جريمة النصب في القانون اليمني
الخلاصــــة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي أنزل الله عليه الكتاب و أرسله الله سبحانه وتعالى إلى الناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النور... وبعد :
يتضمن موضوع دراسة (( جريمة النصب في القانون اليمني )) دراسة مقارنة ثلاثة فصول: الفصل الأول خصص للتعريف بجريمة النصب وقد قسمته إلى أربعة مباحث، في المبحث الأول عرضت فيه ماهية جريمة النصب وخصائصها، وقد تم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبان في المطلب الأول تحدثت عن ماهية جريمة النصب لغةً واصطلاحاً بينت فيه ماهية جريمة النصب في المعاجم اللغوية، وأيضا لدى فقهاء الشريعة الإسلامية وفقهاء القانون و شراحُه، إذ أتفق الفقهاء على أن النصب (خداع ومكر )، و أتضح لنا أن قانون الجرائم والعقوبات اليمني لم يعرف النصب وإنما اكتفى بذكر الطرائق الاحتيالية المستخدمة في جريمة النصب، وقد توصلت في نهاية المطلب إلى أن النصب هو " الاستيلاء بغير حق على مال أو أي شيء ذي قيمة مادية مملوك للغير منقولاً كان أم غير منقول وذلك بأية طريقة احتيالية وبنية تملكهٍِ " ، أما المطلب الثاني فبينت فيه خصائص جريمة النصب، وذكرت بان جريمة النصب تتصف من الناحية القانونية بعدة خصائص فهي جريمة تعزيريه ومن جرائم الأموال العمدية وذات القصد الخاص وهي جريمة إيجابية، ومركبة، ووقتية ومادية وترتكب بالحيلة والخداع، و قد تقع بالاشتراك الجرمي.
أما المبحث الثاني فقد درست فيه الجرائم الملحقة بجريمة النصب، وذلك في أربعة مطالب، إذ عرضت في المطلب الأول جريمة إصدار شيك بدون رصيد، إذ يمكن أن ترتكب بعدة صور منها: إصدار شيك بدون رصيد أو له رصيد اقل من قيمتهُ، أو جريمة سحب الرصيد كله أو بعضه بعد إعطاء الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمته، أو الأمر بعدم الدفع بعد إعطاء الشيك ويكون الامتناع عن الوفاء بناءً على أمر صادر من الساحب أو عن طريق تعمد التوقيع على الشيك بغير التوقيع المعتمد لدى البنك المسحوب منه، وفي المطلب الثاني بينت فيه جريمة استغلال الحاجة واستغلال عديمي وناقصي الأهلية، وأن هدف التجريم هو حمايتهم من استغلال الأشخاص سيئ النية لهم الذين قد ينتهزون ضعف القدرات الذهنية وسوء الحالة النفسية للمجني عليهم، أما المطلب الثالث فقد خصصته لدراسة جريمة الإقراض بربا، وترجع العلة من تجريم الاقتراض بربا هي حماية الناس من جشع المرابين الذي يقرضون أموالهم بفائدة ، وفي المطلب الرابع درست جريمة النصب المعلوماتي أي النصب باستخدام الحاسب الآلي، حيت يتميز النصب المعلوماتي عن غيره من أنماط الاحتيال العادي بالتعقيد الناجم عن استخدام المفاتيح والشفرات والدلائل الالكترونية ويكون ذلك بالتلاعب بالبرامج والبيانات وإحداث تغيير فيها بما يترتب عليه أيهام المجني عليه بصحتها.
أما المبحث الثالث تحدثت فيه عن أدلة تحريم النصب في الشريعة الإسلامية، وفيما يتعلق بالمبحث الرابع فقد ميزت فيه جريمة النصب عن جرائم الأموال الأخرى الشبيهة بها، إذ أتضح لي من خلال دراستي لهذه الجرائم بان هناك علاقة وثيقة تربط جريمة النصب ببعض جرائم الأموال الأخرى الشبيهة بها كجريمة السرقة وجريمة خيانة الأمانة وجريمة الاختلاس وذلك لان هذه الجرائم تقع اعتداء على أموال الغير أي تقع على الحقوق المالية إذ يكون الحق المعتدي عليه ذات طابع مالي، إلا أنه مع هذا التشابه توجد أوجه اختلاف بين جريمة النصب وتلك الجرائم ، وهو ما بينته ُفي هذا المبحث.
أما الفصل الثاني فقد خصصته لأركان جريمة النصب، وقد قسمته إلى أربعة مباحث إذ جعلت المبحث الأول لدراسة الركن المادي، وقد قسمته إلى ثلاثة مطالب، بينت في المطلب الأول أفعال التدليس التي يتكون منها الركن المادي لجريمة النصب وقد وردت هذه الأفعال في قانون الجرائم والعقوبات اليمني على سبيل الحصر وهي " الاستعانة بطرق احتيالية، اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة" ، وقد تبين لنا بان المقنن اليمني خلافاً لبعض التشريعات العربية، لم يجعل وسيلة التصرف بمال منقول أو غير منقول ضمن أفعال التدليس، أما المطلب الثاني فقد عرضت فيه النتيجة الإجرامية والتي تتمثل بتسليم مال الغير للجاني بفعل الوسائل الاحتيالية التي أوقعت المجني عليه في الغلط، أما المطلب الثالث درست فيه الرابطة السببية التي تربط أفعال الاحتيال بالنتيجة الإجرامية ، فبينت أنه لكي يتحقق الركن المادي لجريمة النصب فلابد من أن توجد علاقة سببية بين فعل الخداع الذي أتاه الجاني وبين تسليم المجني عليه المال وان اشتراط وجود الرابطة السببية أمر تمليه القواعد العامة، أما المطلب الرابع فقد درست فيه الشروع في جريمة النصب، وهو أن يقوم الجاني بعمل تحضيري للاحتيال، وهو كل نشاط يأتي به الجاني قبل مرحلة استعمال أساليب الخداع إزاء الجاني.
أما المبحث الثاني فقد خصصته لدراسة موضوع جريمة النصب وقد تبين لنا بان موضوع النصب هو المال الذي يقوم الجاني باستعمال جميع الطرق الاحتيالية للاستيلاء على المال ويحوزه لنفسه ويكون هذا المال مملوكاً للغير.
وفيما يتعلق بالمبحث الثالث فقد خصصته لدراسة الركن المعنوي لجريمة النصب وقد قسمته إلى مطلبين، إذ بينت في المطلب الأول القصد الجنائي العام في جريمة النصب وهو يتكون من عنصرين: هما العلم والإرادة، أي ينبغي أن يحيط الجاني علماً بأنه يغير الحقيقة، وبأنه يأتي بوسيلة من وسائل الاحتيال، وبأنه يعتدي على مال مملوك للغير ويقتضي إتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل النصب، أما المطلب الثاني فقد خصصته لدراسة القصد الخاص في جريمة النصب، وهو شرط لقيام هذه الجريمة، إذ انه لا يكفي في جريمة النصب أن يتوافر عنصري العلم والإرادة فقط ( القصد العام ) بل لابد أن يضاف إليهما عنصر نية تملك ثروة الغير كلها أو بعضها ( القصد الخاص ) .
أما الفصل الثالث فقد خصصته لعقوبة جريمة النصب، وقد قسمته إلى أربعة مباحث، فجعلت المبحث الأول لتعريف عقوبة جريمة النصب وخصائصها وأغراضها بوجه عام وقد قسمت هذا المبحث إلى مطلبين فبينت في المطلب الأول تعريف عقوبة جريمة النصب وخصائصها، وقد تبين لي في نهاية المطلب بأن العقوبة هي " النتيجة أو الأثر الذي يرتبه القانون على ارتكاب الجريمة، أو القول بأنها الإيلام المقصود الذي يوقع من اجل الجريمة ويمس حق من حقوق المحكوم عليه بهدف ردعه وإصلاح وزجر الآخرين" أما المطلب الثاني فقد خصصته لدراسة أغراض عقوبة جريمة النصب المتمثلة بتحقيق العدالة والردع العام والردع الخاص، وفي المبحث الثاني تناولت فيه العقوبات الأصلية والتكميلية، إذ تم تقسيم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب، ففي المطلب الأول تحدثت فيه عن العقوبات الأصلية المقررة لجريمة النصب وفي هذا المطلب تحدثت فيه في الفرع الأول عن تعريف العقوبات الأصلية وقد تبين لي بان العقوبات الأصلية هي الجزاء الأساسي للجريمة ولا يكون الحكم بها معلقاً على حكم آخر، وفي الفرع الثاني، تحدثت فيه عن أنواع العقوبات الأصلية المقررة لجريمة النصب وهي، إما الحبس ويكون ذلك بوضع المحكوم عليه في احد السجون المركزية المدة المحكوم بها إما الغرامة و التي تعني إلزام الجاني بدفع مبلغ من المال إلى خزينة الدولة، أما المطلب الثاني فقد خصصته لدراسة العقوبات التكميلية لجريمة النصب وذلك بتقسيمه إلى فرعين، ففي الفرع الأول تحدثت فيه عن تعريف العقوبات التكميلية و استخلصت في نهاية الفرع بان العقوبات التكميلية هي " عقوبات يقررها المقنن كإضافة لعقوبات أصلية عندما لا تكفي هذه الأخيرة وحدها لتحقيق هدف العقوبة " وفي الفرع الثاني تحدثت فيه عن أنواع العقوبات التكميلية التي يقررها المقنن اليمني إضافة للعقوبات الأصلية، وهي الحرمان من بعض الحقوق والمزايا التي نصت عليها المادة ( 101 ) من قانون الجرائم والعقوبات أو الوضع تحت المراقبة أو المصادرة ،وقد تناولت في المطلب الثالث عقوبة الشروع في جريمة النصب، وقد تبين لنا أن المقنن اليمني لم يخصص نصوصاً قانونية ضمن أحكام جريمة النصب التي تتعلق بعقوبة الشروع في هذه الجريمة، وإنما ترك عقوبة الشروع في النصب إلى القواعد العامة للشروع في الجريمة
أما المبحث الثالث فقد خصصته لدراسة العقوبات المقررة للجرائم الملحقة بجريمة النصب وذلك بوضع عقوبة الحبس و الغرامة، وقد تبين لنا بان المقنن اليمني لم يقرر عقوبة معينة لجريمة النصب المعلوماتي كونه أصلاً لم يخصص نصوصاً قانونية تتعلق بجرائم الحاسوب الآلي أو جرائم الانترنت بما فيها جريمة النصب المعلوماتي.
أما المبحث الرابع فقد خصصته لدراسة الأسباب المخففة والمشددة على عقوبة جريمة النصب، وقد قسمته إلى مطلبين، فجعلت المطلب الأول للأسباب المخففة لعقوبة جريمة النصب، فبينت فيه الأعذار القانونية والظروف القضائية المخففة لهذه العقوبة، فهي أسباب تخول القاضي النزول بالعقوبة المقررة إلى حدها الأدنى المنصوص عليه قانوناً، أما المطلب الثاني، فقد بينت فيه الأسباب المشددة لعقوبة جريمة النصب، إذ أوضحت فيه الحالات التي يجوز للقاضي فيها تشديد العقوبة بحيث تصل إلى حدها الأقصى المقرر في القانون.
وفي خاتمة البحث عرضت أهم النتائج والمقترحات والتوصيات التي توصلت إليها من خلال هذه الدراسة.
الخاتمــة
بعون الله ورعايته تم إنجاز هذه الرسالة العلمية، وإخراجها إلى حيز الوجود، حيث درست في هذا البحث موضوع جريمة النصب وعرضت فيه آراء فقهاء القانون حول ذلك، إضافة إلى موقف المشرع اليمني من جريمة النصب، مع مقارنة القانون اليمني، لاسيما قانون الجرائم والعقوبات اليمني ببعض القوانين الجزائية العربية لإبراز أوجه التشابه والتطابق، منها: القانون المصري، والأردني والسوري.
وقد استشهدت ببعض الأحكام الجزائية الصادرة عن القضاء اليمني، ومدى انسجام وتلاؤم هذه الأحكام مع نصوص القانون، وفي خاتمة الدراسة توصلت إلى جملة من النتائج والتوصيات أهمها ما يلي:
أولاً: النتائج:
1. اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على أن جريمة النصب ما هي ( إلا أفعال تبدو في ظاهرها أنها مباحة إلا أن في باطنها الخداع والحيلة ويراد منها ما هو محرم ومحظور في إسقاط واجب ودفع و إبطال حكم شرعي)، أما فقهاء القانون و شراحُه فقد اتفقوا على أن جريمة النصب هي ( الاستيلاء على أموال مملوكة للغير باستعمال الحيلة بنية تملكها ) إلا أنهم اختلفوا في طبيعة تلك الأموال ، فمنهم من يرى أن جريمة النصب يمكن أن تقع على الأموال المنقولة فقط أياً كان نوعها، بينما البعض الآخر يرى أن جريمة النصب يمكن أن تقع على أموال منقولة أو على أموال غير منقولة ( عقار ) ، وهذا الرأي الأخير هو الصواب في رأينا لأسباب تم ذكرها في موضعها، أما القوانين الجزائية فإنها تتفق على أن جريمة النصب هي " الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للغير بهدف تملكه عن طريق استخدام وسائل تدليس معينة"، وقد توصلنا إلى تعريف لجريمة النصب وهو أن النصب ( استيلاء بغير حق على مال أو أي شيء له قيمة مادية مملوك للغير منقولاً كان أم غير منقول، وذلك بأية طريقة احتيالية وبنية تملكه ).
2. وقد اختلفت العديد من القوانين الجزائية في تحديد أنواع وسائل التدليس التي تقوم عليها جريمة النصب، فالقانون اليمني حددها بوسيلتين على سبيل الحصر هما: استعمال طرق احتيالية، واتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، أما بعض القوانين الجزائية العربية، كالقانون المصري والأردني والسوري فقد أضافت إلى ذلك تصرف الجاني في مال منقول أو غير منقول وهو يعلم أنه ليس ملكاً له وليس له حق التصرف فيه وذلك بالإدعاء كذباً بملكيته لذلك المال و بأن له حق التصرف فيه، كما أن هذه القوانين حددت على سبيل الحصر، الغايات التي تهدف إليها الطرق الاحتيالية ( الكذب ) وهو ما لم يفعله القانون اليمني، كما أن بعض القوانين الجزائية العربية كالقانون السوداني والقانون العُماني لم يحدد عند تعريفه لجريمة النصب وسائل التدليس التي تقوم عليها الجريمة ولا الغايات التي تهدف إليها الطرق الاحتيالية المستعملة في النصب، بل اكتفت هذه القوانين بالذكر: أن النصب يتم بالاستيلاء على أموال الغير باستعمال طرق احتيالية، وقد توصلنا إلى صواب موقف القانون اليمني وتلك القوانين كالقانون المصري والأردني والسوري التي حددت وسائل التدليس التي تقوم عليها جريمة النصب وذلك على سبيل الحصر، وعلة ذلك هي الحرص على أن يكون نطاق جريمة النصب محدوداً، فلا تدخل في هذا النطاق سوى أفعال التدليس التي تشكل خطورة على أموال الناس وملكيتهم لها وعلى الثقة العامة في المعاملات بحيث يقتضي الأمر تجريمها، كما لا يدخل في هذا النطاق سوى تلك الطرق الاحتيالية (الكذب ) التي تهدف إلى إحدى تلك الغايات التي نصت عليها القوانين السالفة الذكر مما يتطلب تجريم استعمال هذه الطرق والتي جوهرها الكذب، وهو ما لم ينص عليه القانون اليمني.
3. إن جريمة النصب لها خصائص معينة تشترك في البعض منها مع الجرائم الأخرى (خصائص عامة ) بينما البعض الآخر له ( خصائص خاصة ) تتميز بها عن الجرائم الأخرى بما فيها جرائم الأموال الشبيهة بالنصب، وأهم هذه الخصائص: أن النصب جريمة تعزيريه، وتعد من جرائم الأموال و أنها من الجرائم المخططة الايجابية، كما أنها تُرتكب باستعمال الحيلة والخداع، و أنها جريمة مادية ومتعددة الأفعال، و أيضاً تعد من الجرائم الوقتية، إضافة إلى كونها من الجرائم العمدية التي تقوم على القصد العام والقصد الخاص، كما أنها يمكن أن تقع بطريقة الاشتراك الجرمي، إضافة إلى أن الشروع فيها مجرم ومعاقب عليه.
4. أن جريمة النصب تقوم على ثلاثة أركان هي : ركن مادي قوامه الوصول بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على مال الغير، و موضوع النصب وهو مال الغير، إذ ينبغي أن يكون المال مادياً، أي له كيان ملموس يمكن الاستيلاء عليه، إضافة إلى ركن معنوي قوامه القصد الجنائي العام و الخاص.
5. أن الهدف من تجريم النصب هو حماية مال الغير سواء المال المنقول أو المال غير المنقول، من الاستيلاء، إضافة إلى حماية مصلحة المجتمع في أن تكون المعاملات بين أفراده نزيهة، وتسودها حسن النية.
6. توجد بعض الجرائم التي تقوم على الحيلة والخداع، ولكن لا توجد فيها أركان جريمة النصب، وأهم هذه الجرائم: إصدار شيك بدون رصيد، وجريمة استغلال الحاجة و استغلال عديمي وناقصي الأهلية، الإقراض بربا ، وجريمة النصب المعلوماتي ( النصب باستخدام الحاسب الآلي أو الانترنت )، وهذه الجرائم ماعدا النصب المعلوماتي أفردت لها التشريعات الجزائية العربية بما فيها التشريع اليمني نصوصاً قانونية خاصة ملحقة بجريمة النصب لكيلا يفلت الجاني من العقاب لعدم انطباق النص القانوني الخاص بجريمة النصب عليها.
7. اشترط المقنن اليمني في جريمة إصدار شيك بدون رصيد خلافاً للعديد من التشريعات العربية، أن يمتنع الساحب عن الوفاء خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالسداد، و إيضاً أشترط إلى جانب القصد العام وجود القصد الخاص لكي تقوم هذه الجريمة، والمتمثل برغبة أو نية الجاني الإضرار بحامل الشيك أو المستفيد منه.
8. نلاحظ إن المقنن اليمني بخلاف العديد من التشريعات الجزائية العربية، اكتفى في جريمة استغلال الحاجة و استغلال ناقصي أو عديمي الأهلية بذكر الحاجة، وعدم الخبرة، والطيش، كعناصر أو صفات مطلوب وجودها في شخصيات المجني عليهم لكي تقوم هذه الجريمة، ولم يحدد صغر السن أو الإعاقات النفسية أو العقلية كعناصر لنقص أو عدم الأهلية لدى المجني عليهم المطلوب وجودها في هذه الجريمة.
9. إن القانون اليمني خلاف التشريعات الأخرى، جرم الربا بوجه عام أفاحشاً كان أم غير فاحش مادام إن الإقراض عائداً بمنفعة إلى المقرض بصرف النظر عن طبيعة هذه المنفعة وذلك عملاً بأحكام الشريعة الإسلامية التي تجرم الإقراض بربا، أما التشريعات الأخرى فأنها تجرم الربا الفاحش، أي الإقراض بفائدة تزيد على تلك الفائدة المقررة في القانون، و تلحقه بجريمة النصب كونه يقوم على استغلال الجاني ( المقرض ) لحاجة المقترض وضعفه أو عدم خبرته أو جهله لحملهُ على قبول الفائدة.
10. إن المقنن اليمني خلاف العديد من التشريعات الجزائية العربية كالتشريع المصري، والسوري، والأردني، والسوداني، والعُماني لم يجرم الشروع في النصب ولم يعاقب عليه بنصوص خاصة تتبع النصوص المتعلقة بجريمة النصب ذاتها، إذ أنه اكتفى بالنص العام الذي تضمنته المادة ( 9 ) من قانون الجرائم والعقوبات، والذي يجرم الشروع في الجريمة ويعاقب عليه أياً كانت الجريمة المرتكبة، إلا إذا استثنى القانون ذلك بنص خاص.
11. يقوم القصد الجنائي في جريمة النصب على عنصرين، هما: العلم والإرادة، فالعلم هو أن يكون الجاني عالماً بأركان الجريمة التي تتحقق بها جريمة النصب، وإن تنصرف إرادته إلى تحقق النتيجة، وهذا هو القصد العام، إلا أنه لا يكفي لوقوع النصب، إذ لابد من وجود القصد الجنائي الخاص أيضاً، أي نية حرمان المالك من ماله أو ملكه نهائياً.
12. إن تعريف العقوبة بوجه عام ينطبق أيضاً على تعريف عقوبة جريمة النصب باعتبارها من العقوبات الجنائية التي نص عليها التشريع العقابي، لذا فهي عبارة عن ( جزاء جنائي يقرره القانون ويوقعه القاضي بسبب الجريمة، ويتناسب معها، إذ يتضمن إيلاماً مقصوداً يمس حقاً من حقوق المحكوم عليه بهدف ردعه وإصلاحه وزجر الآخرين ).
13. إن عقوبة جريمة النصب كغيرها من العقوبات الجنائية تتسم بخصائص معينة تميزها عن غيرها من الجزاءات الأخرى كالجزاء المدني، والجزاء الإداري، والتدبير الاحترازي، وهذه الخصائص، هي : شرعيتها، شخصيتها، قضائيتها، عموميتها ( مساواتها )، مرونتها، تضمنها للإيلام المقصود.
14. إن لعقوبة جريمة النصب غرضاً عاماً يتمثل في محاربة الجريمة وحماية المجتمع من أضرارها إضافة إلى تحقيق العدالة والردع العام والردع الخاص، وأيضاً حماية أموال وممتلكات الأفراد، وحماية مصلحة المجتمع في أن يسود حسن النية في المعاملات بين أفراده وغيرها من الأغراض.
15. إن العقوبات الأصلية المقررة لجريمة النصب في القانون اليمني والعديد من التشريعات الجزائية العربية هي الحبس والغرامة، وهي عقوبات غير رادعة في القانون اليمني، وهذا يبدو من حيث تحديد الحد الأقصى لمدة الحبس الذي لا يتجاوز ثلاث سنوات، وهي مدة غير كافية لتحقيق الردع ولا تتناسب مع جسامة وخطورة جريمة النصب والأضرار الناشئة عنها وأيضاً من حيث عدم تحديد الحد الأدنى لمدة الحبس، إضافة إلى إعطاء القاضي الصلاحية في الحكم بإحدى هاتين العقوبتين وليس الحكم بهما معاً، كما أن عقوبة الشروع في النصب هي أيضاً غير رادعة، كون المقنن اليمني حددها بنصف الحد الأقصى لعقوبة جريمة النصب التامة.
16. إن العقوبات التكميلية لجريمة النصب في القانون اليمني ما هي إلا عقوبات ثانوية تكمل العقوبات الأصلية ويجب أن يتضمنها الحكم القضائي، وهي: إما أن يكون الحرمان من بعض الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة ( 101 ) من قانون الجرائم والعقوبات أو المصادرة أو الوضع تحت مراقبة الشرطة.
17. وجود تناقض بين قانون الجرائم والعقوبات اليمني والقانون التجاري اليمني فيما يتعلق بعقوبة جريمة إصدار شيك بدون رصيد، إذ جعلها الأول اختيارية إما الحبس أو الغرامة، والثاني جعلها إلزامية، أي الحبس والغرامة معاً.
18. إن القانون اليمني لم يتضمن نصاً خاصاً بالأسباب المشددة لعقوبة جريمة النصب على خلاف بعض القوانين الجزائية العربية كالقانون الأردني والسوري والعُماني والسوداني التي تضمنت ذلك.
ثانياً: التوصيات
وفقاً للنتائج التي توصلنا إليها ، فإننا نوصي بالآتي:-
1. جعل التصرف بمال منقول أو غير منقول ليس ملكاً للمحتال أو له حق التصرف به ضمن وسائل أو أفعال التدليس التي تقوم عليها جريمة النصب في القانون اليمني، وبالتالي تعديل نص المادة ( 310 ) من قانون الجرائم والعقوبات بحيث تتضمن ذلك إلى جانب الوسائل الأخرى التي وردت في النص، وهي: استعمال طرق احتيالية، واتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
2. إضافة عبارة ( أمالاً منقولاً كانت هذه الفائدة أم غير منقول ) إلى نص المادة ( 310 ) من قانون الجرائم والعقوبات لتكون بعد التعديل بالصياغة الآتيتين ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة من توصل بغير حق إلى الحصول على فائدة مادية لنفسه أو لغيره، أمالاً منقولاً كانت هذه الفائدة أم غير منقول وذلك بالاستعانة بطرق احتيالية ( نصب ) أو بالتصرف بمال منقول أو غير منقول ليس ملكاً للمحتال أو له حق التصرف به أو اتخذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة).
3. إزالة ذلك التناقض الحاصل بين قانون الجرائم والعقوبات اليمني والقانون التجاري فيما يتعلق بعقوبة جريمة إصدار شيك بدون رصيد، وذلك بتوحيد هذه العقوبة بحيث تكون الحبس والغرامة مع إلزامية الحكم بهما معاً.
4. جعل صغر السن، والإعاقات النفسية أو العقلية كصفات مطلوب وجودها في شخصيات المجني عليهم لكي تقوم جريمة استغلال الحاجة واستغلال ناقصي أو عديمي الأهلية في القانون اليمني باعتبار هذه الصفات عناصر لنقص أو عدم الأهلية لديهم، وذلك بإضافة هذه الصفات إلى تلك العناصر التي وردت في نص المادة ( 317 ) من قانون الجرائم والعقوبات وهي: إستغلال حاجة الشخص وعدم خبرته، وطيشه، مما يتطلب تعديل هذا النص على وفق ذلك.
5. تجريم أفعال التدليس التي تقوم عليها جريمة النصب المعلوماتي ( النصب باستخدام الحاسب الآلي أو الانترنت ) وتقدير عقوبتها في القانون اليمني، وذلك بتخصيص نصوص قانونية تتضمن ذلك في قانون الجرائم والعقوبات ضمن النصوص الملحقة بجريمة النصب مواكبة للتطورات التكنولوجية، وحتى لا يكون هناك فراغ تشريعي في مجال التجريم الجنائي يمكن أن يستغله المحتالون في هذا النوع من الجرائم وبالتالي يفلتوا من العقوبة.
6. تشديد عقوبة جريمة النصب في القانون اليمني كون العقوبة الحالية التي تضمنتها المادة ( 310 ) من قانون الجرائم والعقوبات غير رادعة ولا تتحقق أغراضها، وذلك بتحديد الحد الأدنى لمدة الحبس كعقوبة لهذه الجريمة بحيث لا يقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات ، إضافة إلى النص على الحكم وجوبياً بعقوبة الحبس والغرامة معاً، وليس الحكم بإحدى هاتين العقوبتين كما هو الحال الآن.
7. تشديد عقوبة الشروع في جريمة النصب في القانون اليمني بحيث تكون عقوبة جريمة الشروع في النصب سنتين ، وليس نصف الحد الأقصى للعقوبة كما ورد في النص العام المتعلق بعقوبة الشروع في الجريمة في المادة ( 19 ) من قانون الجرائم والعقوبات، وهذا يتطلب تخصيص نص خاص ، بتجريم الشروع في النصب والعقاب عليه ضمن نصوص المادة ( 310 ) من نفس القانون والمتعلقة بجريمة النصب.
8. التشديد في عقوبة استغلال الحاجة و استغلال عديمي وناقصي الأهلية في القانون اليمني وذلك بجعل عقوبة الغرامة جوازية وعقوبة الحبس و جوبية المقررتين لهذه الجريمة، وذلك لإضفاء حماية جنائية أكبر لأفراد هذه الفئة الاجتماعية نظراً لضعف أو عدم ملكة الإدراك والتمييز لديهم.
9. وضع عقوبة الحبس والغرامة في جريمة الإقراض بربا التي نص عليها القانون اليمني كعقوبات وجوبية إلزامية يجب على القاضي أن يحكم بهما معاً، كون هذه الجريمة تقع من أفراد يدفعهم الجشع إلى زيادة أموالهم بصورة غير شرعية، مما يتطلب تشديد العقوبة المقررة لجرائمهم.
10. النص على أسباب مشددة لعقوبة جريمة النصب في القانون اليمني مثل: تعدد الجناة، صغر سن المجني عليه، ضمن النصوص المتعلقة بهذه الجريمة حتى تكون العقوبة رادعة وتحقق أغراضها عند وجود هذه الأسباب.
11. تشديد العقوبة في حالة العود إلى جريمة النصب وذلك بمضاعفة العقوبة، كون العائد لارتكاب هذه الجريمة يدل دلالة واضحة على وجود انحراف في سلوكه، وخطورة إجرامية في شخصيته، مما يتطلب تشديد العقوبة في حقه للقضاء على هذه الخطورة.
12. على القضاء اليمني تشديد عقوبة جريمة النصب عند إصدار الأحكام في القضايا التي تتضمن هذا النوع من الجرائم بما يتناسب مع نصوص القانون، لان لاحظنا وجود تهاون من قبل القضاء بحق مرتكبي جرائم النصب، وهذا يبدو من خلال عدة أحكام مما تتضمن عقوبات لا تزيد على الحبس سنة، والبعض منها مع إيقاف التنفيذ مع أن القانون حدد الحد الأقصى بثلاث سنوات.
تمت بحمد الله وتوفيقه...
منقول للفائدة
اخوكم
المستشار
الخلاصــــة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي أنزل الله عليه الكتاب و أرسله الله سبحانه وتعالى إلى الناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النور... وبعد :
يتضمن موضوع دراسة (( جريمة النصب في القانون اليمني )) دراسة مقارنة ثلاثة فصول: الفصل الأول خصص للتعريف بجريمة النصب وقد قسمته إلى أربعة مباحث، في المبحث الأول عرضت فيه ماهية جريمة النصب وخصائصها، وقد تم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبان في المطلب الأول تحدثت عن ماهية جريمة النصب لغةً واصطلاحاً بينت فيه ماهية جريمة النصب في المعاجم اللغوية، وأيضا لدى فقهاء الشريعة الإسلامية وفقهاء القانون و شراحُه، إذ أتفق الفقهاء على أن النصب (خداع ومكر )، و أتضح لنا أن قانون الجرائم والعقوبات اليمني لم يعرف النصب وإنما اكتفى بذكر الطرائق الاحتيالية المستخدمة في جريمة النصب، وقد توصلت في نهاية المطلب إلى أن النصب هو " الاستيلاء بغير حق على مال أو أي شيء ذي قيمة مادية مملوك للغير منقولاً كان أم غير منقول وذلك بأية طريقة احتيالية وبنية تملكهٍِ " ، أما المطلب الثاني فبينت فيه خصائص جريمة النصب، وذكرت بان جريمة النصب تتصف من الناحية القانونية بعدة خصائص فهي جريمة تعزيريه ومن جرائم الأموال العمدية وذات القصد الخاص وهي جريمة إيجابية، ومركبة، ووقتية ومادية وترتكب بالحيلة والخداع، و قد تقع بالاشتراك الجرمي.
أما المبحث الثاني فقد درست فيه الجرائم الملحقة بجريمة النصب، وذلك في أربعة مطالب، إذ عرضت في المطلب الأول جريمة إصدار شيك بدون رصيد، إذ يمكن أن ترتكب بعدة صور منها: إصدار شيك بدون رصيد أو له رصيد اقل من قيمتهُ، أو جريمة سحب الرصيد كله أو بعضه بعد إعطاء الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمته، أو الأمر بعدم الدفع بعد إعطاء الشيك ويكون الامتناع عن الوفاء بناءً على أمر صادر من الساحب أو عن طريق تعمد التوقيع على الشيك بغير التوقيع المعتمد لدى البنك المسحوب منه، وفي المطلب الثاني بينت فيه جريمة استغلال الحاجة واستغلال عديمي وناقصي الأهلية، وأن هدف التجريم هو حمايتهم من استغلال الأشخاص سيئ النية لهم الذين قد ينتهزون ضعف القدرات الذهنية وسوء الحالة النفسية للمجني عليهم، أما المطلب الثالث فقد خصصته لدراسة جريمة الإقراض بربا، وترجع العلة من تجريم الاقتراض بربا هي حماية الناس من جشع المرابين الذي يقرضون أموالهم بفائدة ، وفي المطلب الرابع درست جريمة النصب المعلوماتي أي النصب باستخدام الحاسب الآلي، حيت يتميز النصب المعلوماتي عن غيره من أنماط الاحتيال العادي بالتعقيد الناجم عن استخدام المفاتيح والشفرات والدلائل الالكترونية ويكون ذلك بالتلاعب بالبرامج والبيانات وإحداث تغيير فيها بما يترتب عليه أيهام المجني عليه بصحتها.
أما المبحث الثالث تحدثت فيه عن أدلة تحريم النصب في الشريعة الإسلامية، وفيما يتعلق بالمبحث الرابع فقد ميزت فيه جريمة النصب عن جرائم الأموال الأخرى الشبيهة بها، إذ أتضح لي من خلال دراستي لهذه الجرائم بان هناك علاقة وثيقة تربط جريمة النصب ببعض جرائم الأموال الأخرى الشبيهة بها كجريمة السرقة وجريمة خيانة الأمانة وجريمة الاختلاس وذلك لان هذه الجرائم تقع اعتداء على أموال الغير أي تقع على الحقوق المالية إذ يكون الحق المعتدي عليه ذات طابع مالي، إلا أنه مع هذا التشابه توجد أوجه اختلاف بين جريمة النصب وتلك الجرائم ، وهو ما بينته ُفي هذا المبحث.
أما الفصل الثاني فقد خصصته لأركان جريمة النصب، وقد قسمته إلى أربعة مباحث إذ جعلت المبحث الأول لدراسة الركن المادي، وقد قسمته إلى ثلاثة مطالب، بينت في المطلب الأول أفعال التدليس التي يتكون منها الركن المادي لجريمة النصب وقد وردت هذه الأفعال في قانون الجرائم والعقوبات اليمني على سبيل الحصر وهي " الاستعانة بطرق احتيالية، اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة" ، وقد تبين لنا بان المقنن اليمني خلافاً لبعض التشريعات العربية، لم يجعل وسيلة التصرف بمال منقول أو غير منقول ضمن أفعال التدليس، أما المطلب الثاني فقد عرضت فيه النتيجة الإجرامية والتي تتمثل بتسليم مال الغير للجاني بفعل الوسائل الاحتيالية التي أوقعت المجني عليه في الغلط، أما المطلب الثالث درست فيه الرابطة السببية التي تربط أفعال الاحتيال بالنتيجة الإجرامية ، فبينت أنه لكي يتحقق الركن المادي لجريمة النصب فلابد من أن توجد علاقة سببية بين فعل الخداع الذي أتاه الجاني وبين تسليم المجني عليه المال وان اشتراط وجود الرابطة السببية أمر تمليه القواعد العامة، أما المطلب الرابع فقد درست فيه الشروع في جريمة النصب، وهو أن يقوم الجاني بعمل تحضيري للاحتيال، وهو كل نشاط يأتي به الجاني قبل مرحلة استعمال أساليب الخداع إزاء الجاني.
أما المبحث الثاني فقد خصصته لدراسة موضوع جريمة النصب وقد تبين لنا بان موضوع النصب هو المال الذي يقوم الجاني باستعمال جميع الطرق الاحتيالية للاستيلاء على المال ويحوزه لنفسه ويكون هذا المال مملوكاً للغير.
وفيما يتعلق بالمبحث الثالث فقد خصصته لدراسة الركن المعنوي لجريمة النصب وقد قسمته إلى مطلبين، إذ بينت في المطلب الأول القصد الجنائي العام في جريمة النصب وهو يتكون من عنصرين: هما العلم والإرادة، أي ينبغي أن يحيط الجاني علماً بأنه يغير الحقيقة، وبأنه يأتي بوسيلة من وسائل الاحتيال، وبأنه يعتدي على مال مملوك للغير ويقتضي إتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل النصب، أما المطلب الثاني فقد خصصته لدراسة القصد الخاص في جريمة النصب، وهو شرط لقيام هذه الجريمة، إذ انه لا يكفي في جريمة النصب أن يتوافر عنصري العلم والإرادة فقط ( القصد العام ) بل لابد أن يضاف إليهما عنصر نية تملك ثروة الغير كلها أو بعضها ( القصد الخاص ) .
أما الفصل الثالث فقد خصصته لعقوبة جريمة النصب، وقد قسمته إلى أربعة مباحث، فجعلت المبحث الأول لتعريف عقوبة جريمة النصب وخصائصها وأغراضها بوجه عام وقد قسمت هذا المبحث إلى مطلبين فبينت في المطلب الأول تعريف عقوبة جريمة النصب وخصائصها، وقد تبين لي في نهاية المطلب بأن العقوبة هي " النتيجة أو الأثر الذي يرتبه القانون على ارتكاب الجريمة، أو القول بأنها الإيلام المقصود الذي يوقع من اجل الجريمة ويمس حق من حقوق المحكوم عليه بهدف ردعه وإصلاح وزجر الآخرين" أما المطلب الثاني فقد خصصته لدراسة أغراض عقوبة جريمة النصب المتمثلة بتحقيق العدالة والردع العام والردع الخاص، وفي المبحث الثاني تناولت فيه العقوبات الأصلية والتكميلية، إذ تم تقسيم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب، ففي المطلب الأول تحدثت فيه عن العقوبات الأصلية المقررة لجريمة النصب وفي هذا المطلب تحدثت فيه في الفرع الأول عن تعريف العقوبات الأصلية وقد تبين لي بان العقوبات الأصلية هي الجزاء الأساسي للجريمة ولا يكون الحكم بها معلقاً على حكم آخر، وفي الفرع الثاني، تحدثت فيه عن أنواع العقوبات الأصلية المقررة لجريمة النصب وهي، إما الحبس ويكون ذلك بوضع المحكوم عليه في احد السجون المركزية المدة المحكوم بها إما الغرامة و التي تعني إلزام الجاني بدفع مبلغ من المال إلى خزينة الدولة، أما المطلب الثاني فقد خصصته لدراسة العقوبات التكميلية لجريمة النصب وذلك بتقسيمه إلى فرعين، ففي الفرع الأول تحدثت فيه عن تعريف العقوبات التكميلية و استخلصت في نهاية الفرع بان العقوبات التكميلية هي " عقوبات يقررها المقنن كإضافة لعقوبات أصلية عندما لا تكفي هذه الأخيرة وحدها لتحقيق هدف العقوبة " وفي الفرع الثاني تحدثت فيه عن أنواع العقوبات التكميلية التي يقررها المقنن اليمني إضافة للعقوبات الأصلية، وهي الحرمان من بعض الحقوق والمزايا التي نصت عليها المادة ( 101 ) من قانون الجرائم والعقوبات أو الوضع تحت المراقبة أو المصادرة ،وقد تناولت في المطلب الثالث عقوبة الشروع في جريمة النصب، وقد تبين لنا أن المقنن اليمني لم يخصص نصوصاً قانونية ضمن أحكام جريمة النصب التي تتعلق بعقوبة الشروع في هذه الجريمة، وإنما ترك عقوبة الشروع في النصب إلى القواعد العامة للشروع في الجريمة
أما المبحث الثالث فقد خصصته لدراسة العقوبات المقررة للجرائم الملحقة بجريمة النصب وذلك بوضع عقوبة الحبس و الغرامة، وقد تبين لنا بان المقنن اليمني لم يقرر عقوبة معينة لجريمة النصب المعلوماتي كونه أصلاً لم يخصص نصوصاً قانونية تتعلق بجرائم الحاسوب الآلي أو جرائم الانترنت بما فيها جريمة النصب المعلوماتي.
أما المبحث الرابع فقد خصصته لدراسة الأسباب المخففة والمشددة على عقوبة جريمة النصب، وقد قسمته إلى مطلبين، فجعلت المطلب الأول للأسباب المخففة لعقوبة جريمة النصب، فبينت فيه الأعذار القانونية والظروف القضائية المخففة لهذه العقوبة، فهي أسباب تخول القاضي النزول بالعقوبة المقررة إلى حدها الأدنى المنصوص عليه قانوناً، أما المطلب الثاني، فقد بينت فيه الأسباب المشددة لعقوبة جريمة النصب، إذ أوضحت فيه الحالات التي يجوز للقاضي فيها تشديد العقوبة بحيث تصل إلى حدها الأقصى المقرر في القانون.
وفي خاتمة البحث عرضت أهم النتائج والمقترحات والتوصيات التي توصلت إليها من خلال هذه الدراسة.
الخاتمــة
بعون الله ورعايته تم إنجاز هذه الرسالة العلمية، وإخراجها إلى حيز الوجود، حيث درست في هذا البحث موضوع جريمة النصب وعرضت فيه آراء فقهاء القانون حول ذلك، إضافة إلى موقف المشرع اليمني من جريمة النصب، مع مقارنة القانون اليمني، لاسيما قانون الجرائم والعقوبات اليمني ببعض القوانين الجزائية العربية لإبراز أوجه التشابه والتطابق، منها: القانون المصري، والأردني والسوري.
وقد استشهدت ببعض الأحكام الجزائية الصادرة عن القضاء اليمني، ومدى انسجام وتلاؤم هذه الأحكام مع نصوص القانون، وفي خاتمة الدراسة توصلت إلى جملة من النتائج والتوصيات أهمها ما يلي:
أولاً: النتائج:
1. اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على أن جريمة النصب ما هي ( إلا أفعال تبدو في ظاهرها أنها مباحة إلا أن في باطنها الخداع والحيلة ويراد منها ما هو محرم ومحظور في إسقاط واجب ودفع و إبطال حكم شرعي)، أما فقهاء القانون و شراحُه فقد اتفقوا على أن جريمة النصب هي ( الاستيلاء على أموال مملوكة للغير باستعمال الحيلة بنية تملكها ) إلا أنهم اختلفوا في طبيعة تلك الأموال ، فمنهم من يرى أن جريمة النصب يمكن أن تقع على الأموال المنقولة فقط أياً كان نوعها، بينما البعض الآخر يرى أن جريمة النصب يمكن أن تقع على أموال منقولة أو على أموال غير منقولة ( عقار ) ، وهذا الرأي الأخير هو الصواب في رأينا لأسباب تم ذكرها في موضعها، أما القوانين الجزائية فإنها تتفق على أن جريمة النصب هي " الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للغير بهدف تملكه عن طريق استخدام وسائل تدليس معينة"، وقد توصلنا إلى تعريف لجريمة النصب وهو أن النصب ( استيلاء بغير حق على مال أو أي شيء له قيمة مادية مملوك للغير منقولاً كان أم غير منقول، وذلك بأية طريقة احتيالية وبنية تملكه ).
2. وقد اختلفت العديد من القوانين الجزائية في تحديد أنواع وسائل التدليس التي تقوم عليها جريمة النصب، فالقانون اليمني حددها بوسيلتين على سبيل الحصر هما: استعمال طرق احتيالية، واتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، أما بعض القوانين الجزائية العربية، كالقانون المصري والأردني والسوري فقد أضافت إلى ذلك تصرف الجاني في مال منقول أو غير منقول وهو يعلم أنه ليس ملكاً له وليس له حق التصرف فيه وذلك بالإدعاء كذباً بملكيته لذلك المال و بأن له حق التصرف فيه، كما أن هذه القوانين حددت على سبيل الحصر، الغايات التي تهدف إليها الطرق الاحتيالية ( الكذب ) وهو ما لم يفعله القانون اليمني، كما أن بعض القوانين الجزائية العربية كالقانون السوداني والقانون العُماني لم يحدد عند تعريفه لجريمة النصب وسائل التدليس التي تقوم عليها الجريمة ولا الغايات التي تهدف إليها الطرق الاحتيالية المستعملة في النصب، بل اكتفت هذه القوانين بالذكر: أن النصب يتم بالاستيلاء على أموال الغير باستعمال طرق احتيالية، وقد توصلنا إلى صواب موقف القانون اليمني وتلك القوانين كالقانون المصري والأردني والسوري التي حددت وسائل التدليس التي تقوم عليها جريمة النصب وذلك على سبيل الحصر، وعلة ذلك هي الحرص على أن يكون نطاق جريمة النصب محدوداً، فلا تدخل في هذا النطاق سوى أفعال التدليس التي تشكل خطورة على أموال الناس وملكيتهم لها وعلى الثقة العامة في المعاملات بحيث يقتضي الأمر تجريمها، كما لا يدخل في هذا النطاق سوى تلك الطرق الاحتيالية (الكذب ) التي تهدف إلى إحدى تلك الغايات التي نصت عليها القوانين السالفة الذكر مما يتطلب تجريم استعمال هذه الطرق والتي جوهرها الكذب، وهو ما لم ينص عليه القانون اليمني.
3. إن جريمة النصب لها خصائص معينة تشترك في البعض منها مع الجرائم الأخرى (خصائص عامة ) بينما البعض الآخر له ( خصائص خاصة ) تتميز بها عن الجرائم الأخرى بما فيها جرائم الأموال الشبيهة بالنصب، وأهم هذه الخصائص: أن النصب جريمة تعزيريه، وتعد من جرائم الأموال و أنها من الجرائم المخططة الايجابية، كما أنها تُرتكب باستعمال الحيلة والخداع، و أنها جريمة مادية ومتعددة الأفعال، و أيضاً تعد من الجرائم الوقتية، إضافة إلى كونها من الجرائم العمدية التي تقوم على القصد العام والقصد الخاص، كما أنها يمكن أن تقع بطريقة الاشتراك الجرمي، إضافة إلى أن الشروع فيها مجرم ومعاقب عليه.
4. أن جريمة النصب تقوم على ثلاثة أركان هي : ركن مادي قوامه الوصول بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على مال الغير، و موضوع النصب وهو مال الغير، إذ ينبغي أن يكون المال مادياً، أي له كيان ملموس يمكن الاستيلاء عليه، إضافة إلى ركن معنوي قوامه القصد الجنائي العام و الخاص.
5. أن الهدف من تجريم النصب هو حماية مال الغير سواء المال المنقول أو المال غير المنقول، من الاستيلاء، إضافة إلى حماية مصلحة المجتمع في أن تكون المعاملات بين أفراده نزيهة، وتسودها حسن النية.
6. توجد بعض الجرائم التي تقوم على الحيلة والخداع، ولكن لا توجد فيها أركان جريمة النصب، وأهم هذه الجرائم: إصدار شيك بدون رصيد، وجريمة استغلال الحاجة و استغلال عديمي وناقصي الأهلية، الإقراض بربا ، وجريمة النصب المعلوماتي ( النصب باستخدام الحاسب الآلي أو الانترنت )، وهذه الجرائم ماعدا النصب المعلوماتي أفردت لها التشريعات الجزائية العربية بما فيها التشريع اليمني نصوصاً قانونية خاصة ملحقة بجريمة النصب لكيلا يفلت الجاني من العقاب لعدم انطباق النص القانوني الخاص بجريمة النصب عليها.
7. اشترط المقنن اليمني في جريمة إصدار شيك بدون رصيد خلافاً للعديد من التشريعات العربية، أن يمتنع الساحب عن الوفاء خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالسداد، و إيضاً أشترط إلى جانب القصد العام وجود القصد الخاص لكي تقوم هذه الجريمة، والمتمثل برغبة أو نية الجاني الإضرار بحامل الشيك أو المستفيد منه.
8. نلاحظ إن المقنن اليمني بخلاف العديد من التشريعات الجزائية العربية، اكتفى في جريمة استغلال الحاجة و استغلال ناقصي أو عديمي الأهلية بذكر الحاجة، وعدم الخبرة، والطيش، كعناصر أو صفات مطلوب وجودها في شخصيات المجني عليهم لكي تقوم هذه الجريمة، ولم يحدد صغر السن أو الإعاقات النفسية أو العقلية كعناصر لنقص أو عدم الأهلية لدى المجني عليهم المطلوب وجودها في هذه الجريمة.
9. إن القانون اليمني خلاف التشريعات الأخرى، جرم الربا بوجه عام أفاحشاً كان أم غير فاحش مادام إن الإقراض عائداً بمنفعة إلى المقرض بصرف النظر عن طبيعة هذه المنفعة وذلك عملاً بأحكام الشريعة الإسلامية التي تجرم الإقراض بربا، أما التشريعات الأخرى فأنها تجرم الربا الفاحش، أي الإقراض بفائدة تزيد على تلك الفائدة المقررة في القانون، و تلحقه بجريمة النصب كونه يقوم على استغلال الجاني ( المقرض ) لحاجة المقترض وضعفه أو عدم خبرته أو جهله لحملهُ على قبول الفائدة.
10. إن المقنن اليمني خلاف العديد من التشريعات الجزائية العربية كالتشريع المصري، والسوري، والأردني، والسوداني، والعُماني لم يجرم الشروع في النصب ولم يعاقب عليه بنصوص خاصة تتبع النصوص المتعلقة بجريمة النصب ذاتها، إذ أنه اكتفى بالنص العام الذي تضمنته المادة ( 9 ) من قانون الجرائم والعقوبات، والذي يجرم الشروع في الجريمة ويعاقب عليه أياً كانت الجريمة المرتكبة، إلا إذا استثنى القانون ذلك بنص خاص.
11. يقوم القصد الجنائي في جريمة النصب على عنصرين، هما: العلم والإرادة، فالعلم هو أن يكون الجاني عالماً بأركان الجريمة التي تتحقق بها جريمة النصب، وإن تنصرف إرادته إلى تحقق النتيجة، وهذا هو القصد العام، إلا أنه لا يكفي لوقوع النصب، إذ لابد من وجود القصد الجنائي الخاص أيضاً، أي نية حرمان المالك من ماله أو ملكه نهائياً.
12. إن تعريف العقوبة بوجه عام ينطبق أيضاً على تعريف عقوبة جريمة النصب باعتبارها من العقوبات الجنائية التي نص عليها التشريع العقابي، لذا فهي عبارة عن ( جزاء جنائي يقرره القانون ويوقعه القاضي بسبب الجريمة، ويتناسب معها، إذ يتضمن إيلاماً مقصوداً يمس حقاً من حقوق المحكوم عليه بهدف ردعه وإصلاحه وزجر الآخرين ).
13. إن عقوبة جريمة النصب كغيرها من العقوبات الجنائية تتسم بخصائص معينة تميزها عن غيرها من الجزاءات الأخرى كالجزاء المدني، والجزاء الإداري، والتدبير الاحترازي، وهذه الخصائص، هي : شرعيتها، شخصيتها، قضائيتها، عموميتها ( مساواتها )، مرونتها، تضمنها للإيلام المقصود.
14. إن لعقوبة جريمة النصب غرضاً عاماً يتمثل في محاربة الجريمة وحماية المجتمع من أضرارها إضافة إلى تحقيق العدالة والردع العام والردع الخاص، وأيضاً حماية أموال وممتلكات الأفراد، وحماية مصلحة المجتمع في أن يسود حسن النية في المعاملات بين أفراده وغيرها من الأغراض.
15. إن العقوبات الأصلية المقررة لجريمة النصب في القانون اليمني والعديد من التشريعات الجزائية العربية هي الحبس والغرامة، وهي عقوبات غير رادعة في القانون اليمني، وهذا يبدو من حيث تحديد الحد الأقصى لمدة الحبس الذي لا يتجاوز ثلاث سنوات، وهي مدة غير كافية لتحقيق الردع ولا تتناسب مع جسامة وخطورة جريمة النصب والأضرار الناشئة عنها وأيضاً من حيث عدم تحديد الحد الأدنى لمدة الحبس، إضافة إلى إعطاء القاضي الصلاحية في الحكم بإحدى هاتين العقوبتين وليس الحكم بهما معاً، كما أن عقوبة الشروع في النصب هي أيضاً غير رادعة، كون المقنن اليمني حددها بنصف الحد الأقصى لعقوبة جريمة النصب التامة.
16. إن العقوبات التكميلية لجريمة النصب في القانون اليمني ما هي إلا عقوبات ثانوية تكمل العقوبات الأصلية ويجب أن يتضمنها الحكم القضائي، وهي: إما أن يكون الحرمان من بعض الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة ( 101 ) من قانون الجرائم والعقوبات أو المصادرة أو الوضع تحت مراقبة الشرطة.
17. وجود تناقض بين قانون الجرائم والعقوبات اليمني والقانون التجاري اليمني فيما يتعلق بعقوبة جريمة إصدار شيك بدون رصيد، إذ جعلها الأول اختيارية إما الحبس أو الغرامة، والثاني جعلها إلزامية، أي الحبس والغرامة معاً.
18. إن القانون اليمني لم يتضمن نصاً خاصاً بالأسباب المشددة لعقوبة جريمة النصب على خلاف بعض القوانين الجزائية العربية كالقانون الأردني والسوري والعُماني والسوداني التي تضمنت ذلك.
ثانياً: التوصيات
وفقاً للنتائج التي توصلنا إليها ، فإننا نوصي بالآتي:-
1. جعل التصرف بمال منقول أو غير منقول ليس ملكاً للمحتال أو له حق التصرف به ضمن وسائل أو أفعال التدليس التي تقوم عليها جريمة النصب في القانون اليمني، وبالتالي تعديل نص المادة ( 310 ) من قانون الجرائم والعقوبات بحيث تتضمن ذلك إلى جانب الوسائل الأخرى التي وردت في النص، وهي: استعمال طرق احتيالية، واتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
2. إضافة عبارة ( أمالاً منقولاً كانت هذه الفائدة أم غير منقول ) إلى نص المادة ( 310 ) من قانون الجرائم والعقوبات لتكون بعد التعديل بالصياغة الآتيتين ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة من توصل بغير حق إلى الحصول على فائدة مادية لنفسه أو لغيره، أمالاً منقولاً كانت هذه الفائدة أم غير منقول وذلك بالاستعانة بطرق احتيالية ( نصب ) أو بالتصرف بمال منقول أو غير منقول ليس ملكاً للمحتال أو له حق التصرف به أو اتخذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة).
3. إزالة ذلك التناقض الحاصل بين قانون الجرائم والعقوبات اليمني والقانون التجاري فيما يتعلق بعقوبة جريمة إصدار شيك بدون رصيد، وذلك بتوحيد هذه العقوبة بحيث تكون الحبس والغرامة مع إلزامية الحكم بهما معاً.
4. جعل صغر السن، والإعاقات النفسية أو العقلية كصفات مطلوب وجودها في شخصيات المجني عليهم لكي تقوم جريمة استغلال الحاجة واستغلال ناقصي أو عديمي الأهلية في القانون اليمني باعتبار هذه الصفات عناصر لنقص أو عدم الأهلية لديهم، وذلك بإضافة هذه الصفات إلى تلك العناصر التي وردت في نص المادة ( 317 ) من قانون الجرائم والعقوبات وهي: إستغلال حاجة الشخص وعدم خبرته، وطيشه، مما يتطلب تعديل هذا النص على وفق ذلك.
5. تجريم أفعال التدليس التي تقوم عليها جريمة النصب المعلوماتي ( النصب باستخدام الحاسب الآلي أو الانترنت ) وتقدير عقوبتها في القانون اليمني، وذلك بتخصيص نصوص قانونية تتضمن ذلك في قانون الجرائم والعقوبات ضمن النصوص الملحقة بجريمة النصب مواكبة للتطورات التكنولوجية، وحتى لا يكون هناك فراغ تشريعي في مجال التجريم الجنائي يمكن أن يستغله المحتالون في هذا النوع من الجرائم وبالتالي يفلتوا من العقوبة.
6. تشديد عقوبة جريمة النصب في القانون اليمني كون العقوبة الحالية التي تضمنتها المادة ( 310 ) من قانون الجرائم والعقوبات غير رادعة ولا تتحقق أغراضها، وذلك بتحديد الحد الأدنى لمدة الحبس كعقوبة لهذه الجريمة بحيث لا يقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات ، إضافة إلى النص على الحكم وجوبياً بعقوبة الحبس والغرامة معاً، وليس الحكم بإحدى هاتين العقوبتين كما هو الحال الآن.
7. تشديد عقوبة الشروع في جريمة النصب في القانون اليمني بحيث تكون عقوبة جريمة الشروع في النصب سنتين ، وليس نصف الحد الأقصى للعقوبة كما ورد في النص العام المتعلق بعقوبة الشروع في الجريمة في المادة ( 19 ) من قانون الجرائم والعقوبات، وهذا يتطلب تخصيص نص خاص ، بتجريم الشروع في النصب والعقاب عليه ضمن نصوص المادة ( 310 ) من نفس القانون والمتعلقة بجريمة النصب.
8. التشديد في عقوبة استغلال الحاجة و استغلال عديمي وناقصي الأهلية في القانون اليمني وذلك بجعل عقوبة الغرامة جوازية وعقوبة الحبس و جوبية المقررتين لهذه الجريمة، وذلك لإضفاء حماية جنائية أكبر لأفراد هذه الفئة الاجتماعية نظراً لضعف أو عدم ملكة الإدراك والتمييز لديهم.
9. وضع عقوبة الحبس والغرامة في جريمة الإقراض بربا التي نص عليها القانون اليمني كعقوبات وجوبية إلزامية يجب على القاضي أن يحكم بهما معاً، كون هذه الجريمة تقع من أفراد يدفعهم الجشع إلى زيادة أموالهم بصورة غير شرعية، مما يتطلب تشديد العقوبة المقررة لجرائمهم.
10. النص على أسباب مشددة لعقوبة جريمة النصب في القانون اليمني مثل: تعدد الجناة، صغر سن المجني عليه، ضمن النصوص المتعلقة بهذه الجريمة حتى تكون العقوبة رادعة وتحقق أغراضها عند وجود هذه الأسباب.
11. تشديد العقوبة في حالة العود إلى جريمة النصب وذلك بمضاعفة العقوبة، كون العائد لارتكاب هذه الجريمة يدل دلالة واضحة على وجود انحراف في سلوكه، وخطورة إجرامية في شخصيته، مما يتطلب تشديد العقوبة في حقه للقضاء على هذه الخطورة.
12. على القضاء اليمني تشديد عقوبة جريمة النصب عند إصدار الأحكام في القضايا التي تتضمن هذا النوع من الجرائم بما يتناسب مع نصوص القانون، لان لاحظنا وجود تهاون من قبل القضاء بحق مرتكبي جرائم النصب، وهذا يبدو من خلال عدة أحكام مما تتضمن عقوبات لا تزيد على الحبس سنة، والبعض منها مع إيقاف التنفيذ مع أن القانون حدد الحد الأقصى بثلاث سنوات.
تمت بحمد الله وتوفيقه...
منقول للفائدة
اخوكم
المستشار