المنتدى القـــانوني للمحـــامي عصــــام البــــاهلي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المنتدى القـــانوني للمحـــامي عصــــام البــــاهلي

منتدى قانونية يقدم خدمات شاملة في مجالات المحاماة والاستشارات القانونية ( العـــدالة ) رسالتنا و( الحق ) غايتنا وايمانا منا بان المحاماة رسالة سامية نقدم هذا الموقع المتخصص للقانونيين


2 مشترك

    الشهادة في ميزان الشرع والقانون ج1

    ماجد القطوي
    ماجد القطوي


    عدد المساهمات : 15
    تاريخ التسجيل : 02/11/2011

    الشهادة في ميزان الشرع والقانون ج1 Empty الشهادة في ميزان الشرع والقانون ج1

    مُساهمة من طرف ماجد القطوي 11.06.16 23:02

    تعريف الشهادة وبيان طبيعتها


    التعريف اللغوي للشهادة


    إن التعـريف اللغوي له علاقة سواءً مبـاشـرة أو غير مبـاشـرة بالتعـريف الشرعي، لهذا فأنه يفضـل التعريف اللغوي الذي له علاقـة مباشرة بالتعريف الشرعـي أو الاصطلاحـي.

    - الشهــادة في اللغة: مصــدر من الفعل شهــد: بمعنى أخبــر أو حضــر أو عايــن، فيقــال: شهـد شهـادة، فهو شـاهد وَالْجَمْعُ أَشْهــاد وشُهــود، وهو شَهيــدٌ وَالْجَمْعُ شُهَــداء. واسْتَشْهَــدَه: سأَله الشَّهَادَةَ.
    وقد يأتي لفظ شَهِــدَ بِمَعْنَى عَلِــمَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: (وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين) ، (وَالله على كل شَيْء شَهِيد) إي عليم.

    - ولفظ الشهادة يطلق أيضا على كثير من المعاني اللغوية لعل أهمها ما يأتي:

    1- فَالشَّهَــادَةُ لُغَةً : هي الْخَبَــر الْقَاطــع، وَالْحُضُــورُ وَالْمُعَايَنَــةُ.
    يُقَال: شَهِدَ بِكَذَا إِذَا أَخْبَرَ بِهِ ، وَشَهِدَ كَذَا إِذَا حَضَرَهُ أَوْ عَايَنَهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
    وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْخَبَرِ الْقَاطِعِ: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا}[يوسف : 81]  وَاسْتِعْمَالُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى كَثِير.

    - وَهِيَ كذلك إمَّا أَنْ تَكُونَ مَأْخُوذَةً مِنْ الْمُعَايَنَة والمشاهدة، وَقَدْ أُشِيرَ إلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَــدْ وَإِلَّا فَدَعْ» وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَتَسْمِيَةُ الْإِخْبَارِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي شَهَادَةً يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ حَيْثُ أُطْلِقَ اسْمُ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ.
    وَمِنَ الشَّهَــادَةِ بِمَعْنَى الْمُعَايَنَــةِ: قَــوْله تَعَــالَى: {وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَــادُ الرَّحْمَــنِ إِنَاثًا أَشَهِــدُوا خَلْقَهُــمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُــمْ وَيُسْأَلُـونَ} [الزخرف : 19]، قَال الرَّاغِبُ الأْصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ مَعْنَاهَا: " وَقَوْلُهُ: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ}، يَعْنِي أَشَهِدُوا مُشَاهَدَةَ الْبَصَرِ ".

    - أَوْ أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الشُّهُودِ بَمَعْنَى الْحُضُور: لِأَنَّ الشَّاهِدَ كان حاضراَ عند التحمل وَحضر بَعْدَ ذلك مَجْلِسَ الْقَاضِي لِأداء الشَّهَادَةِ بما وقع في حضوره، فَيُطْلَقُ عَلَيْهَا شَهَادَةٌ مَجَازاَ، ومن ذلك الْحَدِيث الشَّرِيف «وَالْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ» فلفظ " شَهِدَ " بِمَعْنَى " حَضَرَ ".
    وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْحُضُورِ: قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة : 185]،قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِها " وَشَهِدَ بِمَعْنَى حَضَرَ".*

    - وشهود القضاء يجتمع فيهم كل ما سبق، حيث أن الشهادة تعني الخبر القاطع الذي يفيد العلم اليقيني بمقتضى الحضور والمعاينة.

    2- كما أن الشهــادة قد تأتـي في اللغة بمعنى: الْقَسَــمِ أَوِ الْيَمِيــنِ، ومنها قَوْلـه تَعَالَــى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النور : 6]. قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: " الشَّهَادَةُ مَعْنَاهَا الْيَمِينُ هَاهُنَا ".*

    3- وَقد تأتي الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الإْقْرَارِ: ومنها قَوْله تَعَالَى: {شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ}[التوبة : 17].فَإِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْسِ هِيَ الإْقْرَارُ.*





    4- وَتُطْلَقُ الشَّهَادَةُ أَيْضًا عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ. (وَهِيَ قَوْلُنَا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) وَتُسَمَّى الْعِبَارَةُ (أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) بِالشَّهَادَتَيْنِ.
    وَمَعْنَــاهُمَـا هُنَا مُتَفَرِّعٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْمَعْنَيَيْنِ (الإْخْبَــارُ وَالإْقْــرَارُ) ، فَإِنْ مَعْنَى الشَّهَادَةِ هُنَا هُوَ الإْعْــلاَمُ وَالْبَيَــانُ لأِمْرٍ قَدْ عُلِمَ وَالإْقْرَارُ الاِعْتِرَافُ بِهِ ، وسُمِّيَ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِالتَّشَهُّدِ، وَهُوَ صِيغَةُ (تَفَعَّل) مِنَ الشَّهَادَةِ.

    5- وقد تطلقَ الشَّهَــادَة بِمَعْنَى الْعَلاَنِيَــةِ: ومنها قَوْله تَعَالَى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}[الأنعام : 73]. أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال فِي مَعْنَى هَذِهِ الآْيَةِ: " السِّرُّ وَالْعَلاَنِيَة ".

    6- وتطلقَ الشَّهَــادَة بِمَعْنَى الْمَــوْتِ فِي سَبِيـــل اللَّهِ: ومنها قَــوْله تَعَالَــى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِيـــنَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}[النساء : 69]. فَهُوَ شَهِيدٌ قَدْ رَزَقَهُ اللَّهُ الشَّهَادَةَ، جَمْعُهُ شُهَدَاءُ.

    -  وقد استعمل الفقهاء لفظ الشهادة في الدلالة على جميع المعاني السابق ذكرها، كما استعملوا لفظ الشهادة في الإخبار بحق للغير على الغير في مجلس القضاء، وهو موضوع البحث في هذا المصطلح.


    التعريف الاصطلاحي للشهادة في الفقه الإسلامي

    - يطلق عليها جمهور الفقهاء البينة، والبينة (الشهادة) حجة شرعية ووسيلة من وسائل الإثبات بإجماع العلماء.
    لكن العلماء مختلفون في المراد بها، فهي عنـد جمهور العلماء مرادفة للشهادة، أمـا عنـد ابن تيمية وابن القيم فلا تختص بالشهود، بل هي أعم من هذا، شــاملة لكل ما يبين الحق ويوضحه، وقد عتب عليهم ابن القيم في هذا التخصيص فقال:" البينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره ومن خـصَّ البينة بشهـادة الشهـود لم يوف مسماها حقه "، ولم تــأت البينة قـط في القــرآن مرادا بها الشهـود وإنمــا أتت مـراداً بهـا الحجـة، والدليـل، والبرهـان كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ}، وقال: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}، وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "البينــة على المدعــي" المـراد به أن عليـه بيــان ما يصحح دعـواه وإثبـاتهـا بأي طـريقة من طـرق الإثبـات ليـحكم له، والشهـادة من البينـة، ولا ريب أن هناك غـيرها من أنواع البينـة، وقد يكون أقوى منها، (كدلالة الحال على صدق المدعي فإنها أقوى من دلالة إخبار الشاهد).

    - ومع أن جمهـور العلمـاء يرون أن البينة مرادفة للشهود فإنني لم أجد -كما لم يجد بعض الباحثين من قبلي ممن كتبوا في هذا الموضوع- تعليلا لتخصيص البينة بالشهود.
    ولعــل الذي حدا جمهور العلماء على أن يخصوا البينـة بالشهود: أن البينة قد وردت في النصوص الشرعية في أكثر من موضع مرادا بها الشهود وحدهم، من ذلك ما أخـرجه البخـاري وأبـو داود، والترمذي عن ابـن عبـاس -رضي الله عنهما- "أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي -صلى الله عليه وسلم- بشريك بن سحماء، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "البينة أو حد في ظهرك".
    ومن المعلـوم أن القـرآن الكريـم نـص قبل هذه الحادثة على أن البينـة التي تثبت بهـا جريمة الزنـا هي أربعـة شهـود، وهو قول الله عـز وجـل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور : 4].
    ومن ذلك أن النبـي - صلى الله عليه وسلم - اختصم إليه الأشعث بن قيس مع آخر في بئر، فقال له النبـي - صلى الله عليه وسلم: "بينتــك أو يمينـه" وفي رواية أخرى في نفس الواقعة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال له: "شاهداك أو يمينه"، وهذا يعد تفسيرا للفظ البينة الوارد في الرواية الأولى.
    ولعــل الجمهور أيضا لاحظوا أن القـرآن الكريـم اعتبر الشهـادة أساسا للإثبـات في مواضع مختلفة، ففي البيـع يقول الله عز وجل: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُم}[البقرة : 282]، وفي الطلاق والرجعة يقول عز وجل: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}[الطلاق : 2]، وفي الديــون يقول عز وجل: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْــنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة : 282]، وفي الوصيــة في السفر يقول عـز وجـل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَـادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَـرَ أَحَدَكُمُ الْمَـوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}[المائدة : 106].
    هذا، ومع أن جمهـور العلمـاء يرون أن البينـة مـرادفة للشهـود, فإنهم لا يقصـدون أن وسائل الإثبات منحصـرة في الشهـادة، بل إن مـرادهم أن البينــة إذا أطلقت لا تنصـرف إلا إلى الشهــادة، مع وجـود وسـائل أخرى للإثبـات تكلموا عنهـا كالإقـرار، وعلم القـاضي، وغيرهمــا، إلا أن هـذه الوسائل لا تسمى عندهم بينة، وإنما يسمونها بأسمائها.*
    - وقد سمى الشهود بينة لحصول البيان بقولهم، وارتفاع الإشكال بشهادتهم، فالشهود يتبين بهم الحق أي: يظهر الحق بشهادتهم.
    - وقد اتـفق الْفُقَهَــاءُ على استعمال لَفْظَ الشَّهَـادَةِ في الاصطلاح للدلالة على: الإْخْبَارِ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ فِي مَجْلِسِ القضاء،وإن اختلفوا في عبارات تعريفها على النحو التالي:

    - الشهادة عند فقهاء الشافعية:
    - فقد جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج - لابن حجر الهيتمي - في كتاب الشهادات: أن الشهـادات جَمْعُ شَهَادَة، وَهِيَ اصْطِلَاحًا: ( إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ بِلَفْظٍ خَاصٍّ)، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَـوْله تَعَـالَى: {وَاسْتَشْهِـدُوا شَهِيـدَيْـنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة : 282]، {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة :282]، وَخَبَـرُ الصَّحِيـحَيْـنِ «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِـدَاك أَوْ يَـمِينُهُ»، وَخَبَـرُ «أَنَّهُ – صَلَّـى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّـمَ – سُـئِلَ عَنْ الشَّهَادَةِ، فَقَالَ لِلسَّائِلِ: تَرَى الشَّمْسَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ.
    - وقَوْلُهُSadبِلَفْظٍ خَاصٍّ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ بِشَرْطِهِ.  وَأَرْكَانُهَا: شَاهِدٌ وَمَشْهُودٌ لَهُ، وَعَلَيْهِ، وَبِهِ، وَصِيغَةٌ(أشهد بكذا).

    - كما جاء في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - لشمس الدين الرملي - أن الشهـادة اصطلاحاً هي: (إخْبَـارٌ عَنْ شَيْءٍ بِلَفْظٍ خَاصٍّ)، وَالْأَصْـلُ فِيهَا آيَاتٌ كَآيَةِ: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ}[البقرة : 283]، وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ».
    - وَعَرَّفَهَا الْجَمَل مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهَا: (إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ بِلَفْظِ أَشْهَدُ).
    - الشهادة عند فقهاء الحنفية:
    - جاء في رد المحتار على الدر المختار - لابن عابدين - في كتاب الشهادات: أن الشهـادة هِي لُغَـةً: خَبَرٌ قَاطِعٌ. وَشَرْعًـا: (إخْبَـارُ صِدْقٍ لِإِثْبَـاتِ حَقٍّ بلَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي) وَلَوْ بِلَا دَعْوَى كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ.(وَرُكْنُهَا لَفْظُ أَشْهَدُ).
    - وعَرَّفَهَا الْكَمَال مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهَا: (إِخْبَارُ صِدْقٍ لإِثْبَاتِ حَقٍّ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ).

    - وجاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق - لابن نجيم المصري - أن الشهـادة في الاصطـلاح هي: (إخْبَـارٌ صَادِقٌ فِي مَجْلِـسِ الْحُـكْمِ بِلَـفْظِ الشَّهَادَةِ)، وَلَمْ يَقُولُوا بَعْدَ دَعْوَى لِتَخَلُّفِهَا عَنْهَا فِي نَحْوِ عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ فَلَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى شَرْطًا لِصِحَّتِهَا مُطْلَقًا.
    - وعَرَّفَهَا البعض بقوله: (الشهادة) لغة: خبر قاطع، وشرعا: أخبار صدق لإثبات حق. وركنها: لفظ "أشهد".
    - وجاء في درر الحكام في شرح غرر الأحكام - للملا خسرو – الشهـادة هي: (إخْبَـارٌ بِـحَقٍّ لِلْغَـيْرِ عَلَى آخَـرَ) بِلَفْظِ الشَّهَـادَةِ عِنْدَ الْقَاضِـي، سَوَاءٌ كَانَ حَـقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَـقَّ غَيْرِهِ (عَنْ يَقِيـنٍ) أَيْ نَاشِئًا عَنْ يَقِينٍ (لَا عَـنْ حُسْبَـانٍ وَتَخْمِيـنٍ)، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَـوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَأَيْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ»،(وَرُكْنُهَا) الدَّاخِلُ فِي حَقِيقَتِهَا (لَفْظُ أَشْهَدُ) بِمَعْنَى الْخَبَرِ دُونَ الْقَسَم.
    - الشهادة عند فقهاء المالكية:
    - عَرَّفَهَا الدَّرْدِيرُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: (بِأَنَّهَا إِخْبَارُ حَاكِمٍ مِنْ عِلْمٍ لِيَقْضِيَ بِمُقْتَضَاهُ).
    - وجاء في بلغة السالك لأقرب المسالك - للصاوي المالكي - أن الشهـادة تُطْلَقُ لُـغَةً: عَلَى الْحُضُورِ، نَحْوُ: شَهِدَ زَيْدٌ مَجْلِسَ الْقَوْمِ. وَعَلَى الْعِلْـمِ نَحْوُ: " شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ " ،وَهِيَ عُـرْفًا(اصطلاحاً): (إخْبَـارُ عَـدْلٍ حَاكِمًا بِمَا عَلِمَ وَلَوْ بِأَمْرٍ عَامٍّ لِيَحْكُمَ بِمُقْتَضَاهُ)، فَقَدْ لَا تَتَـوَقَّفُ عَلَى تَقَدُّمِ دَعْوَى؛ كَإِعْلَامِ الْعُدُولِ بِرُؤْيَتِهِمْ الشَّهْرَ فَيَحْكُمُ بِثُبُوتِهَا، وَقَوْلُهُمْ: حُكْمُ الْحَاكِمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ، مُرَادُهُمْ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْخُصُـومَاتِ؛ وَقَدْ لَا يَتَوَقَّفُ.
    - أما عن هَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَأْدِيَةِ الشَّهَـادَةِ لَفْظُ أَشْهَـدُ بِخُصُوصِهِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟   قَوْلَانِ: أَظْهَـرُهُمَا عَـدَمُ الِاشْتِرَاطِ بَلْ الْمَـدَارُ فِيهَا عَلَى مَا يَــدُلُّ عَلَى حُصُولِ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِمَا شَهِدَ بِهِ - كَرَأَيْت كَذَا أَوْ سَمِعْت كَذَا أَوْ لِهَذَا عِنْدَ هَذَا كَذَا - فَلَا يُشْتَرَطُ لِأَدَائِهَا صِيغَةٌ مُعَيَّنَةٌ.



    - وجاء في الفواكه الدواني - للنفراوي الأزهري المالكي - في أحكام الشهادات: جَمْعُ شَهَـادَةٍ وَهِيَ فِي اللُّـغَةِ: الْبَيَانُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الرَّسُولُ شَاهِدًا وَالْعَالِمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا يُبَيِّنَانِ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ. وَفِي الِاصْطِـلَاحِ كَمَا قَالَ ابْـنُ عَـرَفَةَ: (هِيَ قَـوْلٌ بِحَيْثُ يُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ سَمَاعَهُ والْحُكْمَ بِمُقْتَضَاهُ إنْ عَدَلَ قَائِلُهُ مَعَ تَعَدُّدِهِ).

    - الشهادة عند الفقهاء الحنابلة:
    - جاء في الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل - للحجاوي - في كتاب الشهادات: واحدها شهادة ،تطلق على التحمل والأداء، وهي حجة شرعية تظهر الحق ولا توجبه وهي: (الأخبار بما علمه - الشاهد - بلفظ خاص)
    - وجاء في  حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع - لابن قاسم العاصمي - في كتـاب الشهـادات: واحدها شهـادة، مشتـقة من المشـاهـدة، لأن الشاهد يخبر عما شاهده، وشهد الشيء إذا رآه، وتطلق الشهادة على التحمل والأداء، وهي: (الإخبار بما علمه، بلفظ: أشهد أو شهدت).
    - وتسمى بينة لأنها تبين ما التبس، وتكشف الحق في المختلف فيه.
    - بلفظ: أشهـد أو شهـدت:  هذا المشهـور في المذهـب، وعنه: لا يلـزم وهو مذهب مـالك، واختـاره الشيـخ وتلميـذه وغيرهما، فقال الشيخ: ولا يشترط في أداء الشهادة لفظ أشهد، وهو مقتضى قول أحمد وغيره، ولا أعلم نصا يخالفه.
    وقال ابـن القيـم: الإخبار شهادة محضة، في أصح الأقوال، وهو قول الجمهور فإنه لا يشترط في صحة الشهادة لفظ أشهد، بل متى قال الشاهد رأيت كيت وكيت أو سمعت أو نحو ذلك، كانت شهـادة منه، وليس في كتـاب الله ولا في سـنة رسـوله صلـى الله عليه وسلـم موضع واحد يـدل على اشتـراط لفـظ الشهـادة، ولا عـن رجل واحد من الصحـابة، ولا قيـاس ولا استنبـاط يـقتضيه، بل الأدلة المتظافرة من الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة، ولغة العرب، تنفي ذلك.

    - وجاء في شرح الزركشي: الشهـادات جمع شهـادة وهي الإخبار عما شوهد أو علم، ويلزم من ذلك اعتقاد ذلك، ومن ثم كذب الله المنافقين في قـولهم لـرسول الله – صَلَّـى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّـمَ - {نَشْهَـدُ إِنَّكَ لَـرَسُولُ اللَّهِ}[المنافقون : 1] لأن قلوبهـم لم تواطئ ألسنتهـم، والشهادة يلزم منها ذلك، فإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم، وإذا لم يصدق إطلاق نشهد.
    - ومن ذلك قَـوْله تَعَـالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة : 185] أي من حضـر منكم الشهر، وقَوْله تَعَالَى:{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المجادلة : 6] أي محيط، فالأول من الحضـور، والثاني من الإحـاطة بالشيء، وهو أعـم من الأول، واشتقاقها قيـل: من المشاهدة، لأن الشاهد يخبر عما يشاهده، وقيل لأن الشاهد بخبره يجعل الحاكم كالشاهد للمشهود عليه، وتجيء الشهادة بمعنى الخبر.
    - وَعَرَّفَهَا الشَّيْبَانِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنَّهَا: (الإْخْبَارُ بِمَا عَلِمَهُ بِلَفْظِ أَشْهَدُ أَوْ شَهِدْتُ).

    - وقد جاء في تعريف الشهـادة عند الفقهـاء المتأخريـن كما في الشرح الممتع على زاد المستقنع - لابن عثيمين - في كتاب الشهادات: قـوله: «الشهادات» جمـع شهـادة، وأصلهـا من شهــد يشهــد الشيء إذا حضـره، ونظـر إليـه بعينـه، قـال الله تعالـى: {إِلاَّ مَنْ شَهِـدَ بِالْحَـقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف : 86]، فلا بد من علم.
    واصطـلاحاً: إخبـار الإنسـان بما على غيـره لغيـره بلفظ أشهـد ونحوها، فيرون أنه لا بد من إخبار بلفظ أشهد، وقد يكون الإخبار بما علمه مطلقاً، كشاهد الهلال ـ مثلاً ـ بلفظ أشهد.
    وقيل: إن الشهادة إخبار الإنسان بما يعلمه مطلقاً، سواء بلفظ أشهد أو بدونه؛ ولهذا لما قيل للإمام أحمد رحمه الله: إن علي بن المديني ـ فيما أظن ـ يقول: أقـول: إن العشـرة بالجنـة ولا أشهـد، قال: إذا قال ذلك فقد شهـد، فالصحيح أن الشهــادة أن يخبـر الإنسـان بما يعلمه، سواء بلفظ أشهد أو بغيره.



    - طبيعة الشهادة في مجلة الأحكام العدلية وبيان تعريفها:

    - وذلك بحسب ما جاء في الباب الأول من الكتاب الخامس عشر الخاص بالبينات على اعتبار أن الشهادة نوع من البينات:
    - الْمَادَّةُ (1684): الشَّهَـادَةُ هِيَ الْإِخْبَـارُ بِلَـفْظِ الشَّهَـادَةِ0 يَعْنِي بِقَوْلِ: أَشْهَـدُ بِإِثْبَـاتِ حَـقِّ أَحَـدٍ الَّذِي هُـوَ فِي ذِمَّـةِ الْآخَـرِ فِي حُضُـورِ الْقَاضِـي وَمُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ , وَيُقَالُ لِلْمُخْبِرِ: شَاهِدٌ , وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ: مَشْهُودٌ لَهُ , وَلِلْمَخْبَرِ عَلَيْهِ: مَشْهُودٌ عَلَيْهِ , وَلِلْحَقِّ: مَشْهُودٌ بِهِ.
    - المادة (1687): لا تعتبر الشهادة التي تقع في خارج مجلس المحاكمة.
    - المادة (1689): إذا لـم يقـل الشـاهد: أشهـد , بل قـال: أعـرف الخصوص الفلاني هكذا , أو أخبـر بذا، لا يكون قد أدى الشهادة؛ ولكن على قوله هذا, لو سأله القاضي: أتشهد هكذا؟ وأجاب بقوله: نعم هكذا أشهد, يكون قد أدى الشهادة. وإن كان لا يشترط لفظ الشهادة في الإفادات الواقعة لمجرد استكشاف الحال كاستشهاد أهل الخبرة فإنها ليست بشهادة شرعية وإنما هي من قبيل الأخبار.         (ركنها لفظ أشهد).

    - الشهادة في القانون اليمني:

    - عــرفت المـادة (26) من القــرار الجمهوري بالقانون رقم (21) لسنة 1992م بشأن الإثبــات، والمعدل بالقانون رقم (20) لسنة 1996م الشهادة بقولها: الشهادة (إخبار في مجلس القضاء من شخص بلفظ الشهادة لإثبات حق لغيره على غيره).
    - و ميزة هذا التعريف أنه قد جاء موافقاً لآراء الأكثرية من فقهاء الشريعة الإسلامية، حيث بين طبيعة الشهادة بأنها نوع من التصرفات الإخبارية التي يكون الغرض منها إثبات حق لغير المخبر على غيره، مميزاً لها عن الإخبارات الأخرى من دعوى وإقرار وغيرهما، كما أنه قد أكد على أن الشهادة المعتبرة شرعاً وقانوناً لا تكون إلا في مجلس القضاء وأمام قاضي من شخص بلفظ الشهادة بقوله أشهد بكذا.

    وهو ما أكدت عليه المادة (41) من قانون الإثبات اليمني بقولها: يشترط في الشهادة ما يأتي :ـ
    1- أن تكون في مجلس القضاء في حضور المشهود عليه أو وكيله أو المنصوب عنه.
    2- أن تؤدى بلفظ أشهد.                            3- أن تتقدمها دعوى شاملة لها.
    4-  أن لا تكون بالنفي الصرف إلا إذا اقتضى الإثبات وأن لا يكذبها الواقع.

    - كما أن قانون الإثبات اليمني قد عرف الشهادة بالنظر إلى مقاصدها والحاجة إليها في الإثبات عند الأداء بعد تحملها.
    -  كما أن ميزة هذا التعريف أنه يجمع بين التعريف الشرعي والقانوني فالشهادة تعد حجة وبينة شـرعية، ووسيـلة من الوسـائل القانونية لإثبات الحقوق بكافة أنواعها، إلا ما أستثني بنص خاص. فالشهادة أصل في الإثبات.
    - وقد عدها المشرع اليمني كأولى طرق الإثبات في المادة (13) بقوله: طرق الإثبات هي :          1-  شهادة الشهود.               2 -  الإقرار.
    3-  الكتابـة.           4-  اليمين وردها والنكول عنها.           5-  القرائن الشرعية والقضائية.         6-  المعاينة (النظر).                 7-  التقرير. 8-  استجواب الخصم.





     
    - مشروعية الشهادة:

    - ثبتت مشروعية الشهادة بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.*
    - أما الكتاب: ففي قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة:282]  وقـــوله تعالـى: {وَأَشْهِـدُوا ذَوَيْ عَـدْلٍ مِنْــكُمْ}[الطلاق : 2]، وقـــوله تعالـى: {وَأَشْهِــدُوا إِذَا تَبَــايَـعْتُمْ}[البقرة : 282]، وقـوله تعالـى: {وَلاَ تَكْتُمُـوا الشَّهَـادَةَ}[البقرة : 283]، وقـوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}[النور : 4]، وغيرها من الآيات.
    - وأمـا السنة: فأحاديث كثيرة منها: ما أخرجـه البخـاري في صحيحه من حـديث الأشعث بن قيس - رضي الله تعالى عنه -، عندما أختصم مع رجل في بئر، أن النبـي- صلى الله عليه وسلم- قال له: (شاهداك أو يمينه). وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهSadألك بينة) قلت: لا، قال: (فليحلف).
    وقوله - صلى الله عليه وسلم - للحضرمي: " ألك بينة ".في رواية لمسلم.
    وما أخرجه البيهقي في سننه بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه). والبينة هي الشهادة.
    وروى ابـن عبـاس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم – سئـل عن الشهـادة، فقال: " هل ترى الشمس؟ " فقال: نعم! قال: " على مثلها فاشهد أو دع».
    - وأما الإجماع: فإنه لا خلاف بين الأمة على مشروعيتها.
    - وأما المعقول: فلأن الحاجة داعية إليها لإثبات الحقوق لحصول التجاحد بين الناس، فوجب الرجوع إليها.

    - أركان الشهادة:

    - الركـن في اللغـة: الجانب الأقوى والأمر العظيم، وما يقوى به من ملك وجند وغيرهما، والعز، والمنعة. وأركان كل شيء: جوانبه التي يستند إليها ويقوم بها.
    وركن الشيء في الاصطلاح: ما لا وجود لذلك الشيء إلا به.
    وهو " الجزء الذاتي الذي تتركب الماهية منه ومن غيره بحيث يتوقف تقومها عليه ".(جزء من الماهية لا يقوم الشيء إلا به).*

    - أركان الشهادة عند جمهور الفقهاء خمسة أمور: الشاهد، والمشهود له، والمشهود عليه، والمشهود به، والصيغة.
    وركنها عند الحنفية: اللفظ الخاص، وهو لفظ (أشهد).

    - وقـد أخــذ قانـون الإثبـات اليــمني برأي الجمهـور في أركـان الشهـادة، وذلك من خلال تعريفه للشهادة في المادة (26): (الشهادة إخبار في مجلس القضاء من شخص بلفظ الشهادة لإثبات حق لغيره على غيره) على النحو التالي:
    1- الشاهد: الشخص المخبر، وهو حامل الشهادة ومؤديها.
    2- المشهود له: الذي له الحق (لغيره).
    3- المشهود عليه: الذي عليه الحق (على غيره).
    4- المشهود به: الحق، وهو موضوع الشهادة، ومضمون التحمل والأداء.
    5- الصيغة: الإخبار بلفظ الشهادة، بلفظ (أشهد) مادة (41).

    - حكم تحمل الشهادة وأداءها:

    1- الشهادة على حقوق العباد:
    - أتفـق الفقهـاء المسلمون على أن تحمل الشهادة وأداؤها فرض على الكفـاية؛ لقول الله تعالى: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}[البقرة : 282]، وقوله تعالى: {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}[البقرة : 283]، وقوله تعالى: {وأقيموا الشهادة لله}[الطلاق : 5].
    ولأن الشهادة أمانة، فلزم أداؤها عند الطلب، كسائر الأمانات قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.
    فـإذا قـام بها العدد الكافي (كما سيأتي) سقط الإثم عن الجماعة، وإن امتنع الجميع أثموا كلهم، فإن دعي إلى تحمل شهادة في نكاح أو دين أو غيره، لـزمته الإجابة، وإن كانت عنده شهـادة فدعي إلى أدائها لـزمه ذلك، فـإن قـام بالفـرض في التحمـل أو الأداء العدد المطلـوب (نصاب الشهادة) سقط عن الجميع، وإن امتنع الكل أثموا.
    وإنما يأثم الممتنع إذا لم يكن عليه ضرر، وكانت شهادته تنفع، فإن كان عليه ضرر في التحمل أو الأداء في بدنه، أو ماله، أو أهله، أو عرضه، أو كان ممن لا تقبل شهادته، أو عجز عن أداءها، أو يحتاج إلى التبذل في التزكية ونحوها، لم يلزمه؛ لقول الله تعالى: {ولا يضار كاتب ولا شهيد} [البقرة : 282]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار» أخرجه ابن ماجه.
    ولأنه لا يلزمه أن يضر بنفسه لنفع غيره. وإذا كان ممن لا تقبل شهادته، لم يجب عليه؛ لأن مقصود الشهادة لا يحصل منه.*
    - س: وهل يأثم بالامتناع إذا وجد غيره ممن يقوم مقامه؟
    فيه وجهان: أحدهما، يأثم؛ لأنه قد تعين بدعائه، ولأنه منهي عن الامتناع بقوله: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}[البقرة : 282].
    والثاني، لا يأثم؛ لأن غيره يقوم مقامه، فلم يتعين في حقه، كما لو لم يدع إليها.
    - وأما قول الله تعالى: {ولا يضار كاتب ولا شهيد}[البقرة : 282].
    فقد قـرئ بالفتـح والرفـع، فمن رفع فهو خبـر، معناه النهـي، ويحتمل معنيين؛ أحدهمـا، أن يكون الكاتب فاعـلا؛ أي لا يضر الكاتب والشهيد من يدعوه، بأن لا يجيب، أو يكتب ما لم يستكتب، أو يشهد ما لم يستشهد به.
    والثاني، أن يكون " يضار " فعل ما لم يسم فاعله، فيكون معناه ومعنى الفتح واحدا؛أي لا يضر الكاتب والشهيد بأن يقطعهما عن شغلهما بالكتابة والشهادة، ويمنعا حاجتهما، أو الإضرار بهما إطلاقاً.*

    - وقد يكون تحملها وأداؤها أو أحدهما فرضا عينيا إذا لم يكن هناك غير ذلك العدد من الشهود الذي يحصل به الحكم، وخيف ضياع الحق.

    - إلا أنـه إذا كانت الشهـادة متعلقة بحقـوق العبـاد وأسبـابها أي في محض حـق الآدمي، وهو ما له إسقاطه كالدين والقصاص: فلا بد من طلب المشهـود له لوجـوب الأداء، فإذا طلب وجب عليـه الأداء، حتى لو امتنع بعد الطلب يأثـم، ولا يجـوز له أن يشهـد قبل طلب المشهود له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد) أخرجه البخاري، ولأن أداءها حق للمشهود له، فلا يستوفى إلا برضاه، وإذا لم يعلم رب الشهادة بأن الشاهد تحملها استحب لمن عنده الشهادة إعلام رب الشهادة بها،

    2- الشهادة على حقوق الله تعالى:
    - وإذا كانت الشهادة متعلقة بحقوق الله تعالى، وفيما سوى الحدود،كالطلاق والعتق وغيرها من أسباب الحرمات فيلزمه الأداء حسبة لله تعالى عند الحاجة إلى الأداء من غير طلب من أحد من العباد.
    - وأما في أسباب الحدود من الزنا والسرقة وشرب الخمر فالستر أمر مندوب إليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة) أخرجه مسلم، ولقـوله للذي شهـد عنده: "لو سترتـه بثوبـك لكان خيـرا لك"ولأنه مأمـور بدرء الحد. وصـرح الحنفية بأن الأولى الستر إلا إذا كان الجاني متهتكا، وبمثل ذلك قال المالكية.

    - سبب أداء الشهادة:

    - سبب أداء الشهادة طلب المدعي الشهادة من الشاهد، أو خوف فوت حق المدعي إذا لم يعلم المدعي كونه شاهدا.

    - يجب أداء الشهادة إذا طلبها المدعي لأنها حقه، فتتوقف على طلبه كسائر الحقوق.
    - أما إذا كان صاحب الحق لا يعلم بها، وخاف الشاهد فوت الحق على صاحبه، فقد أختلف العلماء في ذلك على النحو الآتي:
    القول الأول: يـرى فريق من العلماء أن أداء الشهادة حينئذ مندوب وليس واجبا، وقد استدلوا لرأيهم بقول الله تبارك وتعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} فإن الله تبارك وتعالى فرض أداء الشهـادة إذا دعي الشهـداء إلى الأداء، فإذا لم يدع الشاهد إلى الأداء كان الأداء ندبا لما روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "خير الشهود الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها".
    القول الثاني: وقـال فريق آخر يجب عليه أن يشهـد بلا طلب من صاحب الحق -وهو الصحيح- ويستندون إلى ما ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قـوله: "انصـر أخاك ظالما أو مظلوما" فقد تعين أن ينصره بأداء الشهادة التي هي عنده، إحياء لحقه الذي يكاد أن يضيع عليه، هذا قي حقوق العباد.
    أمــا في حقـوق الله تبـارك وتعالـى -وهي كل ما ليس للمكلف إسقاطه- فيـجب أداء الشهـادة فيهـا بـلا طلب من أحـد، وقد استثنى العلماء من حقوق الله عز وجل الحدود،فبينوا أن الشاهد في الحدود مخير بين الستر والإظهار؛ لأن إقامة الحدود حسبة، والستر على المسلم حسبة، والستر أفضل، لقـول الرسـول -صلى الله عليه وسلم- للذي شهد عنده: "لو سترته بثوبك لكان خيرا لك" وقوله -صلى الله عليه وسلم: "من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة" وقد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عرض لماعز بالرجوع عن الإقرار بالزنا.*

    - حجية الشهادة:

    - الشهادة حجـة من الحجج الشرعيـة تثبت بها جميع الحقوق،سواءً كانت من حقوق الله الخالصة أومن حقوق العباد،مهما كانت قيمة الشيء المدعي به، طـالما توفر النصاب المشترط للحـق المدعي به، وطـالما توفرت الشروط والضوابط التي قررها الفقه الإسلامي لهذه الشهادة، سواء تعلقت بالشاهد وما يتعلق به من تزكية، وتحمل، وأداء،ومعاينة للمشهود به،أو سماع فيما يقبل السماع فيه،أو تعلقت بالمشهود له،أو المشهود به.
    - والشهادة ليست كالإقرار القاصر على المقر وحده، إنما هي حجة متعدية يثبت بها الحق المدعي به على الغير.*

    - والشهادة حجة شرعية تظهر الحق ولا توجبه،ولكن توجب على الحاكم أن يحكم بمقتضاها.لأنها إذا استوفت شروطها مظهرة للحق والقاضي مأمور بالقضاء بالحق. {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}[ص : 26].
    - فقد جاء في رد المحتـار على الدر المختـار - لابن عابدين - على وجـوب الحـكم على القاضي بموجب الشهادة بعد التزكية، بمعنى وجوب الحـكم فـورا بلا تأخـير، إلا فـي ثــلاث: خـوف ريبة ورجـاء صلح أقارب وإذا استـمهل المـدعي عليه. (فلو امتنع) بعد وجود شرائطها (أثم) لتركه الفرض (واستحق العزل) لفسقه (وعزر) لارتكابه ما لا يجوز شرعا (وكفر إن لم ير الوجوب) أي إن لم يعتقد الفرض عليه.
    - كما نصت المادة (1828) من مجلة الأحكام العدلية على أنه: (لا يجوز للقاضي تأخير الحكم إذا حضرت أسباب الحكم وشروطه بتمامها).
    وقد جاء في درر الحـكام في شرح مجلة الأحـكام - لعلي حيدر خواجه -على أن القاضـي يـجب عليـه القضـاء بعد تزكيـة الشهـود، فلذلك إذا وجـدت شـرائط الحكم لا يجوز للقاضي تأخير الحكم،انظر المادة (1828)،فإذا أخر ذلك يكون آثما بترك الواجب ويستحق العزل؛إلا أنه يجوز تأخير الحكم لأسباب ثلاثة: أولا - أن تكون الدعوى بين الأقرباء فيأمل القاضي حصول الصلح بينهما. ثانيا - أن يدعي المدعى عليه أن لديه دفعا للدعوى ويطلب الإمهال. ثالثا - أن يكون لدى القاضي ريب وشبهة في الشهود.



    - وقد أكد القانون اليمني على أنه - وبشكل عام - لا يجوز للقاضي إن يمتنع عن الحكم فيما ولي فيه وإلا عد منكراً للعدالة - مادة (186) من قانـون العقوبـات اليمني - والمادة (24) من قانـون المرافعـات اليمني - كما أن القانـون اليمني ألـزم المحـكمة - القاضي – بعـدم التأخير في إصـدار الحـكم متى انتـهت المحـاكمة وتوافـرت أسبـابه وكانت الخصـومة صالـحة للفصـل فيهـا مادة (219 ، 220) من قانون المرافعات، ويجب عليها أن تحـكم في كل طلـب أو دفع قدم إليها مادة (221) من قانون المرافعات، كما أن القاضي لا يجوز له الحكم بغير الحق مادة (188) من قانون العقوبات، كما أن القاضي يخضع لنظام دعوى المخاصمة، وللمساءلة الجنائية والتأديبية.

    .....يتبع الجزء الثاني،،،
    ali123
    ali123


    عدد المساهمات : 44
    تاريخ التسجيل : 25/10/2010

    الشهادة في ميزان الشرع والقانون ج1 Empty رد: الشهادة في ميزان الشرع والقانون ج1

    مُساهمة من طرف ali123 06.09.17 5:27

    الف شكررررررر

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 15:43