]مقدمة
إن المذكرات القانونية شانها شأن أى بحث علمي تستلزم لإعدادها إتباع منهج علمي يسير على هداه الباحث عند تصديه لموضوع قانونى ، فإذا ما افتقد الباحث فى إعداده ف لمذكرته القانونية هذا المنهج جاءت أفكاره مشوشة وأسبابه غير واضحة ، وقد يؤدى ذلك إلى عدم استقامة نتائجه مع مقدماته، وعدم وضوح ما تساند إليه من أسباب قد يؤدى – فى الغالب الأعم إلى عدم استجابة من تقدم إليه المذكرة –محكمة، سلطة ما ......... الخ - إلى ما انتهت إليه المذكرة من طلبات .
فالمنهج العلمى فى صياغة المذكرات القانونية هو أسلوب أو طريقة منهجية فنية للمعرفة ونقلها إلى الغير ، وهو أسلوب أو طريقة تختلف عن التفكير العادي ، من حيث كونها تعتمد على منهج معين فى بحث وقائع الموضوع الذى يتصدى له الباحث ، وتحديد العلاقة بين مفردات تلك الوقائع وما قد يكون هناك من أدلة وأسانيد ومستندات ، وتفسيرها وتحليلها للوقوف على حقيقتها وأهدافها ومراميها بشكل دقيق ثم الوصول إلى نتائج منطقية تؤدى إليها تلك المقدمات والأسباب ويتعين على الباحث بداءة أن يبدأ دراسته لا ليبرهن على شئ يعتنقه وإنما ليكشف الحقيقة دون أن تلعب به الأهواء أو توجهه الميول – وهو ما يطلق عليه حياد الباحث – ولكن عندما يصل من بحث الوقائع والمستندات إلى أن الموضوع الذى يكتب من أجله مذكرته أصبح محل قناعته فهنا يتعين عليه الانحياز إلى ما وصل إليه من رأى وقناعة مدافعا عنها بفطنة ويقظة ، أخذاً فى اعتباره عدم افتراض جهل خصمه .
أولا : الصفات الواجب توافرها فى الباحث
وهناك بعض الصفات العامة التى يجب على الباحث القانونى أن يتمتع بها ، وأن يجاهد نفسه على استكمال ما نقص لديه منها وتنمية ما هو متوافر فيه ، وهذا من الأمور المنطقية التى تسبق البحث وتلزم لوجوده كى يستقيم ويسير فى الاتجاه الصحيح نحو غايته ، وتتمثل أهم تلك الصفات فيما يلى :-
1- القدرة على التحليل والاستنباط والقياس من خلال أعمال العقل والمنطق وتتكون تلك الملكة من كثرة الإطلاع على القوانين والأحكام الصادرة من القضاء العالي (نقض / دستورية عليا / إدارية عليا ) والمؤلفات الفقهية الأكاديمية والعملية – وحضور الجلسات بالمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، وذلك كله من الوسائل الضرورية لتكوين وتنمية الثقافة القانونية علميا وعمليا
2- القدرة على استخلاص النتائج وترتيبها ترتيبا منطقيا يتفق فى تسلسل مؤد إليها – مع وقائع الموضوع والتى يجب على أن تكون واضحة جلية أمام الباحث مع تفنيد كل مشكلة فى موضعها الطبيعي ، وإبراز ما قد يتوافر لديه من أدلة وبراهين ومستندات ، بحيث يمكن تصور أن يصل متلقى البحث من نفسه إلى النتيجة التى انتهى إليها الباحث فى مذكرته.
3- المهارة فى اختيار الألفاظ والتراكيب اللغوية للتعبير عن وجهة نظره وعرض أفكاره، ولا شك أن من أساسيات تكوين وتنمية تلك المهارة الإكثار من القراءات الأدبية والشعرية والمداومة عليها ، وفوق ذلك كله قراءة القرآن الكريم والمواظبة عليه .بما يمكنه ذلك كله من اختيار الألفاظ الدقيقة التى تعبر عن المعنى المقصود والابتعاد عن غريب الألفاظ ومهجورها وتجنب العبارات الغامضة .
4- عدم الأخذ بآراء الغير وما يطرحونه من أدلة وبراهين ومستندات على أنها و ما تحويه حقائق مسلم بها ، وإنما عليه أن يتناولها بالفحص والتدقيق ، إذ كثيرا ما تكشف الدراسة المتعمقة عن عدم صحة تلك الأدلة أو بطلانها أو وجود أدلة وقرائن مضادة تدحضها ، وقد تكون بعض المستندات مزورة كلية أو فى جانب منها ، أو مستخدمه فى غير ما أعدت له .
5- عدم التسرع فى إصدار الأحكام والأراء إلا إذا امتلك الدليل والبرهان على ما يعتقد بصحته أو يوقن بخطئه ، موقنا فى قرارة نفسه بأن ما يقوله صواب يحتمل الخطأ ، وإن ما يقوله خصمه خطأ يحتمل الصواب ، فعليه إذاً أن يؤهل نفسه بالدراسة والتدقيق لأن يكون قوله هو الصواب ، وأن يمحص قول غيره عساه يتبين نواحي الخطأ فيه ليستثمره فى مذكرته مقيما الدليل عليه.
6- الأ يكتفي بمعرفة جزئية أو دليل فردى أو منقوص ، وإنما عليه أن يناول موضوعه بكافة جوانبه ومناقشة كافة الأدلة دون اجتزاء توصلا إلى رؤية واضحة و جلية تمكنه من امتلاك ناصية الصواب فى بحثه
7- مراعاة الدقة فى توثيق مصادره ومستنداته وأدلته ومجليا لها فى مذكرته بحيث يتمكن المتلقي لها من التعرف عليها والاستيثاق من صحتها .
8- مراعاة أن تكون الوقائع والمستندات والأسباب والأسانيد الواقعية والقانونية التى يتساند إليها مؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها فى تسلسل منطقي ، وأن تكون تلك النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من تلك المقدمات .
ثانيا : المرحلة السابقة على صياغة المذكرة
بعد أن بين أهم الصفات العامة التى يجب أن يتحلى بها الباحث بصفة عامة والقانوني بصفة خاصة ، نأتي إلى مرحلة بالغة الأهمية وهى المرحلة السابقة على صياغة المذكرة ، وتبدأ من وقت عرض موضوع ما عليه لإعداد مذكرة أو بحث قانونى عنه ، وهنا يتعين على الباحث القيام بالاتى
1- دراسة وقائع الموضوع من كافة جوانبه دراسة متأنية والغوص فى أعماقها بموضوعية وحيادية ، و ما يتعلق بها من أدلة
وبراهين ومستندات.
2- الرجوع إلى النصوص القانونية التى تنظم تلك الوقائع وآراء فقهاء القانون بشأنها وعدم الاقتصار على قراءة رأى فقهي واحد ، وأن تكون هذه القراءات فى مؤلفات مشاهير الفقهاء ، ثم المستقر عليه فى أحكام القضاء العالي ( نقض /دستورية عليا /إدارية عليا )، وهذه هى الأسلحة الاستراتيجية الضرورية لأى باحث قانونى .
3- إجراء المناقشات التى يرى ضرورتها مع ذوى الشأن التى تعد المذكرة تحقيقا لصالحهم ، لإاستجلاء ما غمض من وقائع أو خفي من مستندات أو أدلة ، وأن يدون ذلك فى ملاحظات جانبية
4- بعد ذلك لا شك أن الباحث يكون قد تفهم وبعمق موضوعه ، وعليه حينئذ ترتيب وقائعه ومستنداته ترتيبا تاريخيا مناسبا لتلك الوقائع، وأن يحاول توقع ما قد يثيره خصمه من دفوع ودفاع مضاد – (مفترضا عدم جهل خصمه أو سذاجته ، وواضعا فى اعتباره فطنة من ستقدم إليه المذكرة ) - مهيئاً نفسه للرد على ما قد يصار من الخصم أو ممن تقدم إليهم المذكرة وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة الدعوى القضائية شأنها شأن المذكرة القانونية – وان كانت الأخيرة عادة ما تكون أكثر استفاضة بالنظر لتناولها بالشرح والتفنيد والاستدلال لما قد يوجز فى الصحيفة أو للرد على صحيفة أو مذكرة الخصم أو تقارير الخبراء - وعادة ما تندرج المذكرات القانونية تحت واحدة أو أكثر مما يلى :-
1- مذكرة بإبداء رأى قانونى
2- مذكرة بطلب مقدم لسلطة عامة مختصة
3- مذكرة مقدمة لمكتب خبراء
4- مذكرة مقدمة عن مدع فى دعوى مدنية
5- مذكرة مقدمة بدفاع متهم فى جنحه
6- مذكرة بدفاع متهم فى جناية أموال عامة
7- مذكرة فى طعن بالنقض عن مطعون ضده
8- صحيفة طعن بالنقض عن طاعن
9- مذكرة فى تحكيم
ثالثــا : الإطار العام الذى يتعين أن تشتمل عليه المذكرة من الناحية الشكلية
?يجب أن تشتمل المذكرة على البيانات الآتية :
1- الجهة التى ستقدم إليها ، فان كانت محكمة يذكر اسم المحكمة ورقم الدائرة
2- اسم مقدم المذكرة وصفته و ما إذا كان مدع أو مدع عليه
3- اسم الخصم وصفته وما إذا كان مدع أو مدع عليه
4- رقم القضية وسنتها والجلسة المحددة لنظرها
5- وقائع النزاع فى تسلسل منطقي مدعما بالمستندات ان وجدت
6- تفنيد تلك الوقائع والمستندات ومدلولها
7- النصوص القانونية ذات الصلة
8- المستقر عليه فقها وقضاءا فى شأن النصوص القانونية وما قد يكون هناك من سوابق قضائية فى مثل هذه الحالة والتى تدعم وجهة نظر الباحث وطلباته ، مع تحديد تلك المراجع ( رقم الحكم ، وسنته، والمحكمة التى أصدرته، وتاريخ صدوره ) وبالنسبة للمراجع الفقهية (ذكر اسم المرجع، ومؤلفه، وسنة الطبع، ورقم الصفحة أو الصفحات المنقول منها الرأى )
9- مقتضى إنزال النصوص القانونية والمستقر عليه فقهاً وقضاءاً على وقائع النزاع وأسانيده
10- الطلبات الختامية .
رابعا : كيف تكتب المذكرة فى صياغة قانونية فنية ؟
للاجابه على هذا السؤال يتعين أن نجيب على سؤال آخر هو ، لمن ستقدم هذه المذكرة أو لأى محكمة ستقدم ؟ ومن صاحبها ؟
ذلك أن الأمر يختلف اختلافا جذريا فى المذكرات إلى جهات غير قضائية وتلك التى تقدم إلى المحاكم وهذه تختلف فى المذكرات التى تقدم إلى المحاكم المدنية عنها فى المذكرات التى تقدم إلى المحاكم الجنائية على التفصيل الذى سيأتي بعد :
أولا : فى الدعاوى المدنيـــــــــة :
وفيها نفرق بين :
أ – المذكرات التى تقدم من المدعى والمدعى عليه
ب-المحكمة التى ستقدم إليها ودرجاتها ( الابتدائى والاستئناف )
أما الطعن بالنقض فانه يختص بقواعد يجب الالتزام بها فإذا حاد عنها كاتب المذكرة يتعرض للبطلان .
1- المذكرات التى تقدم من المدعى أو المدعى عليه أمام المحاكم الابتدائية ( أولى درجة ) :
وقبل أن نتناول مذكرة المدعى لا بد من التعرض لصحيفة افتتاح الدعوى فهي بمثابة مذكرة يجب أن تتضمن شرحا وافيا لموضوع الدعوى مؤيدا بالمستندات التى يجب أن تنطوى عليها الحافظة التى تشفع بالمذكرة وتكون هذه المذكرة جامعة مانعة للدرجة التى قد تغنى عن الكتابة أثناء نظر الدعوى وجدير بالذكر أنه يجب إيراد نصوص القانون المنطبقة والاستشهاد بأحكام محكمة النقض فيما أوردته من وقائع وأن تنزل عليها حكم هذا القانون وتلك الأحكام فإذا قدم المدعى عليه مذكرة ، هنا يجب عليه أن يقدم المدعى مذكرة يرد فيها على ما انطوت عليه مذكرة المدعى عليه من مغالطات سواء فى واقع الدعوى أو فى إنزال حكم القانون عليها وذلك حسب ما ورد بالمذكرة المعنية
2- مذكرة المدعى عليه :
تبدأ المذكرة بإبداء ما نراه من دفوع قد تكون شكلية مثل الدفع بعدم الاختصاص المحلى أو الدفع، بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة ، أو عدم الاختصاص القيمي وقد تكون موضوعية مثل الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها مع إيراد الدليل على صحة الدفع ، وما إلى ذلك من دفوع حفل بها قانون المرافعات وللبحث فيها مجال آخر ونكتفي هنا بالقول أنه يتعين على المحامى الإلمام بهذه الدفوع والاسترشاد فيما يكتب بنصوص القانون وما هو مقرر فى أحكام محكمة النقض إذا كان النزاع مطروحا أمام القضاء العادي أو أحكام المحكمة الإدارية العليا إذا كان مطروحا أمام القضاء الادارى ثم نتناول الرد على ما تضمنته صحيفة الدعوى فى موضوعها أو من حيث التطبيق القانونى، أى إنزال حكم المبادئ القانونية الصحيحة على الواقعة، وشرح ما قد يكون المدعى قد انزلق فيه من تحريف للموضوع وبيان عدم انطباق المبادئ القانونية التى استند إليها المدعى فى صحيفة دعواه أو فى المذكرات التى تقدم بها لاحقا ، وتفنيد الحجج التى تساند إليها وإظهار الوجه الصحيح للحق فى الدعوى
ب- : المذكرات التى تقدم من المستأنف أو المستأنف ضده فى الاستئنــاف :
لا بد بداءة أن نضع فى الاعتبار أن الاستئناف هو طعن على حكم صادر من محكمة أول درجة لم يرتضيه من صدر ضده الحكم كلياً أو جزئياً ، وقد يكون من صدر ضده الحكم هو المدعى أو المدعى عليه أمام أول درجة فهنا يكون كمن لم يرتض هذا الحكم الطعن عليه بالاستئناف
ا- المستــأنف :
يتعين أن تكون صحيفة الاستئناف مشتملة على جميع المطاعن التى يمكن توجيهها إلى الحكم المستأنف فإذا كان المستأنف هو المدعى أمام محكمة أول درجة فعليه أن يهاجم الحكم لعدم أخذه بالأدلة والمستندات التى سبق طرحها على محكمة أول درجة بالبرغم من وضوحها وقطعية دلالتها على الحق الذى رفعت به الدعوى والرد على الحجج التى ساقها المستأنف ضده (المدعى عليه أمام محكمة
أول درجة )، ويمكن الاستعانة فى هذا الشأن بما عساه أن يكون قد تناوله فى المذكرات المقدمة الى محكمة أول درجة مع التأكيد على النقاط المهمة فيه أو اعادة شرحها بأسلوب أوضح ويمكن تعزيز وجهة النظر بمزيد من المستندات التى تدحض ما ذهب اليه الحكم المستأنف وإذا كان المستأنف هو المدعى عليه أمام محكمة أول درجة فانه يتعين أن تشتمل صحيفة استئنافه على الرد على ما ساقه الحكم المستأنف من أسباب تساند إليها فى قضائه ، وكذا الرد على حجج المدعى فى الدعوى ، وأخص بالذكر ما قدم من مستندات، وفى الجملة الرد على أسباب الحكم وحجج المدعى ( المستأنف ضده) سواء أكانت تلك الحجج قد وردت فى صحيفة دعواه أم فى مذكراته
ب- المستأنف عليــــــــــه :
يبدأ المستأنف عليه بعرض موجز لوقائع الدعوى ويمكنه أن يستعين بما أورده الحكم المستأنف فى شأنها وينتقل بعد ذلك إلى الدفوع التى يرى إبداؤها ومنها ما هو شكلي مثل الدفع بسقوط الاستئناف للتقرير به بعد الميعاد أو الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة أو موضوعيا مثل الدفع ببطلان الاستئناف لتحقق سبب من أسبابه وينتقل كاتب المذكرة بعد ذلك إلى الرد على صحيفة الاستئناف بأن يتناول كل سبب من الأسباب بالرد عليه بما يدحضه سواء من حيث واقع الدعوى أو ما يكون تردى فيه من مغالطات قانونية فبالنسبة لواقع الدعوى فأن المستندات هى القول الفصل فيها وعلى ذلك ينبغي شرح المستندات التى تؤدى الى تعزيز وجهة نظر المستأنف عليه وإذا أمكن الاستعانة بمستندات جديدة أو طلب ضم محضر أو قضية فيها ما يعين على توضيح وتعزيز ما دفاعه
وبالنسبة للمبادئ القانونية فيعاد شرحها مع الإشارة الى ما سبق تناوله أمام محكمة أول درجة والإحالة عليه وإبراز حكم النقض المنطبق على واقع الدعوى حتى لو كان وقد سبق إيراده فى المذكرات أمام محكمة أول درجة والدفاع عن الحكم المستأنف فيما أورده من أسباب تؤدى الى النتيجة التى انتهى إليها وفى كلتا الحالتين أى سواء أكانت المذكرة مقدمة من المستأنف أم المستأنف عليه يجب أن تتعرض لوقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل ودون إطناب يدخل الملل على قارئها
وأخيرا إذا كانت المذكرة ردا على الدعوى أو ردا على مذكرة قدمت فيها فيجب أن يكون الرد هادئا مدعما بالمنطق والقانون وأحكام النقض دون التدني إلى ألفاظ التى قد يعتبرها الخصم إهانة له فالاحتكام فى النهاية والغلبة للمنطق السليم وصحيح القانون
ثانيا :- فى الدعاوى الجنائيـــــــــــة :-
وفيها يختلف الأمر عما إذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنح بدرجتيها (جنح ، جنح مستأنفة ) أم إلى محكمة الجنايات ومع ذلك هناك ثوابت لا تحيد عنها فى الأمرين ذلك انه لابد من إبداء الدفوع أولا قبل الخوض فى الموضوع وعلى الأخص الدفوع المتعلقة بالبطلان إذا ما وسعته الدعوى سواء كان البطلان متعلقا بالتفتيش أو الإذن به أو شخص من قام به ....الخ ثم التعرض إلى لوقائع الدعوى مستخلصا من المحاضر التى ضبطت فى شأنها دون تحريف أو مغالطة حتى تكسب احترام القاضي، وبعد ذلك الانتقال إلى مناقشة الدليل فى الدعوى وهنا يختلف الأمر عما إذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنايات عنها إذا ما كانت مقدمة إلى محكمة الجنح
المذكرة المقدمة إلى محكمة الجنايات :
تقدم النيابة العامة قائمة بأدلة الإثبات التى رأت أن فيها الدليل على الاتهام الذى قدمت به المتهم إلى المحاكمة الجنائية وهنا يجب علينا أن نناقش هذه الأدلة الدليل تلو الآخر ونستخلص من أوراق الدعوى ما يدحضها وقد نستعين بمستندات نقدمها إلى المحكمة تعزز ما ذهبنا إليه فى دفاعنا وبعدها أو قبلها حسب ظروف الواقعة علينا أن تناقش أركان التهمة أو الاتهامات المنسوبة إلى المتهم وبيان أن التهمة فاقدة لأحد أركانها والتركيز على شرح أهمية الركن الفاقد وعلى سبيل المثال قصد الاستيلاء على مال للدولة مصاحبا لفعل الاستيلاء أو الدليل على حسن النية فى بعض الجرائم ...... الخ ولا يفوتنا مناقشة أقوال شهود الإثبات وتوضيح ما تناقضوا فيه من وقائع وأن هذا التناقد الحكم ببراءة المتهم وفى النهاية إسقاط أقوال هؤلاء الشهود وإنها بذلك لا تصلح دليلا فى الدعوى ويحسن إن يكون ذلك تحت عنوان بارز هو " مناقشة الأدلة "
- وختام المذكرة التدليل على البراءة ثم الانتهاء إلى طلب ختامي وهو الحكم ببراءة المتهم
المذكرة المقدمة الى محكمة الجنح
:
لا تختلف كثيرا عن المذكرة السابقة إلا فى أن النيابة العامة لا تقدم قائمة بأدلة الإثبات ولذلك عليك أن نستنبط بأنفسنا هذه الأدلة من محاضر الاستدلال والتحقيقات ، ونتناولها بالتفنيد، وفى هذا لا يختلف الأمر عنه أمام محكمة الجنايات من حيث مناقشة من سمعت أقواله ومناقشة أدلتها، وتختلف كل مذكرة عن الأخرى حسب موضوع التهمة وما أحاط بها وإذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنح المستأنفة فعلينا مناقشة الحكم المستأنف وبيان أوجه العوار فيه وأخصها الفساد فى الاستدلال وبيان وجه البطلان التى انطوى عليها ذلك الحكم
منقول للفائدة
إن المذكرات القانونية شانها شأن أى بحث علمي تستلزم لإعدادها إتباع منهج علمي يسير على هداه الباحث عند تصديه لموضوع قانونى ، فإذا ما افتقد الباحث فى إعداده ف لمذكرته القانونية هذا المنهج جاءت أفكاره مشوشة وأسبابه غير واضحة ، وقد يؤدى ذلك إلى عدم استقامة نتائجه مع مقدماته، وعدم وضوح ما تساند إليه من أسباب قد يؤدى – فى الغالب الأعم إلى عدم استجابة من تقدم إليه المذكرة –محكمة، سلطة ما ......... الخ - إلى ما انتهت إليه المذكرة من طلبات .
فالمنهج العلمى فى صياغة المذكرات القانونية هو أسلوب أو طريقة منهجية فنية للمعرفة ونقلها إلى الغير ، وهو أسلوب أو طريقة تختلف عن التفكير العادي ، من حيث كونها تعتمد على منهج معين فى بحث وقائع الموضوع الذى يتصدى له الباحث ، وتحديد العلاقة بين مفردات تلك الوقائع وما قد يكون هناك من أدلة وأسانيد ومستندات ، وتفسيرها وتحليلها للوقوف على حقيقتها وأهدافها ومراميها بشكل دقيق ثم الوصول إلى نتائج منطقية تؤدى إليها تلك المقدمات والأسباب ويتعين على الباحث بداءة أن يبدأ دراسته لا ليبرهن على شئ يعتنقه وإنما ليكشف الحقيقة دون أن تلعب به الأهواء أو توجهه الميول – وهو ما يطلق عليه حياد الباحث – ولكن عندما يصل من بحث الوقائع والمستندات إلى أن الموضوع الذى يكتب من أجله مذكرته أصبح محل قناعته فهنا يتعين عليه الانحياز إلى ما وصل إليه من رأى وقناعة مدافعا عنها بفطنة ويقظة ، أخذاً فى اعتباره عدم افتراض جهل خصمه .
أولا : الصفات الواجب توافرها فى الباحث
وهناك بعض الصفات العامة التى يجب على الباحث القانونى أن يتمتع بها ، وأن يجاهد نفسه على استكمال ما نقص لديه منها وتنمية ما هو متوافر فيه ، وهذا من الأمور المنطقية التى تسبق البحث وتلزم لوجوده كى يستقيم ويسير فى الاتجاه الصحيح نحو غايته ، وتتمثل أهم تلك الصفات فيما يلى :-
1- القدرة على التحليل والاستنباط والقياس من خلال أعمال العقل والمنطق وتتكون تلك الملكة من كثرة الإطلاع على القوانين والأحكام الصادرة من القضاء العالي (نقض / دستورية عليا / إدارية عليا ) والمؤلفات الفقهية الأكاديمية والعملية – وحضور الجلسات بالمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، وذلك كله من الوسائل الضرورية لتكوين وتنمية الثقافة القانونية علميا وعمليا
2- القدرة على استخلاص النتائج وترتيبها ترتيبا منطقيا يتفق فى تسلسل مؤد إليها – مع وقائع الموضوع والتى يجب على أن تكون واضحة جلية أمام الباحث مع تفنيد كل مشكلة فى موضعها الطبيعي ، وإبراز ما قد يتوافر لديه من أدلة وبراهين ومستندات ، بحيث يمكن تصور أن يصل متلقى البحث من نفسه إلى النتيجة التى انتهى إليها الباحث فى مذكرته.
3- المهارة فى اختيار الألفاظ والتراكيب اللغوية للتعبير عن وجهة نظره وعرض أفكاره، ولا شك أن من أساسيات تكوين وتنمية تلك المهارة الإكثار من القراءات الأدبية والشعرية والمداومة عليها ، وفوق ذلك كله قراءة القرآن الكريم والمواظبة عليه .بما يمكنه ذلك كله من اختيار الألفاظ الدقيقة التى تعبر عن المعنى المقصود والابتعاد عن غريب الألفاظ ومهجورها وتجنب العبارات الغامضة .
4- عدم الأخذ بآراء الغير وما يطرحونه من أدلة وبراهين ومستندات على أنها و ما تحويه حقائق مسلم بها ، وإنما عليه أن يتناولها بالفحص والتدقيق ، إذ كثيرا ما تكشف الدراسة المتعمقة عن عدم صحة تلك الأدلة أو بطلانها أو وجود أدلة وقرائن مضادة تدحضها ، وقد تكون بعض المستندات مزورة كلية أو فى جانب منها ، أو مستخدمه فى غير ما أعدت له .
5- عدم التسرع فى إصدار الأحكام والأراء إلا إذا امتلك الدليل والبرهان على ما يعتقد بصحته أو يوقن بخطئه ، موقنا فى قرارة نفسه بأن ما يقوله صواب يحتمل الخطأ ، وإن ما يقوله خصمه خطأ يحتمل الصواب ، فعليه إذاً أن يؤهل نفسه بالدراسة والتدقيق لأن يكون قوله هو الصواب ، وأن يمحص قول غيره عساه يتبين نواحي الخطأ فيه ليستثمره فى مذكرته مقيما الدليل عليه.
6- الأ يكتفي بمعرفة جزئية أو دليل فردى أو منقوص ، وإنما عليه أن يناول موضوعه بكافة جوانبه ومناقشة كافة الأدلة دون اجتزاء توصلا إلى رؤية واضحة و جلية تمكنه من امتلاك ناصية الصواب فى بحثه
7- مراعاة الدقة فى توثيق مصادره ومستنداته وأدلته ومجليا لها فى مذكرته بحيث يتمكن المتلقي لها من التعرف عليها والاستيثاق من صحتها .
8- مراعاة أن تكون الوقائع والمستندات والأسباب والأسانيد الواقعية والقانونية التى يتساند إليها مؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها فى تسلسل منطقي ، وأن تكون تلك النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من تلك المقدمات .
ثانيا : المرحلة السابقة على صياغة المذكرة
بعد أن بين أهم الصفات العامة التى يجب أن يتحلى بها الباحث بصفة عامة والقانوني بصفة خاصة ، نأتي إلى مرحلة بالغة الأهمية وهى المرحلة السابقة على صياغة المذكرة ، وتبدأ من وقت عرض موضوع ما عليه لإعداد مذكرة أو بحث قانونى عنه ، وهنا يتعين على الباحث القيام بالاتى
1- دراسة وقائع الموضوع من كافة جوانبه دراسة متأنية والغوص فى أعماقها بموضوعية وحيادية ، و ما يتعلق بها من أدلة
وبراهين ومستندات.
2- الرجوع إلى النصوص القانونية التى تنظم تلك الوقائع وآراء فقهاء القانون بشأنها وعدم الاقتصار على قراءة رأى فقهي واحد ، وأن تكون هذه القراءات فى مؤلفات مشاهير الفقهاء ، ثم المستقر عليه فى أحكام القضاء العالي ( نقض /دستورية عليا /إدارية عليا )، وهذه هى الأسلحة الاستراتيجية الضرورية لأى باحث قانونى .
3- إجراء المناقشات التى يرى ضرورتها مع ذوى الشأن التى تعد المذكرة تحقيقا لصالحهم ، لإاستجلاء ما غمض من وقائع أو خفي من مستندات أو أدلة ، وأن يدون ذلك فى ملاحظات جانبية
4- بعد ذلك لا شك أن الباحث يكون قد تفهم وبعمق موضوعه ، وعليه حينئذ ترتيب وقائعه ومستنداته ترتيبا تاريخيا مناسبا لتلك الوقائع، وأن يحاول توقع ما قد يثيره خصمه من دفوع ودفاع مضاد – (مفترضا عدم جهل خصمه أو سذاجته ، وواضعا فى اعتباره فطنة من ستقدم إليه المذكرة ) - مهيئاً نفسه للرد على ما قد يصار من الخصم أو ممن تقدم إليهم المذكرة وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة الدعوى القضائية شأنها شأن المذكرة القانونية – وان كانت الأخيرة عادة ما تكون أكثر استفاضة بالنظر لتناولها بالشرح والتفنيد والاستدلال لما قد يوجز فى الصحيفة أو للرد على صحيفة أو مذكرة الخصم أو تقارير الخبراء - وعادة ما تندرج المذكرات القانونية تحت واحدة أو أكثر مما يلى :-
1- مذكرة بإبداء رأى قانونى
2- مذكرة بطلب مقدم لسلطة عامة مختصة
3- مذكرة مقدمة لمكتب خبراء
4- مذكرة مقدمة عن مدع فى دعوى مدنية
5- مذكرة مقدمة بدفاع متهم فى جنحه
6- مذكرة بدفاع متهم فى جناية أموال عامة
7- مذكرة فى طعن بالنقض عن مطعون ضده
8- صحيفة طعن بالنقض عن طاعن
9- مذكرة فى تحكيم
ثالثــا : الإطار العام الذى يتعين أن تشتمل عليه المذكرة من الناحية الشكلية
?يجب أن تشتمل المذكرة على البيانات الآتية :
1- الجهة التى ستقدم إليها ، فان كانت محكمة يذكر اسم المحكمة ورقم الدائرة
2- اسم مقدم المذكرة وصفته و ما إذا كان مدع أو مدع عليه
3- اسم الخصم وصفته وما إذا كان مدع أو مدع عليه
4- رقم القضية وسنتها والجلسة المحددة لنظرها
5- وقائع النزاع فى تسلسل منطقي مدعما بالمستندات ان وجدت
6- تفنيد تلك الوقائع والمستندات ومدلولها
7- النصوص القانونية ذات الصلة
8- المستقر عليه فقها وقضاءا فى شأن النصوص القانونية وما قد يكون هناك من سوابق قضائية فى مثل هذه الحالة والتى تدعم وجهة نظر الباحث وطلباته ، مع تحديد تلك المراجع ( رقم الحكم ، وسنته، والمحكمة التى أصدرته، وتاريخ صدوره ) وبالنسبة للمراجع الفقهية (ذكر اسم المرجع، ومؤلفه، وسنة الطبع، ورقم الصفحة أو الصفحات المنقول منها الرأى )
9- مقتضى إنزال النصوص القانونية والمستقر عليه فقهاً وقضاءاً على وقائع النزاع وأسانيده
10- الطلبات الختامية .
رابعا : كيف تكتب المذكرة فى صياغة قانونية فنية ؟
للاجابه على هذا السؤال يتعين أن نجيب على سؤال آخر هو ، لمن ستقدم هذه المذكرة أو لأى محكمة ستقدم ؟ ومن صاحبها ؟
ذلك أن الأمر يختلف اختلافا جذريا فى المذكرات إلى جهات غير قضائية وتلك التى تقدم إلى المحاكم وهذه تختلف فى المذكرات التى تقدم إلى المحاكم المدنية عنها فى المذكرات التى تقدم إلى المحاكم الجنائية على التفصيل الذى سيأتي بعد :
أولا : فى الدعاوى المدنيـــــــــة :
وفيها نفرق بين :
أ – المذكرات التى تقدم من المدعى والمدعى عليه
ب-المحكمة التى ستقدم إليها ودرجاتها ( الابتدائى والاستئناف )
أما الطعن بالنقض فانه يختص بقواعد يجب الالتزام بها فإذا حاد عنها كاتب المذكرة يتعرض للبطلان .
1- المذكرات التى تقدم من المدعى أو المدعى عليه أمام المحاكم الابتدائية ( أولى درجة ) :
وقبل أن نتناول مذكرة المدعى لا بد من التعرض لصحيفة افتتاح الدعوى فهي بمثابة مذكرة يجب أن تتضمن شرحا وافيا لموضوع الدعوى مؤيدا بالمستندات التى يجب أن تنطوى عليها الحافظة التى تشفع بالمذكرة وتكون هذه المذكرة جامعة مانعة للدرجة التى قد تغنى عن الكتابة أثناء نظر الدعوى وجدير بالذكر أنه يجب إيراد نصوص القانون المنطبقة والاستشهاد بأحكام محكمة النقض فيما أوردته من وقائع وأن تنزل عليها حكم هذا القانون وتلك الأحكام فإذا قدم المدعى عليه مذكرة ، هنا يجب عليه أن يقدم المدعى مذكرة يرد فيها على ما انطوت عليه مذكرة المدعى عليه من مغالطات سواء فى واقع الدعوى أو فى إنزال حكم القانون عليها وذلك حسب ما ورد بالمذكرة المعنية
2- مذكرة المدعى عليه :
تبدأ المذكرة بإبداء ما نراه من دفوع قد تكون شكلية مثل الدفع بعدم الاختصاص المحلى أو الدفع، بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة ، أو عدم الاختصاص القيمي وقد تكون موضوعية مثل الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها مع إيراد الدليل على صحة الدفع ، وما إلى ذلك من دفوع حفل بها قانون المرافعات وللبحث فيها مجال آخر ونكتفي هنا بالقول أنه يتعين على المحامى الإلمام بهذه الدفوع والاسترشاد فيما يكتب بنصوص القانون وما هو مقرر فى أحكام محكمة النقض إذا كان النزاع مطروحا أمام القضاء العادي أو أحكام المحكمة الإدارية العليا إذا كان مطروحا أمام القضاء الادارى ثم نتناول الرد على ما تضمنته صحيفة الدعوى فى موضوعها أو من حيث التطبيق القانونى، أى إنزال حكم المبادئ القانونية الصحيحة على الواقعة، وشرح ما قد يكون المدعى قد انزلق فيه من تحريف للموضوع وبيان عدم انطباق المبادئ القانونية التى استند إليها المدعى فى صحيفة دعواه أو فى المذكرات التى تقدم بها لاحقا ، وتفنيد الحجج التى تساند إليها وإظهار الوجه الصحيح للحق فى الدعوى
ب- : المذكرات التى تقدم من المستأنف أو المستأنف ضده فى الاستئنــاف :
لا بد بداءة أن نضع فى الاعتبار أن الاستئناف هو طعن على حكم صادر من محكمة أول درجة لم يرتضيه من صدر ضده الحكم كلياً أو جزئياً ، وقد يكون من صدر ضده الحكم هو المدعى أو المدعى عليه أمام أول درجة فهنا يكون كمن لم يرتض هذا الحكم الطعن عليه بالاستئناف
ا- المستــأنف :
يتعين أن تكون صحيفة الاستئناف مشتملة على جميع المطاعن التى يمكن توجيهها إلى الحكم المستأنف فإذا كان المستأنف هو المدعى أمام محكمة أول درجة فعليه أن يهاجم الحكم لعدم أخذه بالأدلة والمستندات التى سبق طرحها على محكمة أول درجة بالبرغم من وضوحها وقطعية دلالتها على الحق الذى رفعت به الدعوى والرد على الحجج التى ساقها المستأنف ضده (المدعى عليه أمام محكمة
أول درجة )، ويمكن الاستعانة فى هذا الشأن بما عساه أن يكون قد تناوله فى المذكرات المقدمة الى محكمة أول درجة مع التأكيد على النقاط المهمة فيه أو اعادة شرحها بأسلوب أوضح ويمكن تعزيز وجهة النظر بمزيد من المستندات التى تدحض ما ذهب اليه الحكم المستأنف وإذا كان المستأنف هو المدعى عليه أمام محكمة أول درجة فانه يتعين أن تشتمل صحيفة استئنافه على الرد على ما ساقه الحكم المستأنف من أسباب تساند إليها فى قضائه ، وكذا الرد على حجج المدعى فى الدعوى ، وأخص بالذكر ما قدم من مستندات، وفى الجملة الرد على أسباب الحكم وحجج المدعى ( المستأنف ضده) سواء أكانت تلك الحجج قد وردت فى صحيفة دعواه أم فى مذكراته
ب- المستأنف عليــــــــــه :
يبدأ المستأنف عليه بعرض موجز لوقائع الدعوى ويمكنه أن يستعين بما أورده الحكم المستأنف فى شأنها وينتقل بعد ذلك إلى الدفوع التى يرى إبداؤها ومنها ما هو شكلي مثل الدفع بسقوط الاستئناف للتقرير به بعد الميعاد أو الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة أو موضوعيا مثل الدفع ببطلان الاستئناف لتحقق سبب من أسبابه وينتقل كاتب المذكرة بعد ذلك إلى الرد على صحيفة الاستئناف بأن يتناول كل سبب من الأسباب بالرد عليه بما يدحضه سواء من حيث واقع الدعوى أو ما يكون تردى فيه من مغالطات قانونية فبالنسبة لواقع الدعوى فأن المستندات هى القول الفصل فيها وعلى ذلك ينبغي شرح المستندات التى تؤدى الى تعزيز وجهة نظر المستأنف عليه وإذا أمكن الاستعانة بمستندات جديدة أو طلب ضم محضر أو قضية فيها ما يعين على توضيح وتعزيز ما دفاعه
وبالنسبة للمبادئ القانونية فيعاد شرحها مع الإشارة الى ما سبق تناوله أمام محكمة أول درجة والإحالة عليه وإبراز حكم النقض المنطبق على واقع الدعوى حتى لو كان وقد سبق إيراده فى المذكرات أمام محكمة أول درجة والدفاع عن الحكم المستأنف فيما أورده من أسباب تؤدى الى النتيجة التى انتهى إليها وفى كلتا الحالتين أى سواء أكانت المذكرة مقدمة من المستأنف أم المستأنف عليه يجب أن تتعرض لوقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل ودون إطناب يدخل الملل على قارئها
وأخيرا إذا كانت المذكرة ردا على الدعوى أو ردا على مذكرة قدمت فيها فيجب أن يكون الرد هادئا مدعما بالمنطق والقانون وأحكام النقض دون التدني إلى ألفاظ التى قد يعتبرها الخصم إهانة له فالاحتكام فى النهاية والغلبة للمنطق السليم وصحيح القانون
ثانيا :- فى الدعاوى الجنائيـــــــــــة :-
وفيها يختلف الأمر عما إذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنح بدرجتيها (جنح ، جنح مستأنفة ) أم إلى محكمة الجنايات ومع ذلك هناك ثوابت لا تحيد عنها فى الأمرين ذلك انه لابد من إبداء الدفوع أولا قبل الخوض فى الموضوع وعلى الأخص الدفوع المتعلقة بالبطلان إذا ما وسعته الدعوى سواء كان البطلان متعلقا بالتفتيش أو الإذن به أو شخص من قام به ....الخ ثم التعرض إلى لوقائع الدعوى مستخلصا من المحاضر التى ضبطت فى شأنها دون تحريف أو مغالطة حتى تكسب احترام القاضي، وبعد ذلك الانتقال إلى مناقشة الدليل فى الدعوى وهنا يختلف الأمر عما إذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنايات عنها إذا ما كانت مقدمة إلى محكمة الجنح
المذكرة المقدمة إلى محكمة الجنايات :
تقدم النيابة العامة قائمة بأدلة الإثبات التى رأت أن فيها الدليل على الاتهام الذى قدمت به المتهم إلى المحاكمة الجنائية وهنا يجب علينا أن نناقش هذه الأدلة الدليل تلو الآخر ونستخلص من أوراق الدعوى ما يدحضها وقد نستعين بمستندات نقدمها إلى المحكمة تعزز ما ذهبنا إليه فى دفاعنا وبعدها أو قبلها حسب ظروف الواقعة علينا أن تناقش أركان التهمة أو الاتهامات المنسوبة إلى المتهم وبيان أن التهمة فاقدة لأحد أركانها والتركيز على شرح أهمية الركن الفاقد وعلى سبيل المثال قصد الاستيلاء على مال للدولة مصاحبا لفعل الاستيلاء أو الدليل على حسن النية فى بعض الجرائم ...... الخ ولا يفوتنا مناقشة أقوال شهود الإثبات وتوضيح ما تناقضوا فيه من وقائع وأن هذا التناقد الحكم ببراءة المتهم وفى النهاية إسقاط أقوال هؤلاء الشهود وإنها بذلك لا تصلح دليلا فى الدعوى ويحسن إن يكون ذلك تحت عنوان بارز هو " مناقشة الأدلة "
- وختام المذكرة التدليل على البراءة ثم الانتهاء إلى طلب ختامي وهو الحكم ببراءة المتهم
المذكرة المقدمة الى محكمة الجنح
:
لا تختلف كثيرا عن المذكرة السابقة إلا فى أن النيابة العامة لا تقدم قائمة بأدلة الإثبات ولذلك عليك أن نستنبط بأنفسنا هذه الأدلة من محاضر الاستدلال والتحقيقات ، ونتناولها بالتفنيد، وفى هذا لا يختلف الأمر عنه أمام محكمة الجنايات من حيث مناقشة من سمعت أقواله ومناقشة أدلتها، وتختلف كل مذكرة عن الأخرى حسب موضوع التهمة وما أحاط بها وإذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنح المستأنفة فعلينا مناقشة الحكم المستأنف وبيان أوجه العوار فيه وأخصها الفساد فى الاستدلال وبيان وجه البطلان التى انطوى عليها ذلك الحكم
منقول للفائدة