*نطاق التوكيل للمحامي*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
اقرا ايضا
وجوب الفصل في الدفوع المتعلقة بالنظام العام استقلالاً
حجية مقترحات المختصين في الجهات الحكومية
الشهادة على تسليم الثمن في مجلس البيع
حضور المحكوم عليه غيابياً بحد أو قصاص
*
تناول الحكم محل تعليقنا نطاق التوكيل للمحامي، وأشار الحكم إلى ان المحامي طليق في حدود التوكيل الصادر له طالما ان مايقوله المحامي أو يفعله من مقتضيات المرافعة والمدافعة نيابة عن موكله، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-10-2016م في الطعن رقم (57899)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان الطاعن يثير في أسباب طعنه خروج وكيله عما نصت عليه الوكالة الصادرة له بالمخالفة للمادة (120) مرافعات، فأنه بالنظر إلى الوكالة المرفقة بملف القضية نجد أنها قد منحت المحامي حق المرافعة والمدافعة في قضية الاخوة مع اختهم، وهم لا ينكرون المخلف الذي تركه والدهم بعد وفاته، كما أنه لا يوجد اثناء إجراءات القضية اعتراض من الاخوة بمن فيهم الطاعن على إفادة المحامي وكيلهم التي أدلى بها شفاهة أمام محكمة أول درجة والتي طلب فيها ترك الأمر للمحكمة فيما يتعلق بقسمة المخلف سواء قسمة معايشة أو نهائية، وهو ما طلبه أيضاً وكيل المطعون ضدها، وبموجب ذلك الطلب قررت محكمتا الموضوع قسمة المخلف قسمة نهائية، حيث تبين لمحكمة الموضوع عدم جدوى قسمة المعايشة بين الورثة لعدم إيصال ما تستحقه الوارثات من النساء لحقوقهن من قبل اخوانهن ومنهم الطاعن الذي استأثروا بالتركة جميعها، لذلك قررت محكمة الموضوع القسمة النهائية للمخلف بين الورثة الشرعيين على الفرائض الشرعية، فلا خير في ذلك ولا وجه لما يثره الطاعن بشأن تجاوز الوكيل وإنحياز هيئة الحكم)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
*الوجه الأول: الوضعية القانونية للوكالة بصفة عامة:*
*الوكالة بصفة عامة: من التصرفات القريبة من الإرادة المنفردة، حيث لا يشترط فيها قبول الوكيل الوكالة في مجلس تعبير الموكل عن إرادته في تعيين الوكيل، حيث يقوم الموكل بتحرير الوكالة لدى الأمين الشرعي أو قلم التوثيق أو في القنصلية خارج اليمن من غير حضور الوكيل أو قبوله أو موافقته على الوكالة، فالوكالة ليست عقداً ينعقد بصيغة الإيجاب والقبول المنجزين في المجلس كما هو الحال بالنسبة للعقد، كما ان الموكل يملك الغاء الوكالة من غير موافقة الوكيل، وان كان يلزمه دفع أجرة الأعمال والمصاريف التي تكبدها الوكيل في سبيل تنفيذ الوكالة، ويذهب فريق من الفقه إلى أن الوكالة: عبارة عن تعيين صادر من الأصيل لإقامة الوكيل مكانه لمباشرة بعض التصرفات نيابة عنه، ولذلك فإن الوكيل يباشر الأعمال المحددة في الوكالة باسمه، ولكن تبعة تلك الأعمال يتحملها الموكل.*
*الوجه الثاني: الطابع الخاص لتوكيل المحامي:*
*المحامي صاحب مهنة وإختصاص وترخيص يجيز له مزاولة أعمال هذه المهنة، فأعمال المحاماة محصورة في المحامين المرخص لهم المقيدين في جداول نقابة المحامين، فلا يجوز لغير المحامين مباشرة أعمال الترافع أمام المحاكم وما في حكمها بإستثناء أقارب الخصوم المحددين على سبيل الحصر في قانون المرافعات، ولذلك فإن التوكيل الصادر للمحامي تكون له خصوصيته بإعتبار المحامي يباشر بموجب التوكيل الصادر له أعمال مهنية يحددها او يبينها القانون وآداب واعراف وقواعد مهنة المحاماة فلا يسع التوكيل الصادر للمحامي ان يتضمن مايجوز ومالايجوز فيما يتعلق في الجانب المهني لعمل المحامي، لان القانون هو الذي يحدد مايجوز ومالايجوز للمحامي فعله عند قيامه بواجبه المهني لحساب موكله.*
*الوجه الثالث: نطاق التوكيل للمحامي المقرر في قانون المرافعات:*
*تنص المادة (119) مرافعات على أن: (التوكيل بالخصومة يخوّل الوكيل سلطة القيام بالأعمال والإجراءات اللازمة لرفع الدعوى ومتابعتها والدفاع فيها وإتخاذ الإجراءات التحفظية إلى أن يصدر الحكم في موضوعها في درجة التقاضي الموكل فيها، وعليه إبلاغ موكله بمنطوق الحكم بمجرد صدوره وذلك بغير إخلال بما يوجب القانون فيه توكيلاً خاصاً) والظاهر من خلال إستقراء هذا النص أنه اجاز للمحامي الموكل أن يقوم بالمرافعة والمدافعة وتمثيل موكله بحسب ماهو مقرر في أصول وقواعد مهنة المحاماة حيث اطلق هذا النص نطاق عمل المحامي، فلم يقيده إلا بالنسبة للاعمال التي تحتاج إلى توكيل خاص وهي الأفعال والتصرفات المذكورة في المادة (120) مرافعات مثل الإقرار بالحق لخصم موكله أو التنازل عنه أو الصلح أو التحكيم فيه أو قبول اليمين أو توجيهها أو ردها أو التنازل عن الخصومة أو عن الحكم أو عن الطعن فيه أو عن التأمينات مع بقاء الدين أو الإدعاء بالتزوير أو رد القاضي من نظر الدعوى أو مخاصمته أو رد العدل أو الخبير أو أداء العمل المدعى به أو عرضه على الخصم عرضاً فعلياً أو قبول الأداء أو العرض من الخصم أو أي تصرف آخر ينص القانون على وجوب توكيل خاص ، ونخلص من ذلك إلى القول: بأنه يحق للمحامي ان يباشر كافة التصرفات التي تقتضيها مهنته بموجب الوكالة العامة الصادرة له من موكله، ويحق له بموجب التوكيل الخاص ان يباشر التصرفات المحددة في المادة (120) مرافعات السابق ذكرها.*
*الوجه الرابع: نطاق عمل المحامي بموجب التوكيل العام الصادر له من موكله:*
*يحق للموكل ان يحدد تفصيلاً الأعمال التي يقوم بها المحامي وكذا يجوز للموكل أن يحدد الأعمال التي لا يجوز للمحامي مباشرتها طالما وان ذلك لا يتعارض مع القوانين ومع واجبات المحامي المهنية، ويتأسس حق الموكل في تحديد الأعمال التي يجب على المحامي عملها أو الإمتناع عنها إلى أن الوكالة كما سبق القول تصرف قريب من الإرادة المنفردة وان المحامي يباشرها في حين يتحمل موكله نتيجتها ومسئولياتها وتبعاتها، فمثلاً لو كان الموكل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا قد اشترط في الوكالة انه لا يحق للمحامي ان يطلب القسمة لتغير الأمر، ولذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بإن الطاعن ملزم بنتيجة طلب محاميه القسمة النهائية، لان ذلك الطلب من مقتضيات مهنته، فقد وجد المحامي ان قسمة المهايأة كانت حيلة على النساء فضلاً عن ان الموكل لم يعترض على طلب المحامي في حينه، إضافة إلى أن الموكل لم يشترط في الوكالة منع المحامي من ذلك، والله اعلم.*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
اقرا ايضا
وجوب الفصل في الدفوع المتعلقة بالنظام العام استقلالاً
حجية مقترحات المختصين في الجهات الحكومية
الشهادة على تسليم الثمن في مجلس البيع
حضور المحكوم عليه غيابياً بحد أو قصاص
*
تناول الحكم محل تعليقنا نطاق التوكيل للمحامي، وأشار الحكم إلى ان المحامي طليق في حدود التوكيل الصادر له طالما ان مايقوله المحامي أو يفعله من مقتضيات المرافعة والمدافعة نيابة عن موكله، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-10-2016م في الطعن رقم (57899)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان الطاعن يثير في أسباب طعنه خروج وكيله عما نصت عليه الوكالة الصادرة له بالمخالفة للمادة (120) مرافعات، فأنه بالنظر إلى الوكالة المرفقة بملف القضية نجد أنها قد منحت المحامي حق المرافعة والمدافعة في قضية الاخوة مع اختهم، وهم لا ينكرون المخلف الذي تركه والدهم بعد وفاته، كما أنه لا يوجد اثناء إجراءات القضية اعتراض من الاخوة بمن فيهم الطاعن على إفادة المحامي وكيلهم التي أدلى بها شفاهة أمام محكمة أول درجة والتي طلب فيها ترك الأمر للمحكمة فيما يتعلق بقسمة المخلف سواء قسمة معايشة أو نهائية، وهو ما طلبه أيضاً وكيل المطعون ضدها، وبموجب ذلك الطلب قررت محكمتا الموضوع قسمة المخلف قسمة نهائية، حيث تبين لمحكمة الموضوع عدم جدوى قسمة المعايشة بين الورثة لعدم إيصال ما تستحقه الوارثات من النساء لحقوقهن من قبل اخوانهن ومنهم الطاعن الذي استأثروا بالتركة جميعها، لذلك قررت محكمة الموضوع القسمة النهائية للمخلف بين الورثة الشرعيين على الفرائض الشرعية، فلا خير في ذلك ولا وجه لما يثره الطاعن بشأن تجاوز الوكيل وإنحياز هيئة الحكم)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:**
الوجه الأول: الوضعية القانونية للوكالة بصفة عامة:**
الوكالة بصفة عامة: من التصرفات القريبة من الإرادة المنفردة، حيث لا يشترط فيها قبول الوكيل الوكالة في مجلس تعبير الموكل عن إرادته في تعيين الوكيل، حيث يقوم الموكل بتحرير الوكالة لدى الأمين الشرعي أو قلم التوثيق أو في القنصلية خارج اليمن من غير حضور الوكيل أو قبوله أو موافقته على الوكالة، فالوكالة ليست عقداً ينعقد بصيغة الإيجاب والقبول المنجزين في المجلس كما هو الحال بالنسبة للعقد، كما ان الموكل يملك الغاء الوكالة من غير موافقة الوكيل، وان كان يلزمه دفع أجرة الأعمال والمصاريف التي تكبدها الوكيل في سبيل تنفيذ الوكالة، ويذهب فريق من الفقه إلى أن الوكالة: عبارة عن تعيين صادر من الأصيل لإقامة الوكيل مكانه لمباشرة بعض التصرفات نيابة عنه، ولذلك فإن الوكيل يباشر الأعمال المحددة في الوكالة باسمه، ولكن تبعة تلك الأعمال يتحملها الموكل.**
الوجه الثاني: الطابع الخاص لتوكيل المحامي:**
المحامي صاحب مهنة وإختصاص وترخيص يجيز له مزاولة أعمال هذه المهنة، فأعمال المحاماة محصورة في المحامين المرخص لهم المقيدين في جداول نقابة المحامين، فلا يجوز لغير المحامين مباشرة أعمال الترافع أمام المحاكم وما في حكمها بإستثناء أقارب الخصوم المحددين على سبيل الحصر في قانون المرافعات، ولذلك فإن التوكيل الصادر للمحامي تكون له خصوصيته بإعتبار المحامي يباشر بموجب التوكيل الصادر له أعمال مهنية يحددها او يبينها القانون وآداب واعراف وقواعد مهنة المحاماة فلا يسع التوكيل الصادر للمحامي ان يتضمن مايجوز ومالايجوز فيما يتعلق في الجانب المهني لعمل المحامي، لان القانون هو الذي يحدد مايجوز ومالايجوز للمحامي فعله عند قيامه بواجبه المهني لحساب موكله.**
الوجه الثالث: نطاق التوكيل للمحامي المقرر في قانون المرافعات:**
تنص المادة (119) مرافعات على أن: (التوكيل بالخصومة يخوّل الوكيل سلطة القيام بالأعمال والإجراءات اللازمة لرفع الدعوى ومتابعتها والدفاع فيها وإتخاذ الإجراءات التحفظية إلى أن يصدر الحكم في موضوعها في درجة التقاضي الموكل فيها، وعليه إبلاغ موكله بمنطوق الحكم بمجرد صدوره وذلك بغير إخلال بما يوجب القانون فيه توكيلاً خاصاً) والظاهر من خلال إستقراء هذا النص أنه اجاز للمحامي الموكل أن يقوم بالمرافعة والمدافعة وتمثيل موكله بحسب ماهو مقرر في أصول وقواعد مهنة المحاماة حيث اطلق هذا النص نطاق عمل المحامي، فلم يقيده إلا بالنسبة للاعمال التي تحتاج إلى توكيل خاص وهي الأفعال والتصرفات المذكورة في المادة (120) مرافعات مثل الإقرار بالحق لخصم موكله أو التنازل عنه أو الصلح أو التحكيم فيه أو قبول اليمين أو توجيهها أو ردها أو التنازل عن الخصومة أو عن الحكم أو عن الطعن فيه أو عن التأمينات مع بقاء الدين أو الإدعاء بالتزوير أو رد القاضي من نظر الدعوى أو مخاصمته أو رد العدل أو الخبير أو أداء العمل المدعى به أو عرضه على الخصم عرضاً فعلياً أو قبول الأداء أو العرض من الخصم أو أي تصرف آخر ينص القانون على وجوب توكيل خاص ، ونخلص من ذلك إلى القول: بأنه يحق للمحامي ان يباشر كافة التصرفات التي تقتضيها مهنته بموجب الوكالة العامة الصادرة له من موكله، ويحق له بموجب التوكيل الخاص ان يباشر التصرفات المحددة في المادة (120) مرافعات السابق ذكرها.**
الوجه الرابع: نطاق عمل المحامي بموجب التوكيل العام الصادر له من موكله:**
يحق للموكل ان يحدد تفصيلاً الأعمال التي يقوم بها المحامي وكذا يجوز للموكل أن يحدد الأعمال التي لا يجوز للمحامي مباشرتها طالما وان ذلك لا يتعارض مع القوانين ومع واجبات المحامي المهنية، ويتأسس حق الموكل في تحديد الأعمال التي يجب على المحامي عملها أو الإمتناع عنها إلى أن الوكالة كما سبق القول تصرف قريب من الإرادة المنفردة وان المحامي يباشرها في حين يتحمل موكله نتيجتها ومسئولياتها وتبعاتها، فمثلاً لو كان الموكل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا قد اشترط في الوكالة انه لا يحق للمحامي ان يطلب القسمة لتغير الأمر، ولذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بإن الطاعن ملزم بنتيجة طلب محاميه القسمة النهائية، لان ذلك الطلب من مقتضيات مهنته، فقد وجد المحامي ان قسمة المهايأة كانت حيلة على النساء فضلاً عن ان الموكل لم يعترض على طلب المحامي في حينه، إضافة إلى أن الموكل لم يشترط في الوكالة منع المحامي من ذلك، والله اعلم.*