المنتدى القـــانوني للمحـــامي عصــــام البــــاهلي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المنتدى القـــانوني للمحـــامي عصــــام البــــاهلي

منتدى قانونية يقدم خدمات شاملة في مجالات المحاماة والاستشارات القانونية ( العـــدالة ) رسالتنا و( الحق ) غايتنا وايمانا منا بان المحاماة رسالة سامية نقدم هذا الموقع المتخصص للقانونيين


+2
جبران
المصري
6 مشترك

    القصد الجنائي

    المصري
    المصري


    عدد المساهمات : 124
    تاريخ التسجيل : 25/05/2010

    القصد الجنائي Empty القصد الجنائي

    مُساهمة من طرف المصري 29.05.10 9:41

    ينصرف معنى القانون الجنائي إلى القواعد التي تمدد سياسة التجريم و العقاب ، و تنظم السياسة الإجرامية التي تبين كيفية اقتضاء الدولة لحقها في العقاب بما يضمن التوازن بين حقوق المتهم و حقوق المجتمع .
    و يتضمن القانون الجنائي بهذا المعنى نوعين من القواعد :

    1 ـ قواعد موضوعية تبين ما يعد جريمة و العقوبة المقررة لها في إطار مبدأ الشرعية بألاّ جريمة و لا عقوبة و لا تدبير أمن إلاّ بنص من القانون ( المادة 1 من قانون العقوبات ).
    و يعبر عن هذه القواعد بقانون العقوبات.
    ويقسم قانون العقوبات إلى قسمين :

    أ ـ قسم عام يهتم بدراسة النظرية العامة للجريمة ، ببيان الأحكام العامة التي تحكم الجريمة و العقوبة عن طريق تحديد الأركان الأساسية للجريمة ، و أحكام المسؤولية الجنائية ، و أنواع العقوبات و ظروف تشديدها و ظروف تخفيفها .

    ب ـ قسم خاص يهتم بتحديد وصف الأركان الخاصة بكل جريمة على حدة ، و بيان الحد الأدنى و الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها .

    2 ـ قواعد شكلية تبين الإجراءات القانونية التي يتعين مراعاتها ، و يجب إتباعها طوال مراحل الخصومة الجنائية من مرحلة التحري عن الجريمة ، والتحقيق فيها إلى صدور الحكم الجنائي و تنفيذه.
    و يعبر عن هذه القواعد بقانون الإجراءات الجنائية و الجزائية .
    إنّ قانون الإجراءات الجنائية يعد جزءا من التشريع العقابي بمعناه الواسع ، و فرعا له بمعناه الضيق .

    تعريف الجريمة
    لا تتضمن معظم القوانين العقابية تعريف للجريمة ، و قد أدى اختلاف الفقه في تعريف الجريمة إلى ظهور اتجاهين : اتجاه شكلي ، و اتجاه موضوعي .
    1 ـ الاتجاه الشكلي : يعتمد أنصار هذا الاتجاه في تعريفهم للجريمة على الربط بين الواقعة المرتكبة و بين القاعدة القانونية ، و يعرفون الجريمة على هذا الأساس بأنها : " فعل يجرمه القانون " ، أو " نشاط أو امتناع يجرمه القانون و يعاقب عليه ".
    2 ـ الاتجاه الموضوعي : يعتمد أنصار هذا الاتجاه في تعريفهم للجريمة على إبراز جوهرها باعتبارها اعتداء على مصلحة اجتماعية ، و يعرفون الجريمة على هذا الأساس بأنها " الواقعة ضارة بكيان المجتمع و أمنه ".


    01

    ويبدو من بعض قرارات المحكمة العليا أنّ القضاء الجزائري يميل إلى الأخذ بالاتجاه الشكلي في تعريف الجريمة بأنّها : " : كلّ فعل أو امتناع عن فعل يعاقب عليه القانون جزائيا " . ( قرار المحكمة العليا المؤرخ في 1986/06/24 ـ الفرقة الجنائية الأولى ، الطعن رقم : 43.835 ).
    و يستخلص من تعريف الجريمة سواء من وجهة نظر الاتجاه الموضوعي ما يلي :
    ـ أنّ الجريمة سلوك الذي يمكن أن يكون فعلا ينهي القانون عنه ، أو امتناعا يأمر به القانون.
    ـ أنّ السلوك الذي يعتبر جريمة يجب أن يكون مهامها يمكن نسبته أو إسناده إلى فاعله ، بأن يكون هذا السلوك فعلا صادرا عند إنسان يمكن الاعتداء بإرادته قانونا أي أن يكون السلوك صادرا عن إرادة سليمة، أي مدركة و مميزة و غير مكرهة .
    ـ أن يكون من شأن السلوك المكوّن للواقعة الإجرامية ،
    ـ سواء كان فعلا أو امتناعا
    ـ الإضرار بمصلحة محمية جنائيا . و تكون المصلحة محمية جنائيا إذا كان القانون يرتب على الواقعة جزاء جنائيا.
    ويلاحظ أنّ الجريمة بالمعنى المتقدم تمثل الجانب الموضوعي للمسؤولية الجنائية تقتضي وجود الجريمة و الجاني معا ، فلا تعد جريمة حوادث القضاء و القدر.

    أركان الجريمة.

    يتطلب القانون لقيام الجريمة توافر أركان معينة ، وهي على نوعين :
    1 ـ الأركان العامة للجريمة التي تسري على كافة الجرائم بوجه عام ، أيّا كان نوعها أو طبيعتها ، بحيث إذا اكتملت هذه الأركان قامت الجريمة تامة أو مشروع فيها تستوجب توقيع العقاب الذي حدده النّص الجنائي على الجاني . أمّا إذا انتهى أحد هذه الأركان فلا تقوم الجريمة من الناحية القانونية .
    2 ـ الأركان الخاصة للجريمة التي ينّص القانون عليها بالنسبة لكل جريمة على حده ، و هي أركان تختلف من جريمة إلى أخرى بحسب نوعها و طبيعتها . و الغرض من هذه الأركان أن تضاف إلى الأركان العامة لتحدد نوعها و طبيعتها . و الغرض من هذه الأركان الخاصة للجريمة : أن يكون المجني عليه حيا في جريمة القتل ، و أن يكون المرتشي موظفا عاما في جريمة الرشوة ، و أن يكون الشيء المختلس مالا منقولا مملوكا للغير في جريمة السرقة .
    وقد اختلف الفقه بشأن تقسيم الأركان العامة للجريمة , فمن الفقه من يرى أنّ للجريمة ركنان : ركن مادي و ركن معنوي، ومن الفقه من يرى أنّ للجريمة أركان ثلاثة فيضيف إلى الركنين المادي و المعنوي الركن الشرعي .


    02
    المفهوم القانوني.
    يقصد به ما يسببه السلوك الإجرامي من ضرر أو خطر يصيب أو يهدد مصلحة محمية قانونا . فيجب أن تكون لكل جريمة نتيجة ، فتكون النتيجة في الجرائم المادية كجريمة القتل عبارة عن العدوان على الحق في الحياة ، و تكون النتيجة في الجرائم الشكلية كجريمة ترك الأطفال للخطر ، عبارة عن خطر يهدد مصلحة محمية قانونا.
    و قسم الجرائم أخذا بالمفهوم القانوني إلى جرائم ضرر كمقابل للجرائم المادية ، و جرائم خطر كمقابل للجرائم الشكلية .
    و لعل أنّ السبب في ظهور المفهومين المتقدمين يرجع إلى أنّ النتيجة المترتبة على السلوك الإجرامي قد يكون لها مظهر خارجي ملموس مثل إزهاق روح إنسان في جريمة القتل ، و نزع حيازة المنقول من مالكه في جريمة السرقة ، و قد لا يكون لهذه النتيجة مظهر خارجي ملموس كالامتناع عن أداء الشهادة . و هو السبب الذي أدى إلى تقسيم الجرائم في نطاق النتيجة الضارة المترتبة على السلوك الإجرامي و من حيث الضرر أو الخطر الذي تحدثه إلى جرائم ذات ضرر مؤكد و أغلب الجرائم من هذا النوع كجرائم القتل و السرقة و القذف التي يلحق الضرر فيها بالحق الذي يحميه القانون إلى جرائم ذات خطر أو ضرر محتمل و هي جرائم لا يستلزم القانون لتحقق النتيجة فيها وقوع ضرر بالفعل بل يكفي مجرد الخطر ، فيمثل هذا الخطر النتيجة فيها وقوع ضرر بالفعل بل يكفي مجرد الخطر ، فيمثل هذا الخطر النتيجة المترتبة على السلوك الإجرامي ، و مثل هذه الجرائم جريمة الاتفاق الجنائي .( المادة 176 ق ع ).
    و لا خلاف في أنّ النتيجة المترتبة عن السلوك الإجرامي حقيقة قانونية تتميز عن الضرر المادي، و تتمثل في ضرر معنوي يعتدي به على حق يحميه القانون ، ففي جريمة القتل تكون النتيجة الضارة فيه الاعتداء على حق الإنسان في الحياة و هو حق يحميه القانون . و في جريمة امتناع الشاهد عن الحضور أمام المحكمة تكون النتيجة الضارة عبارة عن الاعتداء على حق المجتمع في الاستعانة بأي فرد من أفراده في استجلاء الحقيقة .
    و يلاحظ أنّ كل جريمة ينتج عنها ضرر عام و ضرر خاص ، أمّا الضرر العام فهو ضرر مفترض يصيب المجتمع ككل يفرض له القانون عقابا لمن يكن السبب في إحداثه ففي جريمة القتل مثلا بسبب فعل إزهاق روح المجني روح المجني عليه اضطرابا في أمن المجتمع و كيانه فيضع القانون عقوبة توقع على يقوم بتحقيق هذه النتيجة التي تضر بالمجتمع. و أمّا الضرر الخاص فهو الضرر الذي يصيب المجني عليه أو أقاربه بحسب الأحوال . ففي جريمة القتل مثلا يتمثل الضرر الخاص في حرمان المجني عليه من الحياة . و قد يكون الضرر الخاص ماديا كما في جريمة السرقة ، و قد يكون معنويا كما في جريمة القذف و السبب بالنظر إلى ما تسببه هذه الجريمة من الألم نفسية للمجني عليه ، و قد يكون الضرر محققا كما في جريمة القتل التامة ، و قد يكون محتملا كما في الشروع في الجريمة.

    03
    و يلاحظ أيضا أنّ القانون يستلزم في بعض الجرائم توافر الضرر كركن لا تحقق الجريمة ، و مثال ذلك أن يقع
    و قد قيلت في هذا الخصوص عدة نظريات نفرضها بإيجار فيما يلي :

    نظرية تعادل الأسباب.

    يرى أنصار هذه النظرية أنّ جميع العوامل التي تتدخل في إحداث النتيجة متعادلة . ولكن يمكن الرجوع إلى العامل الأول و الأساس الذي جعل الأمور تسير إلى ما انتهت إليه من نتيجة و العامل الأول هو فعل الجاني الذي وقع منه ابتداء ، ومن ثمّ يسأل عن النتيجة الضارة التي وقعت أيا كانت النهاية سواء كانت هذه العوامل سابقة أم معاصرة أم لاحقة لنشاطه الإجرامي .

    نظرية السبب المباشر أو الأقوى .

    يرى أنصار هذه النظرية أنّ الجاني يسأل عن النتيجة الضارة التي أحدثها إذا كانت متصلة اتصالا مباشرا بفعله أو سلوكه الإجرامي ، أي يجب أن يكون نشاط الجاني هو السبب الرئيس أو الأقوى في إحداث النتيجة الضارة . ذلك أنّ قيام علاقة السببية تستلزم نوعا من الاتصال المادي المباشر بين السلوك الإجرامي للجاني و النتيجة الضارة . أمّا العوامل الخارجية فتعد عوامل ثانوية أو مساعدة فحسب.
    العوامل التي تدخلت معاصرة كانت للسلوك الإجرامي أو لاحقة عليه ، و يصرف النظر عما إذا كانت هذه العوامل نادرة الحصول أم عادية ، و مهما كان مصدرها فعل الطبيعة أم فعل المجني عليه أم فعل أي إنسان آخر ذلك أنّ نشاط الجاني هو العامل الذي جعل حلقات الحوادث بعد ذلك ، فلولا سلوك الجاني لما حدث تلك النتيجة النهائية ، و بذلك تقوم المسؤولية الجنائية كاملة :
    و لا يسأل الجاني إذا كانت النتيجة الضارة واقعة لا محالة بصرف النظر عن فعله ، فلا يسأل الجاني عن النتيجة متى كان من المؤكد أنّها ستحدث حتى و لو لم يقع الاعتداء على المجني عليه ‘ فإذا تبين أنّ المجني عليه فارق الحياة بسبب السكتة القلبية قبل الاعتداء عليه . فلا يسأل الجاني لأنه لم يترتب على فعله بتسلسل الحوادث التي تؤدي بدورها إلى النتيجة الضارة.

    نظرية السبب الملائم .

    يرى أنصار هذه النظرية أنّ تقرير مسؤولية الجاني الجنائية متوقف على ما إذا كان السلوك الإجرامي الذي أتاه يصلح وفقا للمجرى العادي للأمور أن يكون سببا ملائما أو مناسبا لحدوث النتيجة الضارة . فإذا تدخلت في إحداث النتيجة الضارة عوامل شاذة غير مألوفة بحسب المجرى العادي للأمور فإنّ العلاقة السببية بين السلوك الإجرامي و النتيجة

    04
    تنتفي و لا تقوم مسؤولية الجاني الجنائية . فلا يسأل الجاني عن الوفاة إذا أحترق المجني عليه بسبب نشوب حريق بالمستشفى يعد من الأسباب الشاذة نادرة الحدوث و يسأل الجاني
    فقط عن الشروع في القتيل حسب الظروف . فلا مسؤولية للجاني عن العوامل الجانبية التي تتوسط بين فعله أو سلوكه الإجرامي و بين النتيجة .
    و يلاحظ أنّ الراجح ـ و في غياب نص قانوني يضع حلا للخلاف القائم بشأن توافر علاقة السببيةـ أن يترك أمر تقدير توافرها لقاضي الموضوع لتعذر وضع قاعدة مجردة و مطلقة في هذا الخصوص.


    الركن الشرعي للجريمة



    يعبر عن الركن الشرعي في الجريمة بمبدأ " لا جريمة ولا عقوبة ولا تدبير أمن إلا بنص في القانون " (المادة 1 ق.ع) ويهدف هذا المبدأ إلى إقامة التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع عن طريق توفير الحماية لكل من هذين المصلحتين، وبالقدر اللازم الذي لا يهدر إحداهما لفائدة الأخرى.
    ويحقق مبدأ الشرعية الحماية لمصلحة الفرد عن طريق :
    1 ـ منع السلطة من التحكم في حريات الأفراد، ومنع انتهاك حرياتهم .إذ يوجب هذا المبدأ بألا يعاقب الفرد على سلوك يأتيه إلا إذا كان هذا السلوك مجرما وقت اتيانه.
    2 ـ بيان السلوك المعتبر جريمة ، الأمر الذي يمكن الأفراد من معرفة السلوك الإجرامي والسلوك المباح:أي معرفة الوجهة الاجتماعية المقبولة لممارسة نشاطهم في مأمن من المسؤولية الجنائية.
    ويحقق مبدأ الشرعية الحماية لمصلحة المجتمع عن طريق :
    1 ـ إضفاء الصبغة القانونية على العقوبة تجعلها مقبولة باعتبارها توقع تحقيق للمصلحة العامة .
    2 ـ إسناد وضيفة التجريم والعقاب إلى المشرع وحده .ويتكون مبدأ الشرعية من عنصرين أساسيين، وهما : وجود نص سابق يجرم الفعل قبل ارتكابه،وعدم توافر المشروعية في الفعل المرتكب ،ولنتكلم في كل من هذين العنصرين على التوالي ببعض من التفصيل.
    1 ـ وجود نص سابق يجرم الفعل قبل ارتكابه
    يقضي مبدأ شرعية التجريم بعدم جواز متابعة شخص عن فعل أرتكبه. وأنزل العقاب عليه بسببه ما لم يكن هذا الفعل مجرما بنص وقت ارتكابه ويشترط في النص التجريمي جملة من الشروط نوجزها في التالي:

    أ ـ من حيث طبيعة النص التجريمي :

    يجب أن يكون النص التجريمي نصا تشريعيا : أي مكتوبا حتى يمكن للفرد معرفة الأفعال المجرمة والأفعال المباحة، ومن ثم توفير نوع من الاستقرار للنظام الجزائي ولذلك يستوجب مبدأ الشرعية اعتماد التشريع كمصدر وحيد للتجريم والعقاب، واستبعاد المصادر الأخرى .
    ويفرض مبدأ الشرعية من المشرع بعض الالتزامات في سن للنص التجريمي ، ويتعلق بعضها بمصدر التجريم، ويتعلق البعض الآخر بمضمون التجريم .

    01
    أما فيما يتعلق بمصدر التجريم : فإن مبدأ الشرعية يجعل سياسة التجريم والعقاب من صلاحيات المشرع دون غيره من الهيئات الأخرى لضمان الحماية الكافية للأفراد ويلاحظ مع ذلك إذا كانت السلطة التشريعية تملك وحدها سن النصوص التحريمية فقد تتخلى عن سلطتها إلى السلطة التنفيذية بطريق مباشر، وإلى السلطة القضائية بطريق غير مباشر.
    ومن الأمثلة على تخلي السلطة التشريعية عن سلطة سن النصوص التجريمية إلى السلطة التنفيذية ما تقوم به هذه الأخيرة من ضبط وتحديد بعض الجرائم كمخالفات المرور، أو تدخلها عن طريق الإحالة في النصوص التجريمية الصادرة عن السلطة التشريعية في بعض الجنح الخاصة بقانون الأسعار.
    ومن الأمثلة على تنازل السلطة التشريعية عن سلطة سن النصوص التجريمية إلى السلطة القضائية بطريق غير مباشر،ما اصطلح على تسميته بالنصوص المفتوحة،إذ يخول المشرع للقاضي بموجب هذه النصوص سلطة تقديرية واسعة،ومن ذلك ما تنص المادة 58 من القانون رقم : 90ــ 41 المؤرخ في 1990 /06 /02 ، والمتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي التي تعاقب على كل عرقلة لممارسة الحق النقابي.
    وأما فيما يخص مضمون التجريم ،فإن مبدأ الشرعية يلقى هو الآخر على عاتق المشرع التزامات أهمها ما يلي :
    1 ـ عدم الإفراط في التجريم والعقاب.
    2 ـ الحرص على سريان النص التجريمي على المستقيل.
    3 ـ توفر الوضوح في النص التجريمي ببيان أركان الجريمة،تحديد العقاب على نحو يسهل للقاضي تطبيق هذا النص.
    ب ـ من حيث تطبيق النص التجريمي: يحكم تطبيق النص التجريمي مبدأ تبعية القاضي للمشرع،وهي تبعية تحرم القاضي من التدخل ولو بطريق غير مباشر في سياسة التجريم
    إلا أن الملاحظ من الناحية العملية أن مبدأ تبعية القاضي للمشرع غير مطلق التطبيق بالنظر إلى ما للقاضي من سلطة تقريرية في تطبيق النص التجريمي على الوقائع المعروضة عليه تحقيق العدالة ،فيكون القاضي بذلك في مركز تقييم الإرادة المشرع. وتتجلى مظاهر السلطة التقريرية للقاضي في تطبيق النص التجريمي في مسائل ثلاثة وهي تكييف الوقائع،وتفسير النص التجريمي و صلاحيته في إستيعاد هذا النص خدمة للشرعية،ولنعرض لهذه المسائل.
    1 ـ تكييف الوقائع والجريمة :
    تنصب مسألة التكييف التي يتولاها القاضي على الوقائع والجريمة ،إذ يهدف تكييف الوقائع إلى البحث في مدى توافر التطابق بين الواقعة المرتكبة أو السلوك المرتكب مع الواقعة النموذجية أو السلوك النموذجي الذي يتضمنه النص التجريمي.


    02
    وتتجلى أهمية التكييف في أن ثبوت عدم التطابق بين السلوك المرتكب والسلوك النموذجي من شأنه أن يؤدي لزاما إلى إستعاد النص التجريمي، وتتجلى أيضا في أن ثبوت التطابق من شأنه أن يحدد العقاب والنظام الإجرامي، فالقاضي ملزم بتطبيق العقاب في حدود سلطته التقديرية .

    2 ـ تفسير النص التجريمي :
    يقتضي مبدأ الشرعية أن تفسير النصوص تفسيرا يحافظ على التوازن بين مصلحة الأفراد ومصلحة المجتمع يضاف إلى ذلك أن خصوصية ذاتية قانون العقوبات تستلزم أن يخضع تفسير نصوصه لأساليب خاصة.
    ويعتبر التفسير القضائي أهم تفسير للنص التجريمي، وهو تفسير يقوم به القاضي أثناء تطبيق النص التجريمي على الوقائع المعروضة عليه ويكاد يجمع الفقه والقضاء على أن تفسير النص التجريمي يجب أن يكون تفسيرا ضيقا لا يجيز التوسع. وهو التفسير الذي يدعمه مبدأ الشرعية مع مراعاة إرادة المشرع وقصده.
    3 ـ صلاحية القاضي في إستعاد النص التجريمي خدمة للشرعية: لا يكفي تطابق السلوك المرتكب مع السلوك النموذجي الذي يتضمنه النص التجريمي لقيام الركن الشرعي للجريمة، ذلك أن الركن الشرعي يتطلب علاوة على ذلك أن يكون النص التجريمي نفسه صالحا للتطبيق على السلوك المرتكب. وتتأكد هذه الصلاحية من خلال مراعاة الحدود الزمنية والمكانية لسريانه، وهذا ما يعبر عنه بالنطاق الزمني والنطاق المكاني لتطبيق النص التجريمي.
    أما فيما يتعلق بالنظام الزمني للنص التجريمي فإن المشكلة تثور في حالة وقوع جريمة في ظل قانون ثم يصدر قانون جديد يعدل أو يلغي القانون القديم الذي ارتكب في ظله الجريمة. فلا خلاف في أن القانون الجديد يطبق على الواقعة اللاحقة لصدوره، ولكن الإشكال يبقى قائما بالنسبة للقانون الواجب التطبيق على الوقائع السابقة لصدوره .
    ويثير هذا الإشكال مسألة تنازع القوانين من حيث الزمان .
    ويقتضي مبدأ الشرعية عدم جواز متابعة فرد من أجل سلوك ارتكبه إلا إذا كان هذا السلوك مجرما بنص سابق على وقوعه. ويفيد هذا المبدأ عدم جواز تطبيق القانون الجديد على الوقائع التي سبقت صدوره.إلا أن هذا المبدأ لا يؤخر به على إطلاقه إذ يكاد يجمع الفقه والقضاء وما يرثهم في ذلك بعض التشريعات على جواز تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي إذا كان أصلح للمتهم.وقد نص قانون العقوبات الجزائري في المادة الثانية منه على ذلك.
    ولعل من أهم تطبيقات القانون الأصلي للمتهم ما يلي:


    03
    1 ـ أن ينص القانون الجديد على تخفيض العقوبة مع الإبقاء على تجريم الفعل: هذه الحال يطبق هذا القانون على الجرم المرتكب قبل صدوره باعتباره الأصلح للمتهم شريطة أن يكون القانون الجديد قد صدر قبل الحكم نهائيا على المتهم وفقا للقانون القديم.فإذا ما صدر حكم نهائي على المتهم في ظل القانون القديم فلا يطبق القانون الجديد ولو كان الأصلح للمتهم.
    2 ـ أن يجعل القانون الجديد من الفعل الذي ارتكبه المتهم غير معاقب عليه:
    أي مباحا، ففي هذه الحال يطبق هذا القانون بأثر رجعي باعتباره الأصلح للمتهم على الفعل الذي ارتكبه المتهم قبل صدوره،حتى ولو كان قد صدر في حقه حكما نهائيا وفقا للقانون القديم، وقبل صدور القانون الجديد.
    وأما فيما يتعلق بالنظام المكاني للنص التجريمي: فيحكمه مبدأ أصلي وهو مبدأ إقليمية القانون الجنائي،ومبادئ احتياطية وهي مبدأ عينية النص الجنائي ومبدأ شخصية النص الجنائي،ومبدأ عالمية النص الجنائي،نتناولها فيما يلي لبعض من التفصيل.

    1 ـ المبدأ الأصلي :

    مبدأ إقليمية القانون: تنص المادة 3 من قانون العقوبات على أن يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية، ويعني أراضي الجمهورية، وإقليم الدولة الجزائرية وفقا للمبادئ العامة في القانون الدولي العام الإقليم البري الذي تحدده الحدود السياسية للدولة،والإقليم البحري الذي يشمل المياه الإقليمية للدولة، والإقليم الجوي الذي يشمل طبقات الجو الذي يعلو الإقليمين البري و البحري للدولة ،وقد تولى قانون الإجراءات الجزائية بيان مكان وقوع الجريمة استنادا إلى مبدأ إقليمية القانون بأن نص في المادة 586 منه على أن تعد مرتكبة في الإقليم الجزائري كل جريمة يكون عمل من الأعمال المميزة لأحد أركانها المكونة لها قد تم في الجزائر.
    ونص في المادة 590 من قانون الإجراءات الجزائية على أن تختص الجهات القضائية الجزائرية بالنظر في الجنايات والجنح التي ترتكب في عرض البحر على بواخر تحمل الراية الجزائرية أيا كانت جنسية مرتكبيها .وكذلك الشأن بالنسبة للجنايات والجنح التي ترتكب في ميناء بحرية جزائرية على ظهر باخرة تجارية أجنبية.
    ونص في المادة 591 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائرية على أن تختص الجهات القضائية الجزائرية بنظر الجنايات والجنح التي ترتكب على متن طائرات جزائرية أيا كانت جنسية مرتكب الجريمة . كما أنها تختص أيضا بنظر الجنايات أو الجنح التي ترتكب على متن طائرات أجنبية إذا كان الجاني أو المجني عليه جزائري الجنسية أو إذا هبطت الطائرة بالجزائر يعد وقوع الجناية أو الجنحة.
    وإذا كان مبدأ إقليمية النص التجريمي يعني أن يخضع كل من أرتكب فعلا جرميا على إقليم الدولة يخضع لقانون العقوبات لهذه الدولة ولو لم يكن من رعاياها الذين

    04

    يحملون جنسيتها، فأن هذا المبدأ يرد عليه استثناء إذا كانت الجريمة صادرة ممن له صفة معينة تجعله غير خاضع لقضاء الدولة سواء أكان من المواطنين أو من الأجانب ومن الأشخاص المعينون فهذا الاستثناء هم عموما: رئيس الدولة وأعضاء المجالس النيابية ورؤساء الدول الأجنبية ورجال السلك الدبلوماسي.

    2 ـ المبادئ الاحتياطية : وهي مبدأ عينية النص التجريمي، ومبدأ شخصية النص التجريمي ومبدأ عالمية النص التجريمي نعرضها في ما يلي :


    أ ـ مبدأ عينية النص التجريمي :

    يقوم هذا المبدأ على وجوب سريان قانون الدولة على الجرائم التي ترتكب خارج إقليمها ، والتي تشكل اعتداء على مصالحها بصرف النظر عن جنسية مرتكبها وقد حدد المشرع الجزائري الحالات التي يطبق عليها قانون العقوبات الجزائري بصرف النظر عن جنسية مرتكبها ، بأن النص في المادة 588 من قانون الإجراءات الجزائية على أن كل أجنبي ارتكب خارج الإقليم الجزائري بصفة فاعل أصلي أو بشريك .
    في جناية أو جنحة ضد سلامة الدولة الجزائرية أو تزييفا لنقود أو أوراق مصرفية وطنية متداولة قانون بالجزائر تجوز متابعته ومحاكمته وفقا لأحكام القانون الجزائري إذا ألقي عليه القبض في الجزائر، أو حصلت الحكومة على تسليمه لها .

    ب ـ مبدأ شخصية النص التجريمي:

    يقوم هذا المبدأ على وجوب سريان قانون الدولة على من يحمل جنسيتها ولو ارتكب جريمة خارج إقليمها .
    ويميز المشرع الجزائري في تطبيقه لمبدأ شخصية النص التجريمي بين أن تكون الواقعة المرتكبة من طرف الجزائري في الخارج جناية أو جنحة ، بأن خص كلا منهما بنص خاص .
    بأن نص في المادة 582 من قانون الإجراءات الجزائية فيما يخص الجناية على أن كل واقعة موصوفة بأنها جناية معاقب عليها من القانون الجزائري في خارج إقليم الجمهورية يجوز أن يتابع ويحكم فيها في الجزائر .غير أنه لا يجوز أن تجرى المحاكمة أو المتابعة إلا إذا عاد الجاني إلى الجزائر ولم يثبت أنه حكم عليه نهائيا في الخارج وأن يثبت في حالة الحكم بالإدانة أنه قض العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو حصل على العفو العام .
    ونص في المادة 583 من قانون الإجراءات الجزائية فيما ينص بالجنحة على أن كل واقعة موصوفة بأنها جنحة سواء في نظر القانون الجزائري أو في نظر تشريع القطر الذي ارتكب فيه يجوز المتابعة من أجلها والحكم فيها في الجزائر إذا كان مرتكبها جزائريا.

    05
    ولا يجوز أن تجرى المحاكمة أو يصدر الحكم إلا بالشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة .582 وعلاوة على ذلك فلا يجوز أن تجرى المتابعة في حالة ما إذا كانت الجنحة مرتكبة ضد أحد الأفراد الأبناء على طلب النيابة العامة بعد إخطارها بشكوى من الشخص المضرور أو ببلاغ من سلطات القطر الذي ارتكب الجريمة فيه.

    ج ـ مبدأ عالمية النص التجريمي :

    يقوم هذا المبدأ على وجوب سريان قانون الدولة التي يلقى فيها القبض على المجرم بصرف النظر عن جنسيته ومكان ارتكاب الجريمة باعتبارها تمس الجماعة الدولة.
    وتشكل بالتالي اعتداءا على مصلحة مشتركة لكل الدول بما في ذلك الدولة التي تم فيها القبض على المتهم .ولا يوجد في القانون الجزائري ما يفيد أن المشرع الجزائري قد تبنى هذا المبدأ شأنه في ذلك شأن معظم التشريعات المقارنة.
    فنص في المادة 39 من قانون العقوبات على أن لا جريمة إذا كان الفعل قد أمر أو أذن به
    القانون، وإذا كان الفعل قد دفعت إليه الضرورة الحالة للدفاع المشروع على النفس أو عن الغير أو عن المال مملوك للشخص أو للغير يشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع جسامة الاعتداء .
    ونص في المادة 40 من قانون العقوبات على أن يدخل ضمن حالات الضرورة الحالة للدفاع المشروع ، القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب لدفاع اعتداء على حياة الشخص أو سلامة جسمه أو المنع تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو توابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل .والفعل الذي يرتكب للدفاع عن النفس أو عن الغير ضد مرتكبي السرقة أو النهب بالقوة.
    يستفد من نص المادتين 39 و 40 من القانون العقوبات أن المشرع الجزائري حصر أسباب الإباحة فيما يأمر به القانون أو يأذن به وفي الدفاع الشرعي ، نعرضهما فيما يلي :
    أمر القانون أو إذنه : يقصد بأمر القانون جميع النصوص التشريعية علاوة على اللوائح في حالات معينة، ويتخذ بتقيد أمر القانون بشكل التنفيذ المباشر لأمر القانون .ومثال ما يتضمنه قانون الصحة نصوص توجب على الطبيب التبليغ على حالة مرض معدي ، ولا يعد هذا التبليغ جريمة إفشاء أسرار المهنة المعاقب عليها بنص المادة 301 من قانون العقوبات .
    وتتخذ تنفيذ الأمر الصادر من سلطة مختصة ، ومثاله أن يقوم الموظف المختص بتنفيذ حكم الإعدام بناء على أمر السلطة المختصة . فتنفيذكم الإعدام لا يعد جريمة قتل طبقا لأحكام المادة 254 وما يعدها من قانون العقوبات .


    06
    ويقصد بإذن القانون ترخيص القانون لصاحب الحق في أن يستعمل حقه . ويشترط في ممارسة الحق كسبب إباحة، وجود الحق مهما كان مصدره،وأن يلتزم صاحب الحق في استعماله لحقه حدود هذا الحق ، وتمثل قيود الحق في ممارسة الحق بواسطة صاحبه ، وأن تكون الأفعال التي أتاها لازمة لممارسة الحق ، وأن يتوفر صاحب الحق في استعماله حسن النية.


    * الدفاع الشرعي : ويقصد بالدفاع الشرعي استعمال قدر لازم من القوة لرد اعتداء حال غير مشروع على النفس أو المال ولا يتحقق الدفاع الشرعي إلا بتوافر شروط في العدوان وشروط في فعل الدفاع .
    أما الشروط الخاصة بالعدوان أي الخطر أن يكون حالا بألا يكون احتماليا أو منذرا بخطر مستقبلا، وأن يكون العدوان أو الخطر غير مشروع ، ويعتبر الخطر غير مشروع إذا كان يهدد باعتداء على حق يحميه نص تجريمي ، فلا دفاع شرعي إذا كان الفعل مباحا .وأن يقع العدوان أو الخطر على حق يحميه ونص تجريمي ويستوي في ذلك أن يكون العدوان على النفس والمال..
    وأما الشروط المتطلبة في فعل الدفاع الذي يتمثل في إتيان المعتدى عليه سلوك لصد الخطر الذي يهدد الحق الذي يحميه النص التجريمي ، وأن يكون فعل الدفاع لازما لصد الخطر من جهة، ومتناسبا معه من جهة أخرى.
    ويكون فعل الدفاع لازما لردأ العدوان أو الخطر إذا وجد عدوان وقت الدفاع، وكأن هذا الفعل هو الوسيلة الوحيدة لصد العدوان، ويكون فعل الدفاع متناسبا مع العدوان إذا كان متناسبا مع جسامته، ذلك أن ممارسته ضد الدفاع الشرعي مرهونة بالتزام حدوده والإخراج المدافع عن دائرة المباح وسقط في دائرة المحظور ويقع على عاتق من يتمسك بالدفاع الشرعي عبء إقامة الدليل على قيامه.


    بشار المصري المحامي
    جبران
    جبران


    عدد المساهمات : 66
    تاريخ التسجيل : 31/05/2010

    القصد الجنائي Empty رد: القصد الجنائي

    مُساهمة من طرف جبران 31.05.10 8:46

    شكراً على المجهود الرائع
    المستشار
    المستشار


    عدد المساهمات : 124
    تاريخ التسجيل : 22/05/2010

    القصد الجنائي Empty رد: القصد الجنائي

    مُساهمة من طرف المستشار 22.07.10 10:44


    الف الف شكر
    وتقبل مروري
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 307
    تاريخ التسجيل : 18/05/2010

    القصد الجنائي Empty رد: القصد الجنائي

    مُساهمة من طرف Admin 24.07.10 8:21


    مشكور ويعطيك العافية
    روان الشامي
    روان الشامي


    عدد المساهمات : 105
    تاريخ التسجيل : 24/07/2010

    القصد الجنائي Empty رد: القصد الجنائي

    مُساهمة من طرف روان الشامي 07.08.10 9:37


    مشكور وبارك الله فيك
    رياض الحمادي
    رياض الحمادي


    عدد المساهمات : 47
    تاريخ التسجيل : 20/06/2010

    القصد الجنائي Empty رد: القصد الجنائي

    مُساهمة من طرف رياض الحمادي 11.08.10 16:19


    مشكور وجزاك الله الف خير

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 18:41