواجد به الجثة (هواء ، سائل ، مدفون ) ، دخول الحشرات ، ولكن كذلك يتوقف على عوامل داخلية مثل وجود أمراض ، التكوين الفردي وجود نشاط عضلي كثيف قبل الموت .
    خلال 24 ساعة الأولى من الوفاة يتم التركيز على العناصر الثلاثة التالية :
    – الصلابة ( القساوة ) .
    – الدكنة ( شحوب اللون ).
    – درجة الحرارة للجسم .
    بصفة عامة الصلابة تصيب الفك في مدة من 3 إلى 4 ساعات ، تمتد بعد ذلك إلى الأطراف العلوية والسفلية إلى أن تصبح كاملة في مدة من 8 إلى 10 ساعات ، ثم تختفي في مدة من 24 إلى 36 ساعة .
    يمكن إستعمال طريقة صلابة الجثـة مع الأخذ بعين الإعتبار إذا كان الجسم ساخن أو بارد ، حيث أنه إذا كان الجسم ساخن ورخو فإن الوفاة تعود إلى أقل من 3 ساعات ، أما إذا كان الجسم ساخن ومنقبض فإن الوفاة تعود من 3 إلى 8 ساعات ، إذا كان الجسم بارد وصلب فأن الوفاة تكون بين 8 إلى 36 ساعة ، إذا كان الجسم بارد ورخو فأن الوفاة تقدر بأكثر من 36 ساعة .
    الدكنة تنتج عن تجمع الدم في العروق والأوعية الدموية للأجزاء السفلى للجسم طبقا لظاهرة قوة الجاذبية ، حيث تظهر الدكنة من 30 دقيقة إلى 4 ساعات ، وتكون قصوى وثابتة في 10 إلى 12 ساعة ، كما يمكن أن تظهر الدكنة إلى غاية 30 ساعة وتصل حتى 90 ساعة في حالات خاصة عندما تكون الجثة قد نقلت أو تم تغيير وضعيتها .
    درجة الحرارة تساعد كثيرا في تحديد وقت الوفاة ، حيث تبين أن الجسم يفقد بسرعة حرارته لما يكون الجو بارد ، حيث أنه يفقد 1درجة في كل ساعة في جو درجة حرارته 0 درجة مئوية ، وأقل من ذلك في الجو الساخن ، فيفقد 1درجة كل 2 ساعات عند 20 درجة مئوية وتوجد عدة نظريات لقياس درجة الحرارة .
    تعفن الجثة يبدأ خلال 48 ساعة التي تلي الوفاة ، تتغير المدة حسب درجة الحرارة و الرطوبة ومكان وجود الجثة وحتى طبقا لظروف الموت ، وفي 48 ساعة تظهر بقعة خضراء على الصدر نتيجة نشاط البكتيريا وتدهور الهيموقلوبين ، ويتم ظهور رسم العروق

    جيدا خلال 5 إلى 6 أيام ، بعد ذلك ينتفخ الجسم وتظهر جيوب مائية به ، تبدأ الأنسجة في عملية التخريب ، كما يتم تدخل الحشرات منذ البداية .
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 307
    تاريخ التسجيل : 18/05/2010

    بحث حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية Empty رد: بحث حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية

    مُساهمة من طرف Admin 12.07.18 8:51


    المطلب الثاني : علم التسمم

    يهتم هذا العلم بدراسة كل المواد التي يمكنها أن تكون سبب الوفاة أو التسمم الإجرامي أو العرضي وذلك بتحليل المواد التي يحتويها الوسط البيولوجي ، مثل البول ومختلف البقايا والمواد العلاجية وباقي السموم الأخرى والمخدرات ، كما يقوم في مجال دراسته بتحليل نسبة الكحول الإثيلي في الدم في حالة السكر أثناء السياقة .
    يكون الكشف عن آثار السموم أو المخدرات أو المواد الأخرى بإستعمال طريقة التحليل الطيفي بالكتلة وذلك بالأشعة فوق البنفسجية مقرونة بطريقة الفصل الكروموتوقرافي séparation chromatographique في المرحلة الغازية ، وتسمح هذه الطريقة بإثبات الجزيئات المكونة للمادة وتأكيدها ، يتم قنبلة هذه الجزيئات بحزمة إلكترونية تسمح بتكسيرها إلى أيونات ، هذه الأخيرة تفصل طبقا لكتلتها بواسطة ألكترومغناطيس ، تتم بعد ذلك مقارنة شدة تيار الأيونات وطبيعتها بالمواد المخزنة بالكمبيوتر الذي تخزن به 100.000 مادة مرجعية .

    بتحليل مختلف الأوساط البيولوجية يمكن معرفة سرعة انتشار السم في مختلف الأعضاء ونفس الشيء بالنسبة لظروف وسرعة الموت ، مثلا عند وجود نسبة عالية من الهيروين في الدم وكمية قليلة من الجزيئات المشتقة منها في البول ، هذا يعني أن الموت كان سريع وناتج عن تناول جرعة مفرطة ، كذلك يمكن تحليل الشعر مثلا الذي يقوم بالتخلص من هذه المواد عن طريق إفرازها والذي بواسطته يمكن تحديد فترة تناول السموم.

    المطلب الثالث : الأنتروبولوجيا Anthropologie

    تهتم الأنتروبولوجيا بدراسة التغيرات والتنوعات البيولوجية للبشر على الأرض بمرور الأزمنة وتدرس هذه التغيرات للأفراد أو المجتمعات على مستوى الجزيئات ، الخلايا النسيج والأعضاء كافة .
    تهتم الأنتروبولوجيا في هذه الحالة أساسا بقياس بعض العظام المختارة وتوضيح الخواص ، حيث يتم التركيز على التشوهات العظميـة ، الأعضـاء أو المواد الاصطناعية ( ألواح معدنية ، براغي تثبيت وتحديد رقمها إن وجد ،عددها وإتجاهها ) والتي تكون النقاط الهامة للمقارنة مع الملف الطبي للمبحوث عليه .
    يمكن تحديد أصل العظام بسهولة إن كان بشري أو حيواني ، حيث أن النسبة بين القطر الخارجي والداخلي للعظام الطويلة عند الإنسان صغير مقارنة بالحيوان ، فحص الهيكل العظمي يسمح كذلك بتحديد الجنس وفي بعض الأحيان العمر ، حيث أن الحوض عند المرأة عريض مقارنة بالرجل وبالمثل جمجمة المرأة صغيرة مع إنطباع قليل لبصمات العضلات عليها .

    أما بالنسبة للعمر فيتم تحديده بفحص عظام القفص الصدري وكيفية إرتباطها وكذلك على درجة إلتحامها وإلتحام الجمجمة ، دراسة تكوين العظام بواسطة التحولات التي تطرأ عليها طول مدة الحياة تعطي عناصر إضافية للتقييم ، كما يمكن إستنتاج السلالة الإثنية لصاحبها بدراسة مورفولوجية الجمجمة .
    يمكن تحديد عمر العظام بإستعمال طرق فيزيائية وكيميائية ، حيث أن الدهون تزول في العظم بالتقريب بعد مدة 10سنوات والبروتينات في أقل من 05 سنوات (1) .
    كما يمكن إستعادة تقاسيم الوجه أو الجسم في علم الأناسة وذلك بواسطة أنظمة معالجة .

    المطلب الرابع : علم الحشرات Entomologie

    يبدأ مجال البحث الجنائي لهذا العلم من لحظة الوفاة ، فيصبح الشخص المتوفى طعاما للحشرات ، حيث أنه يوجد حوالي 400 نوع من الحشرات الجيفية ، التي تشارك في إستهلاك الجثة بانتظام .
    أثناء إكتشاف جثة يكفي فقط التعرف على الحشرات الموجودة وتحديد طور تطورها ليتمكن من تحديد تاريخ الوفاة ، تبدأ العملية بجمع البيوض واليرقات والحشرات الطائرة أو الزاحفة حول أو فوق الجثة ، تؤخذ العينات الحية وتوضع في أنابيب إختبار ثم تنقل إلى المخبر، كما تؤخذ عينات من التراب من حول الجثة عن عمق من 10سم إلى01 متر من أجل جمع الحشرات التي تعيش في التربة ولا تظهر على السطح إلا لتقتات منه.

    على مستوى المخبر يتم فرز وترقيم الحشرات ، حيث يوضع جزء منها في أنابيب لكي تواصل نموها وتوفر لها كل الشروط الطبيعية التي وجدت فيها وبعد مدة تسمح بتفقيس البويضات وتحديد فترة النمو إلى غاية إكتشاف الجثة بواسطة عملية طرح للوقت الإجمالي للنمو .

    (1) – العميد – عبد الجبار السامرائي- مجلة الشرطة – عدد361 –يناير 2001- أبو ظبي – الإمارات العربية المتحدة – ص 33.
    (2) – نظير شمص وفوزي خضر – علم البصمات دراسة تطبيقية شاملة – منشورات دار مكتبة الحياة بيروت – لبنان – 1982 – ص 16.
    (1)- Anne leriche – La Criminalistique :du mythe à la realité quotidiènne – editions KLUWER –Bruxelles- Belgique – 2002 –p 218.
    (1) Criminalistique – G.Chevet et autres – Laboratoire de l’identité judiciaire de paris – p 46.
    (1) د.منصور عمر المعايطة – الأدلة الجنائية والتحقيق الجنائي – مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان – الأردن – 2000 – ص 79
    (1) [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
    (1) لواء دكتور .قدري عبد الفتاح الشهاوي – مرجع سابق – ص 96.
    (1) لواء دكتور .قدري عبد الفتاح الشهاوي – مرجع سابق – ص 104.
    (2) د.معجب معدي الحويقل – دور الأثر المادي في الإثبات الجنائي – أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية – الرياض – المملكة العربية السعودية – الطبعة الأولى -1999- ص 50.
    (1) – د.عادل عيسى الطويسي – المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب – عدد22 – نوفمبر 1996 – ص 86 .
    (2) أحمد أبو الروس – منهج البحث الجنائي – المكتب الجامعي الحديث – الإسكندرية –مصر – 2002 – ص 245 .
    (1) أحمد أبو الروس – مرجع سابق – ص 260 .
    (1) [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] Encyclopedia universalis



    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 307
    تاريخ التسجيل : 18/05/2010

    بحث حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية Empty رد: بحث حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية

    مُساهمة من طرف Admin 12.07.18 8:51



    بحث هام وكامل حول أهمية الدليل العلمي في التحقيقات الجنائية(3)


    مدخل :
    في العصور القديمة لما كان الإنسان يقترف الجريمة بأسلوب بدائي يتناسب مع وسـائل عصره كانت وسائل الإثبـات تقـوم على إحساسات شخصيـة قد تكون صحيحة أو خاطئة ، بعدها كانت أساليب التحقيق تعتمد على السحر والشعوذة وكان الكهنة هم الذين يتولون القضاء ، أما في العصور الوسطى كان الإعتقاد أن دليل الإثبات الوحيد ينحصر في الاعتراف وكان التعذيب الوسيلة المثلى للحصول عليه.

    بدأت طرق التعذيب تتلاشى تدريجيا منذ قيام الثورة الفرنسية في أواخر القرن 18 وحتى بداية القرن 19 في كافة المجتمعات ، منذ ذلك أجمعت الإنسانية على تطوير العلوم واستحداث الأساليب العلمية التي يستعين بها المحقق في التحقيق لكشف الحقيقة واستبعدت الأساليب القديمة غير الإنسانية وبدأ منذ ذلك التاريخ العمل على تطوير نظام الإثبات وخطى التحقيق الجنائي خطوات كبيرة في ظل تطور العلوم والوسائل العلمية .

    حيث أنشأت الأجهزة الأمنية المخابر والمعامل العلمية والمعاهد الجنائية واهتمت بالعنصر البشري بالتكوين في جميع الفروع لمكافحة الجريمة وانتهجت الأسلوب العلمي في مكافحة الجريمة ومرتكبيها ، حيث يستخدم هذا الأسلوب العلوم والتقنيات وأجهزتها في خدمة العدالة وأجهزة الأمن وذلك بالاستفادة من الوسائل العلمية.

    المبحث الأول : نبذة تاريخية حول تطور أساليب التحقيق عبر العصور.

    المطلب الأول : أساليب التحقيق في العصور القديمة.

    في العصور القديمة لما كان الإنسان يقترف الجريمة بأسلوب بدائي يتناسب مع وسائل عصره ، لم يكن هناك تحقيق بالمعنى التقني لكشف الحقيقة ومعرفة مرتكب الجريمة حيث نميز في العصور القديمة بين المجتمعات البدائية من جهة ومجتمعات الحضارات القديم من جهة أخرى .

    أ‌- المرحلة البدائية :
    كانت العدالة شخصية وانتقامية و كانت وسائل الإثبات تقوم على إحساسات شخصية قد تكون صحيحة أو خاطئة ، بحيث يقوم الشخص المتضرر بالانتقام من الشخص المشكوك فيه .

    مع ظهور النزعة القبلية والعشائرية إذا وقع اعتداء أو جريمة على أحد أعضاء العشيرة ، اتجهت الشكوك إلى العشيرة المعادية وأنتقل الانتقام من الشخص الجاني إلى القبيلة التي ينتمي إليها وذلك بمساندته سواء كان على حق أو باطل ، كانت وسائل الإثبات تعتمد على مجرد الإحساسات الشخصية المبنية على الضغينة والخلاف .

    ب‌- مرحلة مجتمعات الحضارات القديمة :

    خلال هذه المرحلة كانت أساليب التحقيق تعتمد على السحر والشعوذة وكان الكهنة هم الذين يتولون القضاء ، حيث كانوا يحكمون حسب ما يميل إليه ضميرهم ، كما كان يتم إجراء تجربة على المتهم من أجل كشف الحقيقة .

    فأستخدم الهنود الحمر تجربـة الحمار المقدس و فكانوا يلطخـون ذيله بالأصباغ ويضعونه مع المتهم في حضيرة مظلمة ويطلبون منه القبض على ذيل الحمار ، فكان المجرم عادة يتجنب ذلك ، أما البريء فيقوم بما طلب منه دون خوف .
    كما يتم إعطاء المتهم مواد سامة أو لحس آواني محماة بالنار بلسانه أو القبض على جمر من النار ، فإن أجاز التجربة كان بريئا وإن لم يقدم عليها وأحجم عنها كان مذنبا وكان العرب يتبعون هذه الطرق في الجاهلية(6).

    ومع ذلك لعبت الشهادة دورا بارزا في التحقيق في ظل هذه المعتقدات عند بعض المجتمعات كالمصريين القدامى أو اليونانيين ، فقد كانت المحاكم الشعبية التي تتكون من المواطنين هي التي تتولى القضاء وهو الأصل في نظام المحلفين الذي تعرفه التشريعات الحالية .

    المطلب الثاني : أساليب التحقيق في العصور الوسطى.

    كان الاعتقاد في العصور الوسطى أن شهادة الشهود عاجزة عن القيام بوظيفتها كدليل إثبات أو نفي على المتهمين في غالب الأحيان ، بالإضافة إلى إمكانية تعرضها للخطأ وذلك بسبب حرص الجاني أثناء ارتكابه جريمته عن التخفي وعدم ترك آثار تدل عليه، لذلك أصبح دليل الإثبات الوحيد في هذه العصور ينحصر في الاعتراف وكان التعذيب الوسيلة المثلى للحصول عليه ، عملا بنظرية أرسطو وهي “الاعتراف سيد الأدلة ” وكان هذا الأخير يرى أن التعذيب أفضل الوسائل للحصول على الاعتراف ، فإذا اعترف المتهم أخذ باعترافه أما إذا أنكر استخدمت ضده وسائل تعذيب مختلفة لحمله على الاعتراف ، وأمتد استخدام هذه الوسيلة عند الرومان وكذلك إلى أوروبا .

    ومن بين الوسائل التي كانت تستخدم للتعذيب صب المعادن المنصهرة في فم أو أذن المتهم ، نزع أظافره ، ضغط قدماه في قالب من حديد ، مما أدى ببعض الأبرياء للاعتراف على أنفسهم رغم عدم ارتكابهـم الجريمة المنسوبة إليهم ، وذلك على اعتبار أن وسائل التعذيب ذاتها كانت أشد قسوة من عقوبة الجريمة نفسها .

    ففي أسبانيا كان التعذيب يتم عن طريق الضغط وشد المتهم إلى عجلة ووضع القدمين واليدين في المقصلة وكي الجسم بالنار أو وضع الأطراف بماء أو زيت مغلي، وكان يطلق على اسم الجلاد الذي يقوم بالتعذيب من أجل الحصول على اعتراف المتهم مصطلح “المستجوب ”
    أما في بريطانيا فيتم وضع المتهم شبه عار في كهف مظلم تحت الأرض ووضع ثقل من الحديد فوق جسمه وتقديم الخبز الفاسد والماء الساخن له حتى يعترف أو يموت .
    في فرنسا كانت نفس وسائل التعذيب المستخدمة في أسبانيا تستخدم كذلك في فرنسا حيث أن التشريع الصادر في عهد لويس الرابع عشر سنة 1670 ينص صراحة على التعذيب فيسأل المحقق المتهم ثلاث مرات للحصول على اعترافه ، مرة قبل تعذيبه ومرة ثانية أثناء التعذيب والثالثة بعده .

    ظلت هذه الوسائل سائدة بأوروبا إلى غاية أواخر القرن 18 وبداية القرن 19، حيث هاجم بعض الفلاسفة والكتاب مثل فولتير و مونتسكيو هذه الوسيلة ونادوا بإلغائها ، بعد الثورة الفرنسية وصدور إعلان حقوق الإنسان في 26 أوت 1789 قررت الجمعية التأسيسية سنتي 1790 و 1791 عدة مبادئ من بينها : عدم استعمال وسائل التعذيب وشخصية العقوبة.

    في الوقت الذي كانت تسود في الغرب وسائل التعذيب للحصول على الاعتراف وهي وسائل غير عادلة وغير معقولة وتعكس الظلام والجهل الذي كان يسود أوروبا ، كان نور الإسلام قد نشر في البلاد الإسلامية مبادئ العدل والسلام بفضل مبادئه الحكيمة التي تحمي حقوق الإنسان وكرامته ، حيث اعتمد التحقيق على أدلة شرعية وضعت لها قواعد وهي: الإقرار، البينة، اليمين، الشهادة، حيث وردت عدة آيات في هذا الشأن نذكر منها:
    ” وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين “(1).
    ” وإن حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل …….. “(2).
    ” يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ….”.(3)

    ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ” (4) .

    ” والتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم….”(5).

    القاضي حر في تقدير الأدلة والتأكد من صحتها وذلك تطبيقا لحديث الرسول(ص) :”ادرؤوا الحدود بالشبهات فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطأ في العفو خير من أن يخطأ في العقوبة ” وهذا الحديث الشريف يقرر مبدأ متفق عليه في الوقت الحاضر وهو ” أن الشك يفسر لصالح المتهم ” وأن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على اليقين والجزم لا على الظن و الاحتمال.

    كما اعتمد العرب على بعض طرق الإثبات المعروفة حاليا كأدلة الفراسة والمضاهاة والفحص والحيل العقلية ، وكان يقوم بكافة أعمال التحقيق الخليفة أو القاضي .

    من أشهر القضاة الذي ضربت ببراعته الأمثال القاضي أياس بن معاوية الذي عاش في زمن الأمويين ، حيث أن رجلين اختصما إليه ذات يوم في قطفتين إحداهما حمراء والأخرى خضراء وكان أحدهما قد دخل الحوض ليغتسل ووضع قطيفته ، ثم جاء الرجل الثاني فوضع قطيفته بجانبها ثم دخل واغتسل وخرج قبل الأول وأخذ قطيفة الأول، فطالبه بردها فزعم أنها له فسأل أياس الأول : ألك البينة ؟ ، فقال : لا ، فأمر أياس أن يأتوه بمشط فلما جيء به مشط رأسيهما ، فخرج من رأس أحدهما صوف أحمر ومن الثاني صوف أخضر ، فقضى بتسليم القطيفة الحمراء للأول والخضراء للثاني .

    المطلب الثالث : أساليب التحقيق في العصر الحديث و ظهور الشرطة العلمية و التقنية .

    بدأت طرق التعذيب تتلاشى تدريجيا منذ قيام الثورة الفرنسية في أواخر القرن 18 وحتى بداية القرن 19 في كافة المجتمعات ، حيث أجمعت الإنسانية على تطوير العلوم واستحداث الأساليب العلمية التي يستعين بها المحقق في التحقيق لكشف الحقيقة واستبعاد الأساليب القديمة غير الإنسانية ومنذ ذلك التاريخ بدأ العمل على تطوير نظام الإثبات وخطى التحقيق الجنائي خطوات كبيرة في ظل تطور العلوم والوسائل العلمية .

    إن أسلوب مقاومة الجريمة لم يقف جامدا بل تطور مع التطور العلمي واستفاد من العلوم التطبيقية ، حيث استخدم علم الطب في مجال التشريح وتحديد مدة وأسباب الوفاة، علم البيولوجيا في التعرف على فصائل الدم الحمض النووي البقع المختلفة ، علم البصمات في تحقيق الشخصية ، علم الطبيعة و الكيمياء في تحليل المواد العضوية وغير العضوية للتعرف

    على حالات التسمم وفي تحاليل المخدرات ومعرفة تكوين المادة وعلم التصوير الفوتوغرافي في تسجيل صور المجرمين ومسارح الجريمة .

    وقد ساهم مجموعة من العلماء في وضع اللبنات الأولى للشرطة التقنية والعلمية وكان لكل واحد منهم دوره الفعال الذي أدى إلى وضع حجر الأساس في بناء هذا الفن حتى وصوله هذه الدرجة التي نراها اليوم.

    فكان في مقدمة هؤلاء العلماء “هانس قروس ” أستاذ القانون الجنائي في جامعة بريتول أشهر المؤلفين و الباحثين في مادة تحديث أساليب البحث الجنائي والذي يعتبر أب التعرف الجنائي ، الذي عرفه سنة 1893 في كتابه دليل قاضي التحقيق .

    أول من فكر من علماء العصر الحديث بالانتفاع من البصمات هو الدكتور “جان إيفانجيليست “Jean Evangelist Purkinje تشيكي الأصل أستاذ علم وظائف الأعضاء بجامعة برسلو، فقد وضع عام 1823 رسالة باللغة اللاتينية بين بها فوائدها وقسمها إلى 09 أنواع وإقترح طريقة لحفظها وترتيبها ولكن جهوده لم تلقى تقديرا.

    في عام 1877 اقترح السير ” وليام هرشل ” William Herschel (1833 – 1917) حاكم مقاطعة الهوجلي ولاية البنغال في الهند استعمال البصمات في تحقيق شخصية السجناء والمتهمين ، حيث لم يلقى اقتراحه اهتماما ، وفي تلك الأثناء كان الدكتور ” هنري فولدز ” Henry Faulds (1843 – 1930) من قبرص يدرس باليابان البصمات التي وجدها على الأواني القديمة ، وما أن اهتدى إلى حقيقتها وقيمتها في تحقيق الشخصية بعد أن أجرى عليها تجارب ، حتى أرسل عنها بحثا إلى مجلة الطبيعة “Nature” الأنجليزية ، بين فيها أن آثار البصمات التي يتركها الجناة سوف تلعب دورا كبيرا في التحقيق الجنائي مستقبلا إذا ما سجلت بصمات المجرمين على نطاق واسع ، ولما اطلع ” هرشل” على البحث بالمجلة إتصل بالدكتور”فولدز” وأطلعه على أبحاثه في الموضوع .

    في عام 1886 أتم السير “فرنسيس قالتون” Francis Galton (1822 – 1911) أبحاث “هرشل” و “فولدز” بتسجيل مجموعات كبيرة من بصمات الأصابع وتوصل إلى استحالة تطابق بصمتي شخصين مختلفين ورتب البصمات بطريقة أولية .

    في عام 1891 وضع ” جوان فوشتيش ” Juan Vucetich بالأرجنتين طريقة خاصة لحفظ بصمات الأصابع ولما خلف السير”إدوارد هنري ” السير ” وليام هرشل ” في وظيفته بالهند وضع ترتيبا لحفظ البصمات وبين أوجه الاستفادة منها ووضع كتابه المشهور “استخدام وتصنيف بصمات الأصابع” Used and Classification of Finger Print وهو الذي نظمت على أساسه أجهزة بصمات الأصابع في أغلب بلاد العالم .

    في عام 1880 وضع العالم الفرنسي ” ألفونس برتيون ” Alphonse bertillon (1853-1914) وهو مختص في علم الإجرام طريقة القياس ، حيث اهتدى إلى أنه لا يمكن لشخصين أن يكون لهما نفس المظهر ونفس المقاييس الجسمانية، أي أن كل إنسان يختلف في مقاييس أعضاء جسمه كطول الرأس وعرضه وطول الجبهة والقدم والأصابع …إلخ، حيث سمي بنظام ” الأنتروبمتريك ” Anthropométrie، يتم أخذ الصورة المقابلة للمجرمين ومن الجانب الأيمن للوجه وتسجيل مقاييس أعضاء جسمه على نموذج خاص ويرجع إليه عند الحاجة ، بعد اكتشاف عدم إمكانية تطابق بصمتين من طرف “قالتون ” و إقتناع “برتيون ” بأهميتها أضاف البصمة إلى نظام التعرف الذي وضعه وعمم العملية في البداية على السجناء في فرنسا .

    كما وضع الجنرال “اتشرلي” مدير شرطة “وست ريدنج” بالمملكة المتحدة في عام 1913 طريقة الأسلوب الإجرامي التي تعتمد على تحديد هوية الجاني انطلاقا من أسلوب ارتكاب الجريمة ونسب الجريمة إلى من إعتاد إتباع نفس الأسلوب في ارتكاب جرائمه ، ثم تطورت هذه الطريقة وأضيف إليها كافة المعلومات المتعلقة بالشخص حيث يمكن الوصول إليه عندما ترتكب جريمة ينطبق أسلوب ارتكابها مع الأسلوب المسجل لدى الشرطة وعرفت هذه الطريقة بنظام التسجيل الجنائي والذي أعتمد عليها المؤتمر الدولي للشرطة سنة 1922 للتعرف على طريقة الأسلوب الإجرامي.

    الطبيب الكيميائي الفرنسي ” ماتيو أورفيلا ” Mathieu Orfila (1787 – 1853) من أصل إسباني ينشر سنة 1813 كتاب “Traité Des Poisons on Toxicology Génerale ” ويضع أول تجربة للتعرف على الدم وهو أول من استخدم الميكروسكوب لإكتشاف الآثار ذات الطبيعة البيولوجية كالدم والمني .

    في سنة 1900 الطبيب الأمريكي “كارل لاندستينر” Karl Landsteiner (1868-1943) من أصل نمساوي يكتشف الزمرة الدموية للإنسان A ,B,O حيث حصل على جائزة نوبل سنة 1930 ويكتشف مع “وينر”A.S.Wiener سنة 1940 العامل “ريزيس” Rhésus كما قام الطبيب ” ماكس ريشتر ” Max Richter بإدخال أعمال لاندستينر في الطب الشرعي وتطبيقها في علم البحث الجنائي .
    وبالرغم من التطور السريع الذي عرفته الشرطة التقنية إلا أن الشرطة العلمية لم تظهر إلا في بداية القرن العشرين نتيجة للتطور العلمي الذي خطى خطوات عملاقة مما أدى إلى ظهور وإنشاء عدة مخابر علمية لتحليل الآثار المادية التي يجمعها المحقق منها :
    – سنة 1910 أنشأ الطبيب و القانوني الفرنسي “إدموند لوكارد”Edmond Loucard (1877 – 1952) أول مخبر في العالم بمدينة ليون الفرنسية يحمل إسم مخبر العلوم الجنائية.
    – سنة 1919 أنشأ مخبر جنائي في مدينة برلين الألمانية .

    – سنة 1913-1914 أنشأ أول مخبر للطب الشرعي في مدينة تورينينا بكندا .
    – سنة 1923 أنشأ مخبر جنائي في مدينة فينا السويسرية .
    – سنة 1923 أنشأ أول مخبر جنائي بمدينة لوس أنجلس بالولايات المتحدة الأمريكية ، ثم أنشأ بعد ذلك مخبر لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI الذي يعتبر من أضخم المختبرات الجنائية الموجودة حاليا في العالم .

    أما أول مخبر للشرطة العلمية أنشأ في الدول العربية فكان بمصر سنة 1957، ثم تبعه العراق ، الأردن ، المملكة العربية السعودية ، الكويت والإمارات العربية المتحدة .
    أما في الجزائر فقد أنشأ بها أول مختبر للشرطة العلمية سنة 1970 وهو تابع للأمن الوطني والذي يقوم بتحليل الآثار المادية للجرائم المعاينة من طرف عناصر الشرطة القضائية التابعين للأمن الوطني أو الدرك الوطني أو بطلب من السلطات القضائية .

    المبحث الثاني : الخبرة القضائية (الأطر القانونية).

    إن للخبراء دورا هاما جدا في مساعدة المحقق على أداء واجبه ، وإنارة الطريق أمامه ، وكشف غموض بعض الوقائع والخبرة نوع من التخصص في جانب من جوانب التحقيق ، لا يستطيع المحقق أن يتقنه بل تبقى فيه معلومات عامة .

    بلغ التطور في الدول المتقدمة ، حيث أصبحت إدارة خاصة للخبراء تضم نخبة من العلماء الذين تخصصوا في كل علم و فن يفيد التحقيق ، جهزت بأدوات حديثة وجد متطورة من أجل كشف ملابسات كل القضايا التي تتطلب الخبرة والإستشارة العلمية .

    يجب اللجوء إلى الخبير في الوقت المناسب ، أي قبل فوات الأوان ، فالإسراع في إنتداب أو استشارة خبير سيجعله يرى أثار الجريمة قبل زوالها أو جفافها و ضياع الفائــدة
    منها ، هذا من جهة ، ولا يجوز اللجوء إلى الخبرة إلا إذا كان هناك لزوم بها ، من جهة أخرى إذ لا يجوز إغراق الخبير بمسائل تافهة يستطيع الشخص العادي أن يدركها بنفسه ، غير أنه لا يجوز للمحقق أن يضع نفسه مكان الخبير كأن يقول أنه فحص فرامل السيارة فوجدها غير صالحة ، فالخبير المختص أو الميكانيكي هو الأقدر على تحديد عدم الصلاحية وسببها وهل هو راجع إلى سوء إستخدام المركبة أو لخلل طارئ لا يد للسائق فيه ، ولا يجوز للمحقق كذلك أن يقرر أن الدمــاء التــي وجدها آدميــة دون الإستعانة بالخبير المختص ، أو أن الحريق نتيجة تمــاس كهربائـــي …

    و على المحقق أن يكون واعيا فاهما للمبادئ الأولية لاختيار الخبير المناسب ، فلا ينتدب أو يستشير طبيب شرعي في مسألة تتطلب مهندسا كهربائيا … أي يجب أن يلم المحقق بإختصاص كل خبير .

    المطلب الأول : تعريف الخبرة القضائية .

    تعريف الخبرة القضائية :
    الخبرة إجراء يستهدف إستخدام قدرات شخص الفنية و العلمية، و التي لا تتوافر لدى رجال القضاء، من أجل الكشف عن دليل أو قرينة يفيد في معرفة الحقيقة بشأن وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم أو تحديد ملامح شخصيته الإجرامية (1).

    المطلب الثاني : ندب و اختيار الخبراء.

    أولاً : ندب الخبراء.
    ندب الخبير إجراء من إجراءات التحقيق يهدف إلى الكشف عن الحقيقة بشأن وقوع الجريمة و مسؤولية الجاني عنها. و لذلك فإنه يصدر عن قاضي التحقيق، ويحرك الدعوى العمومية إذا أستهل به المحقق إجراءات التحقيق كإنتداب الطبيب لتشريح الجثة (2).

    و الإستعانة بالخبراء موجود منذ أمد بعيد، إلا أن التقدم العلمي الذي حدث منذ القرن التاسع عشر خاصة في ميادين الطب الشرعي و الشرطة التقنية و العلمية بسطها لتشمل مجالات متعددة. كيميائية كتحليل مادة أو أثار لمعرفة مصدرها أو خطية لنسبة كتابة يدوية أو آلية إلى من صدرت عنه أو حسابية كتحديد المبلغ المختلس مثلا أو طبية عضوية أو عقلية أو نفسية لفحص قدرات المتهم أو المجني عليه.

    ثانيا:اختيار الخبير.

    لكل جهة قضائية تتولى التحقيق أو تجلس للحكم عندما تعرض لها مسألة ذات طابع فني أن تأمر بندب خبير من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب النيابة أو الخصوم(المادة 148 ق إ ج).ولكن لا يجوز لهؤلاء الأخيرين أن يعينوا أو يختاروا الخبير(3).
    كما أن وكيل الجمهورية و ضابط الشرطة القضائية يستطيعان الإستعانة بالفنيين و الخبراء في حلة التلبس و الاشتباه في الوفاة (المادتين 49 و 63 ق إ ج). كما يجوز لضباط الشرطة القضائية في حالة غير التلبس أن يستعينوا بالفنيين اللازمين لفحص الآثار التي

    توجد على الأشياء المضبوطة أو في مكان الجريمة إذا إستدعى الحال ذلك أو خيفة ضياعها أو تلفها.

    ثالثا: أنواع الخبراء.
    يتنوع الخبراء الذين يمكن أن يلجأ إليهم الباحث حسب تخصصاتهم العلمية بصورة كبيرة إلا أنهم تبرز منهم فئات معينة يهمنا أن نوضح أهم المجالات التي يقدمون فيها العون إلى الباحث الجنائي حسب الآتي (4) :

    01 – الأطباء الشرعيون :

    هم فئة من دارسي الطب تتخصص في الفحص الشرعي للجسم البشري ، تتلقى تدريبا متعمقا في مختلف الإصابات الجنائية ، ويعتبر خبير الطب الشرعي من عمد الخبراء في مجال تقديم العديد من الأدلة الجنائية التي تبرز منها على سبيل المثال مايلي:

    – تحديد هل الوفاة جنائية أم طبيعية .
    – تحديد السبب الذي أدى إلى حدوث الوفاة الجنائية .
    – تحديد الأداة المستخدمة في إحداثها ونوعية الإصابات الناجمة عنها .
    – تحديد المكان التقريبي لمحدث الإصابة من المجني عليه ، وإمكانية تعدد الجناة .

    02- خبراء الأدلة الجنائية :

    هم متخصصون في فحص أثار البصمات والأقدام أهم مجالات التعاون التي يقدمونها للباحث الجنائي ما يلي:

    – رفع أثار بصمات الأصابع والأقدام من مواقع الحوادث ومضاهاتها مع أثار المشتبه فيهم .
    – حفظ أرشيف لبصمات الأصابع الفردية للخطرين على الأمن بما يمكن من تحديد شخصية صاحب الأثر من بصمة أصبع واحد منه .
    – تنظيم حفظ أرشيف للسوابق يتيح للباحث التعرف على السجل الإجرامي لأي شخص .

    03 – خبراء التصوير :

    يقومون بتقديم العون للباحث في مجال تصوير أماكن الجرائم ومواقع الآثار والأدلة المكتشفة ، خاصة التي يتعذر رفعها من مكان الحادث . كما يصورون البصمات تمهيدا لمضاهاتها ، ويعتبر المخطط البياني للجريمة أحد المستندات الأساسية في ملفات الحـوادث الهامـة ، ويقدم للقاضـي صورة حيـة لمعاينـة مكان الحادث ودليـلا حيا على اعتراف المتهمين ، ليزيد إقتناعه الشخصي في عملية الإثبات .

    04 – الخبراء البيولوجيون :

    يحملون تخصصات عالية في دراسة العلوم والكيمياء، ويهتمون أساسا بدراسة المخلفات الحيوية الناجمة عن الإنسان أو الحيوان أو النبات وهم يقدمون في مجالات تخصصهم الأدلة التالية :

    – في مجال البقع الحيوية : يثبتون إن كانت بقعا لدماء أو مواد أخرى ملوثة ، ثم يحددون هل هي دماء بشرية أو حيوانية ، ويحددون أيضا فصيلة دماء البقعة المعثور عليها وما قد يشوب الدماء من أمراض تصيب مكوناته ، ويظهرون الصورة التي كان عليها الشخص التي تساقطت منه الدماء ( راقدا ، ماشيا ، جاريا ) وذلك عن طريق دراسة شكل البقع الدموية المتروكة بمكان الجريمة .

    – في مجال أثار مخلفات الشعر: يحددون ماإذا كان الشعر أدميا أو حيوانيا وهل هو لأنثى أو لذكر ، كما يحددون جزء الجسم الذي تساقط منه الشعر .

    – في مجال أثار الأنسجة : بتحديد مكونات الأصباغ والنقوش وحدة الخيوط ونوعيتها وأسلوب نسجها ، كما يقدمون قدم أو حداثة النسيج ، وما قد يعلق بها من مواد أو شوائب .

    في مجال الآثار البيولوجية بصفة عامة حدث تقدم علمي كبير تبلور في إمكانية التعرف على شخصية الجاني بصورة مؤكدة ، من خلال فحص أي أثر بيولوجي يتركه الجاني بمسرح الجريمة وذلك عن طريق تحليل ومضاهاة الجينات الموجودة بالحمض النووي للخلايا بكل من الأثر البيولوجي المرفوع مع العينة المأخوذة من المشتبه فيه ، وهو الأسلوب الذي يعطي دليلا قاطعا على نسبة الأثر البيولوجي إلى صاحبه مثله مثل بصمات الأصابع .

    05- خبراء الأسلحة النارية :

    هم خبراء تلقوا دراسات تخصصية في أنواع الأسلحة النارية ومميـزات كل منـها وأنواع الذخيرة المستعملة فيها ، يقومون بفحص الأسلحة النارية المستخدمة في الحوادث ومضاهاتها على الأسلحة المشتبه في استخدامها في الجرائم ، يقدمون للباحث في هذا المجال المعلومات التالية :

    – تحديد نوعية السلاح المستخدم وعياره من واقع ما يعثر عليه من مقذوفات فارغة بمكان الحادث .
    – تحديد خطوط سير الطلقات النارية التي أصابت المجني عليهم ، تعيين تقريبي لموقع الجناة وتحديد بعد المسافة بين مطلق النار والمجني عليه ، مما يعطي مؤشرات غاية في الأهمية وتوجيه عمليات البحث .
    – مضاهاة القذائف المعثور عليها وغيرها من بواقي عملية إطلاق النار ، ويقوم بإجراء فحصها مع النواتج المستخلصة من السلاح المشتبه فيه ، ويستطيع أن يقدم دليلا على نسبة السلاح المضبوط إلى القذائف المعثور عليها بمكان الحادث أو المستخرجة من جثمان المجني عليهم .
    – التمكن من إستظهار أرقام الأسلحة ونزعها حتى وأن أزيلت عمدا من الجناة .

    06 – خبراء الخزائن والأقفال :

    لهم القدرة على التعرف على كافة أنواع الخزائن وأساليب إغلاقها ، وأنواع الأقفال المستخدمة فيها ووسائل تأمينها ، يمكنهم تقديم المعلومات التالية :

    – تحديد الآلات المستخدمة في الفتح العنيف للخزائن وإعطاء تصورهم على مدى إحتراف مرتكب الحادث من خلال أسلوبه في الكسر .

    – رفع أثار الخدوش التي تتركها الآلات المستخدمة في الفتح ومحاولة مضاهاتها مع الآثار المتخلفة من الآلات المشتبه فيها المضبوطة في حيازة الجناة .

    – تحديد الفترة الزمنية التقريبية لتخلف أثار الخدوش بدراسة عوامل البريق أو الصدء العالق بها

    – تحديد موضع الجاني من القفل المكسور ، وهل فتح بمفتاح أصلي أو مصطنع .

    07- خبراء الحرائق:

    طائفـة من المتخصصيـن في دراسـة الحرائـق والتعمق في معرفـة أسبــاب نشوبها ، يستطيعون تحديد مايلي:

    – الوقت التقريبي لبدء نشوب الحريق .

    – أسباب الحريق ( متعمدة أم لا ) .

    08- خبراء الخطوط :

    من أجل كشف حالات تزوير المحررات والعملات الورقية المختلفة ، ويمكنهم القيام بما يلـي:

    – تحديد مصدر المحررات المكتوبة على الآلات الكاتبة بنسبتها إلى الآلة التي حررت عليها.

    – تبيين وكشف العملات الورقية المزورة .

    09 – الخبراء الكيميائيون:

    متخصصون في القيام بعمل التحليلات الكيميائية لمختلف السوائل والمواد التي يحتاج الباحث الجنائي التعرف على مكوناتها وخصائصها ، يقدمون المساعدات التالية:

    – التعرف على المواد السامة وتحديد مكوناتها وخصائصها وأثارها على الجسم البشري .

    – كشف المواد المفرقعة وتحديد نوعيتها وخصائصها .

    – اكتشاف حالات الغش في السوائل الغذائية والمركبات الكيميائية.

    المطلب الثالث : تقرير الخبرة و الرقابة عليها.

    تقرير الخبرة :
    يحرر الخبراء عند انتهاء أعمال الخبرة تقريرا يجب أن يشتمل على وصف ما قاموا به شخصيا من أعمال و نتائجها و توقيعاتهم على التقرير (4).

    الرقابة على الخبرة ( أعمال الخبير):

    القاعدة أن الخبراء يؤدون مهامهم تحت مراقبة قاضي التحقيق الذي أمر بإجراء الخبرة (م 143/3 ق إ ج).و لا يستلزم ذلك حضوره أثناء قيامهم بمهامهم، وإنما يكفي في أن يكونوا في إتصال به و أن يحيطوه بتطورات عملهم، و أن يمكنوه من كل ما يجعله في كل حين قادرا على اتخاذ الإجراءات اللازمة (م 148 ق إ ج). كما تتجلى مراقبة قاضي التحقيق كذلك في أنه يحدد في قرار ندب الخبراء مهلة لإنجاز مهمتهم. غير أنه يجوز له تمديدها بقرار مسبب بناء على طلب الخبراء.

    مراجع
    (1) – سورة المائدة – الآية 42 .
    (2) – سورة النساء – الآية 58 .
    (3) – سورة الحجرات – الآية 12
    (4) – سورة الحجرات –الآية 6.
    (5) – سورة النساء – الآية 15.
    (1) أحمد شوقي الشلقاني- مرجع سابق- ص259-
    (2) جيلالي بغدادي – مرجع سابق – ص154-
    (3) قانون الإجراءات الجزائية – المادة 148-
    (3) قانون الإجراءات الجزائية – المادة 148-
    (4) للواء محمد فاروق عبد الحميد كامل – مرجع سابق – ص298
    (4) قانون الإجراءات الجزائية – المادة 153-


      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 22:41