صفات المحامي ومقومات النجاح
يقول هيزيود : إن المحراث الذي يستعمل لفلاحة الأرض يجب أن يقوم على مائة قطعة خشب تختلف عن بعضها البعض … كذلك من يريد أن يصبح محامياً جيداً عليه أن يجهز نفسه بمائة أداة . فبالإضافة إلى علم القانون يجب أن يتقن الحوار والحجة واللغة والجدل والأعراف والعادات ، ويكون على معرفة جيدة بالعلوم والتاريخ والسياسة والأدب .
ثم إن وظيفة المحامي تتطلب الشيء الكثير من العبقرية والخيال لاستنباط الحجج القوية المؤيدة لرأيه .
والمحامي رجل علم وقانون لكن يجب أن يتحلى بالإضافة إلى ذلك بالموهبة وسرعة البديهة دون أن يتخلى عن مكارم الأخلاق . فالمحاماة أولاً : محبة وعطاء … نجدة وغيرية ... شرف واستقامة.
لذلك على المحامي التحلي بجملة صفات تجعله خليقاً بحمل رسالة المحاماة ، وتضعه في طليعة المجتمع وأهم هذه الصفات هي :
-1- الصدق والأمانة :
إن الصدق والأمانة يفترضان بالمحامي أن يتجنب أثناء ممارسة عمله كل تشويه للحقيقة بما يتنافى وحمل الأمانة العلمية والأدبية . وأن لا يدع سبيلاً أمام رغبته في ربح الدعاوى إلى استعمال وسائل تتنافى والأخلاق .
إنما لا يعيب المحامي أن يعتمد أقوال موكله ، ولكن عليه أولاً أن يحاول استجلاء الحقيقة كاملة من موكله ثم يخبره بكل صراحة عن موقفه من الدعوى ونسبة نجاحها . فإذا ما ظهر من الموكل نية في استعمال وسائل غير مشروعة أو منافية للأخلاق ، يجب على المحامي إرشاده وإخباره بموقفه المنافي للأخلاق ويجب عليه أن لا يتردد في التخلي عن الدعوى إذا ظهر من الموكل إصراراً على استعمال هذه الوسائل .
-2- النزاهة :
يفترض بالمحامي أن يتحلى بالنزاهة أثناء قيامه بممارسة مهنته ، والنزاهة تستوجب عدم قيام المحامي بالأعمال التي تخل بالإدارة القضائية كاستخدام الرشوة التي تضع المحامي أمام المساءلة القانونية ناهيك عن المساءلة الأخلاقية ، من خلال كسب دعوى غير مشروعة إضافة إلى إفساد الجهاز القضائي . فالمحامي رجل قانون ومن باب أولى أن يتوخى إحترام القانون والنظام .
-3- الشرف والاستقامة :
على المحامي أن لا ينحرف ولا يشذ عن السلوك القويم والأخلاق ، بل يجب عليه أن يكون مثالاً يحتذى به .
فأول واجبات المحامي في التمسك بالشرف والاستقامة هو عدم الإساءة إلى مركز موكله القانوني من خلال الاتصال بالخصم دون علم الموكل وموافقته أو تقديم المساعدة أو المشورة الحقوقية لخصم الموكل.
-4- اللباقة و الأدب :
يتوجب على المحامي أن يلتزم اللباقة والأدب في جميع أعماله وخاصة في المحكمة خلال كلامه وحركاته وأسلوب مخاطبته القضاة أو الخصوم ، وأن تكون عباراته مهذبة وموزونة وعليه أن يتجنب العبارات المبتذلة ، فكلامه يحتسب عليه .
وإذا جاءه أحد المتقاضين بعد أن يكون قد ترك مكتب محام زميل له ، فعليه أن يستوضحه عن أسباب هذا الترك وأن يخبر الزميل المذكور ويسأله عما إذا كان قد قبض أتعابه من الموكل ... قبل قبول الوكالة .
-5- الدماثة
يجب على المحامي أن يتحلى بالصبر ودماثة الخلق ، وأن لا يضن بسمعه على صوت بائس فيواسيه ويقف إلى جانبه ، كيما يبعث الطمأنينة في نفس طالب العون ويزرع الثقة فيها من جديد ، فيشعر بالراحة من كلام المحامي وبفضل مراجعته له .
وقد سمى بييرو كالاماندري مهنتي الطب والمحاماة ( بالحرف الخيرية ) ، بسبب ممارسة الأطباء والمحامون طقوساً من التضامن الاجتماعي في مواساة البؤساء .